يمتاز شهر رمضان بخصوصية مميزة لدى المسلمين في جميع أنحاء العالم، بالنظر لأهمية الأحداث التي تزامنت وهذا الشهر الكريم، ففضلا عن الفتوحات والمعارك الإسلامية، تميز هذا الشهر بميلاد مجموعة من الشخصيات والأئمة الذين طبعوا مسار التاريخ الإسلامي.
من أبرز هذه الشخصيات التي ظلت خالدة وموشومة في الذاكرة الإسلامية، الإمام الحسن بن عليّ المجتبى، الذي يعتبر واحدا من أهم الشخصيات البارزة التي لازال التاريخ الإسلامي يشهد على عظيم إسهاماته في ترسيخ القيم والمبادئ الإسلامية السمحة.
ولد الإمام الحسن ليلة 15 رمضان من السنة الثالثة للهجرة، في المدينة المنورة، وهو الولد الأكبر لوالديه، وكانت تسميته من قبل جده الرسول، كنيته: “أبو محمّد”. ومن ألقابه: المجتبى، الزكيّ، والسّبط، والزّاهد، وغيرها، ووالده: الإمام علي بن أبي طالب، ووالدته السيدة فاطمة الزهراء. وله أخوة من أبيه الإمام علي (ع)، أشهرهم العباس (ع)، ومحمد ابن الحنفية.
هو واحد من أهل الكساء المعصومين، الذين نزلت فيهم الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}. وقد تميّز (ع) بأخلاقه الإيمانية العالية، وبحلمه، وتواضعه، ولاسيّما مع الفقراء، ولطالما عبر الرّسول (ص) عن حبه الدائم له، وكان يقول: “اللهم إني أحبه فأحبه”.
بويع بالخلافة بعد وفاة أبيه، في أواخر سنة أربعين للهجرة، وكان في السابعة والثلاثين من عمره، إلا أن حكمه لم يستمر أكثر من بضعة أشهر، بعد أن أخذ معاوية بن أبي سفيان البيعة لنفسه في الشام.
وكاد يدخل في حرب مع الإمام، ولكن الإمام، وحرصًا على الإسلام والمسلمين، ونتيجة بيئة لم تكن مؤهلة أبدًا للمواجهة، اختار الصلح مع معاوية، وذلك في العام 41 للهجرة، على أن يعود الحكم بعده للإمام الحسن، ومن بعده للإمام الحسين، غير أن معاوية نقض بنود الصلح.
بعد الصلح، غادر الإمام الحسن الكوفة إلى المدينة. وبعد عشر سنوات، وفي 7 صفر سنة 50 هـ، مضى شهيدًا، بعد أن دسَّت إحدى زوجاته السم له بتخطيطٍ من معاوية، وكان في السابعة والأربعين من عمره، قضى منها سبع سنوات مع جده الرّسول (ص)، وثلاثين سنة مع أبيه، وعشر سنوات إمامًا للمسلمين.
وقد دفن في البقيع في المدينة المنورة، عند جدته فاطمة بنت أسد، بعد أن مُنِع الحسين، من دفنه في جوار جده الرسول (ص).