إدريس شكري
تجندت جرائد ومواقع وصفحات على "الفايسبوك" لشن حملة شرسة ضد مقاطعة منتوجات ثلاث شركات ( إفريقيا/ سيدي علي/ وسنطرال ليتيير)، وشحذت سكاكينها لذبح "المداويخ"، مما يعني أن الحرب على المقاطعة، يقوم به بعض الذين يأكلون "غلة" تلك المنتوجات، فلا عيب أن يكري الواحد منهم، أو كلهم، "حنكوا"، و أن يرغم القارئ على شرب سيدي علي وسنطرال ليتيير كما حاولت الأم أن تقنع طفلها بأكل البطاطيس.
وبالمقابل تفنن المقاطعون في نشر أشرطة فيديو تصور نجاح المقاطعة واستمرارها، و أطلقوا المزيد من الدعوات للاستغناء عن تلك المنتوجات.
وبقدر ما تراجعت نسبة بيع المحروقات في محطات التوزيع "إفريقيا"، بقدر ما زادت حرقة المدافعين عن هذا المنتوج، و اضطروا إلى شرب قنينات سيدي علي لإطفاء هاذ الشحفة، وعلب كارتون حليب "سنطرال" لاكتساب المزيد من القدرة على إدانة المقاطعة، التي كانوا في البداية يتهمون "الخوانجية" بالوقوف وراءها قبل أن يضطروا إلى توجيه صك الاتهام إلى الشركات الأجنبية أو الوطنية المنافسة.
طبعا كلا الفريقين غير محق في ما يلجأ إليه، لأن المقاطعة لا ينبغي أن تصبح تشفيا في منتوج وطني، بل يجب أن تبقى مجرد وسيلة للتعبير عن الاحتجاج عن ارتفاع أسعار منتوجات هذه الشركات التي تحتكر حصة الأسد من السوق الوطنية، كما أن الدفاع عن هذه الشركات، لا ينبغي أن يكون بشعار: " بالروح بالدم نفديك يا..." في تحقير صارخ لموقف المواطن البسيط، وإنما بتقديم الحجج والمبررات التي جعلت أسعار هذه المنتوجات صاروخية، حتى أصبحت غير قابلة للتحمّل.
الوضع يقتضي إذن الجلوس إلى الطاولة، بين ممثلي هذه الشركات و المقاطعين، عفوا جمعيات حماية المستهلكين، التي ـ ربما ـ حان الوقت لتمارس دورها كاملا في "الوساطة" بين المنتج والمتسهلك صيانة لحقوق الطرفين معا مادامت القوانين المنظمة لمجلس المنافسة لا تسمح له بالقيام بهذا الدور.
إنها فرصة لخلق حوار جاد ومسؤول، لا يحتاج قطعا إلى طبالة وغياطة تيقلبوا على شكون يعلق ليهم الحمرة و الزرقة أو براحة باغين التنر ديالهم باش إغوتوا مزيان، بل إلى عقلاء يقيسون السلم الاجتماعي بميزان الذهب.