نشير بداية أنه وباعتبارنا بلدا ديمقراطيا لابد من احترام قرار البرلمان الأوروبي القاضي بوقف اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، ولكن لابد من مناقشته ووضع النقط على الحروف وتسجيل على أنه لم يحترم متانة العلاقات المغربية الأوروبية وأنه ضد مطامح شعوب ضفتي البحر الأبيض المتوسط. فالبرلمان الذي هو حر في التصويت يعرف جيدا أن المغرب حاصل على الوضع المتقدم داخل الاتحاد الأوروبي، وهي صفة لم يحصل عليها غيره وما زالت تركيا التي ترتبط جغرافيا مع الاتحاد تتمناه، وهي صفة أكبر من الشريك قريبة من العضوية، وهذه الصفة تمنحه وضعا اعتباريا داخل الاتحاد الأوروبي وهو ما كان يلزم برلمانيي أوروبا الانتباه له قبل التصويت المفاجئ ضد اتفاقية الصيد البحري. وفي السنة التي لم تنقض قررت الجمعية البرلمانية لمجلس أوربا في دورة عادية بستراسبورغ منح المغرب صفة "شريك من أجل الديمقراطية" من خلال اعتماد قرار1680، ووفقا لتأكيد البرلمان المغربي عزمه على ضمان الإقرار التام للالتزامات السياسية المنصوص عليها في المادة 60 من نظام الجمعية، ويعتبر المغرب أول بلد عربي إفريقي من خارج المجموعة الأوربية يحصل على صفة "شريك من أجل الديمقراطية"، حيث كان المجلس الأوربي قد اعتمد في يناير 2010 بندا جديدا يقضي بمنح هذه الصفة للبرلمانات في الدول المجاورة غير الأعضاء في الجمعية للاستفادة من مختلف التجارب من أجل تعزيز الديمقراطية، وتوطيد مبادئ حقوق الإنسان والمشاركة في النقاش السياسي حول القضايا المشتركة التي تتجاوز الدول الأوربية. إن إلغاء اتفاقية الصيد البحري كان مفروضا أن يسبقه مفاوضات، ويتم التمديد ولو لبضعة أسابيع لأن من شأن هذا الإلغاء أن يضر بمصالح أطراف عديدة سواء منها المغرب أو بعض الدول الأوروبية المعنية بالصيد وعلى رأسها إسبانيا التي تطالب اليوم بتعويضات مهمة عن نتائج هذا القرار السلبية، القرار الذي لم يحترم المصالح المشتركة بين بلدان ضفتي الأبيض المتوسط ولم يحترم إرادة المغرب. غير أنه لابد من التمعن في هذا القرار ومسبباته، فهو قرار يحمل رسالتين، الأولى كون أن شعوبا محلية لا تستفيد من اتفاقية الصيد البحري في إشارة مبطنة إلى الصحراويين، وإذا كان في الاتحاد الأوروبي عقلاء فإنهم سيعرفون أن الصحراويين يعيشون تحت الراية المغربية وأنهم مغاربة مثلهم مثل إخوانهم في الشمال، أما إذا كان المقصود هو جبهة البوليساريو، فهذه تؤكد ومن خلال شهادات أبنائها أنها عصابة تابعة للنظام الجزائري أصبحت متخصصة في نهب المساعدات الدولية للمحتجزين بمخيمات تندوف. أما الرسالة الثانية، فهي متعلقة بتخوف الاتحاد الأوروبي من حكومة الإسلاميين برئاسة عبد الإله بنكيران، وهو تخوف محكوم بمحددين، الأول هو أنه على الاتحاد الأوروبي أن يعرف أن المغرب دولة قائمة الأركان وليست مرتبطة بتحول الحكومات، أما الثاني وهو ضرورة الاعتراف بالحق في التخوف نظرا لطبيعة الحكومة الجديدة، وهو ما يتطلب من بنكيران بعث رسائل مطمئنة من خلال اختيار أشخاص قادرين على التفاعل مع شركاء المغرب خصوصا في الخارجية والصيد البحري والفلاحة باعتبارهم المفاوضين الأساسيين.