“أنا مريض ولا أستطيع الدفاع عن نفسي، لا أستطيع المشي، عدت لا أرى جيدا، دافعت عنكم وأنا الآن لا أستطيع الدفاع عن نفسي”...
كلمات حزينة موجعة تدمي الوجدان خرجت من فم عزيز قوم يريد الأنذال إذلاله وهو في أرذل عمره الدا عبد النور الفارس الذي يأبى أن يترجل أبدا و المحامي الحر الذي دافع على مدار عقود من الزمن عن العلمانيين والشيوعيين والإسلاميين على حد سواء وأسس لحقوق الإنسان أول رابطة كانت سندا لكل المضطهدين والمقموعين في هذا البلد .
عميد الحقوقيين والوزير الأسبق علي يحيى عبد النور البالغ من العمر 98 عاما مهدد بالطرد من مسكنه الواقع بأعالي العاصمة، مشيرة إلى أن مصلحة أملاك الدولة أبلغت عبد النور بضرورة إخلاء مسكنه الذي يقيم به منذ ستينات القرن الماضي، باعتباره من الأملاك التابعة للدولة، والتي لم تسو وضعيتها بعد.
ويعتبر علي يحيى عبد النور عميد الحقوقيين الجزائريين وأشهرهم، ولد عام 1921 بعين الحمام بولاية تيزي وزو، وانضم إلى الثورة التحريرية واعتقل من طرف سلطات الاحتلال الفرنسي، وبعد الاستقلال شارك في الجمعية التأسيسية التي وضعت القوانين وبنت أسس مؤسسات الدولة الجزائرية، وتولى منصب وزير الأشغال العامة ثم وزير الزراعة قبل أن يستقيل سنة 1967، ومنذ ذلك الوقت وهو يقيم في منزله الذي هو عبارة عن شقة متواضعة في نهج بوقرة بالأبيار، والتي تعود ملكيتها إلى الدولة، والتي أقام فيها بوصفه وزيرا في الحكومة، ورغم الطلبات المتكررة التي تقدم بها علي يحيى عبد النور طوال عقود من الزمن إلى السلطات من أجل تسوية وضعية هذه الشقة، ودفع ثمنها، إلا أن السلطات رفضت طلبه، في حين حصل آخرون على أملاك وفيلات فاخرة بالدينار الرمزي.
وقد اشتهر علي يحيى عبد النور بتأسيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سنة 1985، والتي لم تعترف بها السلطات الجزائرية رسميا إلا سنة 1989، كما اشتهر بالدفاع عن الكثير من المتهمين في قضايا سياسية بمختلف التوجهات من سعيد سعدي الرئيس السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ( العلماني) إلى عباسي مدني الرئيس السابق لحزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ، لم يفرق يوما علي يحيى عبد النور بين موكليه، وهو الأمر الذي جعله في كثير من الأحيان محل انتقادات من هؤلاء وأولئك، فالعلمانيون لاموه لدفاعه عن الإسلاميين، والإسلاميون انتقدوه بسبب مواقفه العلمانية، ولكنه رغم ذلك يبقى يحظى بشبه إجماع باعتباره من أكثر الشخصيات احتراما ونزاهة ونظافة يد.
وقد أشعل خبر التهديد بطرد علي يحيى عبد النور من مسكنه مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر الكثير من المغردين أن النيل من رجل مثله، والسعي إلى رميه وعائلته في الشارع عار وعيب، وستبقى وصمة عار في جبين الذين يقفون وراء هذا الأمر، واعتبروا أن ما يتعرض له عميد الحقوقيين الجزائريين هو انتقام منه بسبب مواقفه من النظام الحالي طوال عقود من الزمن ما أوسخ هذا البلد.
الصحفي و الناشط الحقوقي حسن بوراس