خلال جلسة محاكمته يوم 10 أبريل 2018، أثار زعيم الفتنة في الريف، ناصر الزفزافي، مسألة تعنيفه من طرف أفراد القوات العمومية أثناء إلقاء القبض عليه، وأسهب في إعطاء تفاصيل حول ادعاءاته.
وبالرجوع إلى ملف القضية نفسها يلاحظ أن محضر الإيقاف المنجز بتاريخ 29 ماي 2017 من طرف أمن الحسيمة، يفيد بأن المعني بالأمر قاوم بعنف عناصر القوات العمومية التي كلفت بإيقافه، مما أدى إلى إصابته إصابات بسيطة تتمثل في جرح على مستوى الرأس وكدمة أسفل العين اليسرى وكدمة أخرى أعلى وركه من الجهة اليسرى. كما تضمن محضر الاستماع إلى ناصر الزفزافي المنجز في نفس اليوم 29 ماي 2017 على الساعة العاشرة ليلا تصريحا للمعني بالأمر يفيد فيه أنه تلقى العلاجات الضرورية من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لحظة وصوله إلى مقرها، وذلك على إثر إصابته على مستوى رأسه وصدغه الأيسر وفوق وركه الأيسر أثناء عملية إيقافه بالحسيمة.
ثانيا : خلال مثوله أمام النيابة العامة يوم 05/06/2017، لاحظ ممثلها آثار هذه الإصابات وضمنها ضمن المطالبة بإجراء التحقيق، وأسند النظر في أمر إجراء خبرة بشأنها لقاضي التحقيق.
ثالثا : بمناسبة مثوله أمام قاضي التحقيق في نفس اليوم 05/06/2017، صرح ناصر الزفزافي بحضور دفاعه أنه تعرض للعنف أثناء إيقافه، وأضاف - للمرة الأولى – أن العناصر التي قامت بإيقافه عملت على "اقتياده خارج البيت وقام أحدهم بإيلاج عصا خشبية على مستوى دبره، وقاموا بحك جوارب متسخة على وجهه وأنفه".
وعاين قاضي التحقيق جرحا على مستوى رأسه بحجم سنتمتر واحد ونصف مخاط بغرزتين، بالإضافة إلى زرقة أسفل عينه اليسرى واحمرار على مستوى وركه الأيسر، فأمر بإجراء خبرة طبية على المعني بالأمر من طرف طبيب شرعي.
خلال هذا الاستنطاق أكد ناصر الزفزافي أن الإصابات كلها كانت في لحظة إلقاء القبض عليه بالحسيمة، وأنه خلال فترة الحراسة النظرية التي تمت بمقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء عومل معاملة حسنة ولم يتعرض لأي عنف أو تعذيب أثناء الاستماع إليه، كما أنه تمت خياطة الجرح الذي كان موجودا برأسه.
رابعا: بتاريخ 08/06/2017 أجريت الخبرة الطبية، وقد تضمن التقرير تصريحات ناصر الزفزافي التي أدلى بها للطبيب، وأكد تعرضه للعنف الذي أدى إلى الإصابات المذكورة سابقا لحظة إيقافه داخل منزل ما بين الساعة السادسة والسابعة صباح يوم 29 ماي 2017. موضحا أن أحدهم أدخل أصبعه في فمه، مضيفا أنه كان مقيد اليدين إلى الخلف، وأنه كان يفضل لو تم تعذيبه جسديا بدل تعذيبه لفظيا.
وأكدت معاينات الطبيب الشرعي وجود أثر كدمة في مستوى أعلى الورك الأسفل (أسفل الظهر) وآثار جرح في حجم سنتمتر واحد ونصف على الرأس، وأثر كدمة أسفل العين اليسرى، وأرجع الخبير هذه الآثار لما يزيد عن عشرة أيام. ولم يؤكد التقرير وجود أي إصابات أخرى.
خامسا: خلال الجلسات الأولى أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أثار دفاع المتهم هذه الادعاءات بمناسبة إثارة الدفوع الشكلية أمام المحكمة، ملتمسا بطلان المحاضر. وعقبت النيابة العامة بأنه لا علاقة للادعاءات بفترة الحراسة النظرية التي أنجزت فيها المحاضر لان المتهم نفسه صرح بأنه أصيب لحظة إيقافه بالحسيمة من طرف عناصر القوة العمومية، وأن عناصر الشرطة القضائية أحسنوا معاملته طيلة البحث معه في مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء. وهي الواقعة التي أكدها ناصر الزفزافي في جلسة المحاكمة العلنية يوم 10 أبريل 2018. مضيفا أن الشرطة القضائية قد ضمنت تصريحاته حرفيا بالمحضر.
سادسا: بالنظر لأن ادعاءات العنف تتعلق بلحظة توقيف ناصر الزفزافي، وهو التوقيف الذي تم من طرف القوة العمومية بالحسيمة، ولا علاقة لها بالبحث الذي أجرته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، فقد امرت النيابة العامة بإجراء بحث حول صحتها وظروف التوقيف وتحديد المسؤوليات بشأنها وسيتم اتخاذ الإجراء المناسب فيها بعد انتهاء الأبحاث.
سابعا: بالنسبة لشريط الفيديو الذي صور للمعني بالأمر والذي نشرته إحدى الجرائد الإلكترونية، فقد أفضى البحث بشأنه إلى متابعة مدير النشر للموقع الإلكتروني من أجل خرق مقتضيات المادة 303 من قانون المسطرة الجنائية مع العلم أنه رفض الإفصاح عن المصدر الذي أمده الفيديو.
وأفاد البحث كذلك أن نشر هذا الفيديو تزامن مع فترة تغير مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية الذي يجري إعادة بنائه ونقل الارشيف إلى مقر جديد، مما تعذر معه تحديد الجهة المسؤولة عن تسريب الفيديو.
ثامنا: يتضح من ذلك أن ادعاءات العنف تتعلق بوقت سابق لوضع ناصر الزفزافي رهن الحراسة النظرية، وأنها منسوبة لبعض أفراد القوات العمومية التي عملت على توقيفه يوم 29/05/2017 صباحا، وأن المعني بالأمر لم يتعرض لأي عنف او تعذيب خلال البحث معه، وطيلة وضعه رهن الحراسة النظرية.
ولذلك فإن البحث في هذه الادعاءات يتم منفصلا عن الملف الجاري.