تفاجأت هيئة دفاع المشتكيات والمطالبات بالحق المدني في ملف توفيق بوعشرين بحجم “التناقضات المكشوفة والمزاعم المفضوحة” التي قالت إنها وردت في المقال الصادر في جريدة “أخبار اليوم”، في عددها ليومه الإثنين، والتي يعتبر مدير نشرها هو المتهم الرئيسي في هذا الملف.
فالجريدة ادعت أن المتهم سرد تناقضات كبيرة في تصريحات المشتكية خلود الجابري، والحال أن المحكمة لم تعط نهائيا الكلمة للمتهم توفيق بوعشرين للرد على أقوال خلود، على اعتبار أن هذه الأخيرة واصلت تصريحاتها إلى غاية ساعة متأخرة من مساء يوم الجمعة المنصرم، وهو ما اضطر المحكمة لتأجيل الجلسة ليوم الإثنين لاستئناف الاستماع إلى إفادة نفس المشتكية. فكيف للمتهم أن يستعرض التناقضات وهو لم يتناول الكلمة في إطار التعقيب”، يؤكد مصدر مقرب من هيئة دفاع المشتكيات.
ويردف ذات المصدر، بأن الجلسة المنصرمة تناولت فقط تصريحات نعيمة الحروري وتعقيب المتهم توفيق بوعشرين، فضلا عن الجزء الأول من إفادة خلود الجابري، في انتظار مواصلة المناقشات في جلسة اليوم، نافيا تسجيل أية تناقضات في هذا الصدد. بل على العكس من ذلك، كانت تصريحات الحروري متوازنة ومنسجمة مع محضر الضابطة القضائية، وجعلت المتهم هو الذي يسقط في تناقضات صارخة بعدما تضاربت أقواله بخصوص بعض التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالملف، خاصة في معرض جوابه على بعض الأسئلة التي طرحها دفاع الضحايا.
وكان المتهم قد حاول إضفاء مسحة سياسية على الملف، لإبعاده عن خلفياته ومنطلقاته القانونية والقضائية، وذلك عندما دفع بوظيفة المشتكية كعضو في ديوان مسؤولة حكومية تنتمي لحزب سياسي، في محاولة لخلق مؤشرات تقارب وهمية بين وظيفة الشاكية وبين وضعها كضحية في الملف. وهو الدفع الذي ردت عليه المشتكية ودفاعها بأنه خارج السياق ولا ينتج أي أثر في الدعوى ولا يمكن أن يساهم في بناء القناعة الوجدانية لهيئة المحكمة في هذا الملف.
وفي نفس السياق، يستعد دفاع الضحايا لتقديم ملتمس إلى المحكمة يروم استدعاء القيادي الاتحادي السابق حسن طارق للاستماع إلى إفادته حول التصريحات التي أدلى بها المتهم، والتي زعم فيها أن هذا الأخير كان قد أشعره بواقعة اعتقاله قبل أيام من وقوعها. وهي التصريحات التي سجل بشأنها دفاع الضحايا مجموعة من التناقضات: هل يتعلق الأمر بإشعار هاتفي أم بالواتساب أم بواسطة رسالة خطية أم تصريح شفهي؟ ولماذا لم يدفع بها المتهم في مرحلة الاستنطاق أمام النيابة العامة؟ ويراهن دفاع الضحايا على هذه الإفادة، خصوصا وأنها ستدفع حسن طارق لقول الحقيقة تحت أداء القسم والحلف القانوني.
وبدورها، عبرت هيئة دفاع المشتكية خلود الجابري عن استغرابها الشديد لما تم الترويج له من تناقضات مفترضة ووهمية في تصريحات المشتكية، والحال أنها جددت كل ما جاء في محضر أقوالها أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وعرضت أمام المحكمة معاناتها بكثير من العفوية والتلقائية والمشاعر الإنسانية. أما بخصوص الحديث عن تصريحات إعلامية سابقة لخلود كانت تنسب لها أنها لم تتعرض للاغتصاب، فقد أوضح مصدر مقرب من هيئة دفاعها، بأن المحكمة لا تحكم، ولا تعتمد، إلا على ما راج أمامها وتداولت بشأنه، ولا علاقة لها بأقوال وتصريحات صدرت في الإعلام أو في مواقع التواصل الاجتماعي.
واستطرد ذات المصدر، بأن جريمة الاغتصاب لا تشترط لقيام عناصرها التكوينية المادية والمعنوية افتضاض البكارة، وفق ما قصدته الضحية، وإنما تقوم بمجرد المواقعة بالغصب والإكراه وانعدام الرضا، وهو ما تضمنته التصريحات التمهيدية لكافة المشتكيات ومن ضمنهم خلود الجابري.
وشدد ذات المصدر على أن السؤال المحوري في ملف توفيق بوعشرين ليس هو الحديث عن التناقضات في أقوال الضحايا والمشتكيات والتبشير بالفتح الإعلامي المبين، وإنما هو الجواب عن سؤال جوهري “من هو الشخص الذي يظهر في الفيديوهات والأشرطة المحجوزة؟” هل هو توفيق بوعشرين أم أنه شخص آخر؟ وقتها ستتضح الحقيقة، ويتم جبر الضرر بالنسبة لضحايا هذه الجرائم البشعة