سؤال: البرلمانات العربية تلتقي وتتلاقى من حين لآخر أو في اجتماعات دولية فهل هي تتعاون بالفعل؟
الحبيب المالكي: كل المجالات التنسنيقية من أجل التواصل والبحث عن حلول مشتركة لا يمكن إلا آن نساندها، والاتحاد البرلماني العربي يقوم بهذا الدور منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وهناك مواضيع توحد البرلمانات العربية بالأساس وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ومحاربة الإرهاب. هذه مواضيع أعتبرها نقط التقاء ونقط إجماع بين كل البرلمانات العربية، لكن البرلمان في حد ذاته هو أداة مرحلية في مسلسل البناء الديموقراطي، وبرلماناتنا الآن مرآة للمرحلة الانتقالية. فالنضج الديموقراطي لا يمكن آن يأتي من الفوق، إنه تفاعل مع الأحداث وانبثاق من تربة المجتمع .
سؤال: أليس هذا التدرج بطيئا نوعا ما، عندما نقارنه بالعالم من حولنا ؟
الحبيب المالكي: الديموقراطية ليست وصفة جاهزة قابلة للتطبيق، أنا أؤمن بالخيار الديموقراطي الذي اعتبره اختيارا مجتمعيا، إذ لا يمكن آن نستمر بدون ديموقراطية، لكن في الوقت نفسه لابد من مراحل انتقالية.
إنني ممن يؤمنون بهذا الطرح والتصور، بغض النظر عن وتيرة البناء الديموقراطي البطيئة في عالمنا العربي نظرا لبعض التفاعلات السلبية، لكن ينبغي أن نؤمن حقا أن هذه التوترات والأزمات لا يمكن تجاوزها إلا بالبناء الديموقراطي السليم .
سؤال: للمغرب تاريخ طويل في دعم حق الشعب الفلسطيني، وفي عروبة القدس بالأساس، وخصوصا في الأزمة الأخيرة الخاصة بقرار دونالد ترامب في تفعيل مسألة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والبرلمانات العربية الآن لديها انشغالات فلسلطين - القدس، والإرهاب ، فماذا نحن فاعلون بخصوص القدس في ظل قوة تعطل قرار مجلس الأمن لا تعتد بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ؟
الحبيب المالكي: القضية الفلسطينية تضررت أساسا لأننا أصبحنا سجناء مواقف نعتبرها مبدئية ولا تقبل المناقشة، حتى أصبحت هذه المواقف دون مصداقية بالنسبة لشعوبنا. لقد حان الوقت لاتخاذ قرارات ملموسة. وهذا لا يمكن ان يتم ويؤثر على مجرى الأحداث إلا إذا تحركت الجامعة العربية واتخذت مواقف جريئة في هذا المجال.
نحن نعتبر أن قرار إدارة ترامب خطير جدا ويناقض الشرعية الدولية وكل ما قررته الأمم المتحدة. لقد حان الوقت لتتخذ الجامعة العربية بعض القرارات في المجال الدبلوماسي والاقتصادي، بدون ذلك لي اليقين بأن القضية الفلسطينية ستصبح نقطة خلاف بيننا لا نقطة توحد الصف العربي، وهذا خطر جديد يهدد الجامعة العربية، ويهدد مستقبل بلداننا. إذا لم نجد حلا جريئا للقضية الفلسطينية، أنا متأكد من أن المنطقة كلها ستعيش تراجعا كبيرا جدا في كل المجالات.
سؤال: قرارات جريئة تتخذها الجامعة مثل ماذا؟
الحبيب المالكي: أنا لست عضوا في الجامعة العربية، لكن للجامعة العربية ما يكفي من تجربة لتتخذ ما يجب اتخاذه .
سؤال: هل هي مواقف مبدئية أم أطروحات قديمة راسخة في عقول معينة بعضها يحمل تاريخا غير جيد، وبعضها يحمل تاريخا أكثر من جيد؟ هل هي متعلقة بالمبادئ أم أنها متعلقة بشخصنة الأمور؟
الحبيب المالكي: أولا ينبغي أن نعمل جميعا كجامعة عربية لتوحيد أشقائنا الفلسطينيين وهذا شيء ضروري، فالمنطلق هو وحدة الصف الفلسطيني، وأنا متأكد أن وحدة الصف الفلسطيني ستساعد وستساهم في وحدة الصف العربي، فالشعب الفلسطيني في حاجة إلى الأمل وإلى متنفس جديد. وهذه الآمال مرتبطة بقدرة العالم العربي على اتخاذ القرارات الضرورية للجواب عن الاستفزاز الكبير كنتيجة لقرار الإدارة الأمريكية الحالية.
سؤال: الاستفزازات ستظل موجودة، وستظل القرارات الأمريكية مع الأسف الشديد فاعلة ، طالما هناك تياران يتصارعان على السلطة أو يختلفان، وهناك خلاف آخر "فتح وحماس"، ثم إن هناك ما تفضلتم بوصفه بخلافات عربية حول القضية، هل يعقل أن هذا الإقليم الثري وصاحب المهمة الجيوسياسية والذي يقع في موقع استراتيجي تجاري وتكنولوجي، أن يكون بهذا الضعف الشديد لدرجة أنه يصل في أحايين إلى تسول قرار أمريكي، لماذا؟
الحبيب المالكي: لأن الأوضاع العربية أوضاع متأزمة كل واحد ينفرد بأخذ مواقف معينة إزاء قضايا مشتركة، لذلك، فالتوقيت ليس بريئا من طرف الإدارة الأمريكية ، في ظل أزمة يعيشها العالم العربي، أزمة متعددة الأبعاد. اتخذ القرار لأن الإدارة الأمريكية تعلم بانه سوف لا يكون هناك أي رد فعل قوي.
لقد قام الملك محمد السادس كرئيس لجنة القدس، بما ينبغي أن يقوم به كرئيس لهذه اللجنة، لكن ليست هناك مبادرات قوية تجعل من القرار الأمريكي منطلقا لتصور جديد لمستقبل وطننا العربي، هذا هو بيت القصيد.
سؤال: هل بعض المصالح العربية الأمريكية تحول دون اتخاذ مواقف عربية أكثر قوة أو أكثر جذرية لو صح التعبير؟
الحبيب المالكي: ما يتحكم الآن في أوضاعنا الداخلية، هو العوامل الخارجية.
سؤال: تفضلتم بالقول في منتصف الحوار "أنا لست متشائما"، ولكن هل لديكم قدر من التفاؤل يقول إننا سنرى أن التحكمات داخل المنطقة العربية وفي قراراتنا ليست خارجية؟
الحبيب المالكي: من يؤمن بالعقل يظل متفائلا.