كان منتظرا أن تختار جبهة البوليساريو وبتخطيط جزائري شهري مارس وابريل كوقت مناسب للقيام بتحركات على أكثرمن صعيد للتأثير على المبعوث الألماني الخاص للامين العام في عز تقديم انطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدةتقريرا مفصلا حول مستجدات وتطورات النزاع حول الصحراء الى مجلس الأمن الدولي الشهر الحالي.
تقرير من المنتظر ان سيشكل مرجعية توجيهية لقرار مجلس الأمن الدولي الذي سيصدره نهاية الشهر ابريل والذي ستحدد فيه القوى الدائمةموقفها اتجاه نزاع الصحراء وكيفية إيجاد حلول ملائمة له في ظل تناقض موقف المغرب صاحب الشرعية والمشروعية على هاته الأراضي وبين موقف كائن ينفذ المخططات العدائية الجزائرية بالوكالة ضد وحدة المغرب.
وما اختيار جبهة البوليساريو سياق وزمن استفزاز المغرب إلا دليلا قاطعا على أجندة مخططات الجزائر لتصدير أزماتها الداخلية خارج حدودها لشغل الرأي العام الجزائري بقضايا مل من سماعها أكثر من 42 سنة.
سياق تحرك جبهة البوليساريو بالمناطق العازلة: تزامن تحرك البوليساريو نحو المناطق العازلة مع:1- تقديم الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس تقريراً حول مستجدات النزاع المفتعل إلى مجلس الأمن الدولي في شهر إبريل الحالي.
تقرير له أهمية خاصة كونه سيكون التقرير الأول الذي سيقدمه المبعوث الخاص للامين العام هورست كوهلر بعد تعينه في هذا المنصب. والأكيد ان شكل ومضمون هذا التقرير سيجسد رؤية هذا المبعوث الاممي لحل النزاع المفتعل بالصحراء.2- حكم محكمة العدل الاروبية الذي لم تلتزم به دول الاتحاد الاروبي .
3- فعالية الحصار الدبلوماسي والسياسي الذي يقودهصاحب الجلالة على جبهة البوليساريو إفريقيا واروبيا وأمريكيارغم قوة المناورات والضغوطات الجزائرية.
4 – اختناق الوضع السياسي الداخلي بالجزائر وبداية ظهور مخاطر انهيار النظام الجزائري في ظل الموت السريري للرئيس بوتفليقة.
5- الفهم الخاطئ للنظام الجزائري وقادة البوليساريو قبول المغرب العودة للاتحاد الإفريقي دون طرد الكيان الوهمي منه.
6- القراءة الخاطئة والضيقة للنظام الجزائري وقادة البوليساريو تعيينالرئيس الأمريكي دونالد ترامب الفريق هربرت ريموند ماكماستر مستشارا له لشؤون الأمن القومي .
7– محاولة النظام الجزائري إشغال الرأي الجزائري بالحرب مع المغرب لإعادة انتخاب الرئيس بوتفليقة لولاية رئاسية جديدة رغم عجزه عن أداء مهامه ضد الربيع الديمقراطي الجزائري.
يتبين مما ذكرنا ان تحرك ميلشيات جبهة البوليساريو نحو المناطق العازلة هو مخطط جزائري تنفذه هذه الميلشيات رغم اقتناع الجزائر بانه خرق لمبادئ القانون الدولي ، وهو ما يفرض على هيئة الامم المتحدة التحرك لوقف هذا الخرق القانوني لاتفاق سنة 1991.
تحرك البوليساريو بالمناطق العازلة خرق للقانون الدولي:المنطقة التي تتحرك فيها قوات البوليساريو بحماية جزائرية هيمنطقة عازلة بالمفهوم الدولي وهي مساحة محددة من طرفهيئة الأمم المتحدة التي تسهر على مراقبتها وتأمينها.وقد جاء تحديد هذه المناطق العازلة بعد قيام المغرب بآخر عملية عسكرية للدفاع عن وحدته الترابية ضد حرب عصابات وميليشيات جبهة البوليساريو وإبرام اتفاقية وقف إطلاق النار في 6 سبتمبر 1991 بطلب من هيئة الامم المتحدة.
ومنذ سنوات عودت جبهة البوليساريو الرأي المغربي والإقليمي والدولي ممارسة بعض الاستفزازات ضد المغرب بهاته المنطقةكلما اقترب شهر مارس شهر تقديم الأمين العام تقريره لأعضاء مجلس الأمن حول مستجدات وتطورات الوضع بالصحراء،ونهاية شهر ابريل شهر إصدار مجلس الأمن الدولي في نفس الموضوع لاعتقادها انها ستؤثر على تقرير الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن الدولي عبر شعارات فارغة منها استئناف ‘’حمل السلاح’’ وخوض ‘’حرب تحرير’’،إضافة الى اتخاذ بعض القرارات الطائشة كدخولها المنطقة العازلة بهدف استفزاز الجيش المغربي ،ومن هذا المنطلق تتحمل الأمم المتحدة وبعثتها الأممية المتواجدة بالمنطقة كامل المسؤولية لمطالبة جبهة البوليساريو الالتزام بمبادئ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991وان تكف عن التحرش بالمغرب الذي لم يعد يحتمل أكثراستفزازات ميلشيات وعصابات الجزائر تحت غطاء لوجستيكيومادي جزائري ضدا على مبادئ القانون الدولي.
مسؤولية الأمم المتحدة في تطبيق مبادئ اتفاقية 1991: اعتمد مجلس الأمن الدولي قرارا سنة 1991 بهدف وقف إطلاق النار عبر إنشاء مقر بعثة أممية في العيون ومقرها الإقليمي في القطاعين الشمالي والجنوبي للإقليم. وأنشئ مكتب اتصال أيضا في تندوف لمواصلة الاتصال مع السلطات الجزائرية للسهر على إقامة منطقة عازلة وخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة .واستمرت بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء منذ 1991 في تنفيذ تفويضها بمراقبة وقف إطلاق النار، لكن منذ بداية الحصار على جبهة البوليساريو دبلوماسيا وسياسيا من طرف المغرب ،ودخول الجزائر في أزمة اقتصادية وسياسية خانقة أثرت على الدعم المالي الباهظ لجبهة البوليساريو وتراجع المساعدات الدولية ،وتعيين مبعوث جديد جديد للامين العام للام المتحدة ، واقتراب إصدار قرار مجلس الأمن الدولي نهاية شهر ابريل كان طبيعيا ان تختار ميلشيات البوليساريو شهري مارس وابريل لخرق اتفاقية وقف النار ودخول المناطق العازلة لاستفزاز الجيش المغربي الذي التجأ الى الأمم المتحدة طالبا إياها تطبيق القانون بهاته المناطق العازلة وإلا فانه سيتخذ الإجراءات المناسبة دفاعا عن سيادته.
والأكيد، ان خرق ميلشيات البوليساريو مبادئ اتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991 بدخولها المنطقة العازلة وتحديها للمغرب وللمجتمع الدولي جعلت منطقة شمال افريقيا مفتوحة على عدد من السيناريوهات من بينها إمكانية قيام حرب بالمنطقة.
الوضع بالمنطقة العازلة والسناريوهات الممكنة وامكانية نشوب حرب: حسب رأيي الخاص والمتواضع أتوقع إمكانية وقوع مختلف السيناريوهات الا سيناريو نشوب حرب بين المغرب والجزائر وميلشيات البوليساريو في الوقت الراهن لعدة أسبابنذكر منها:
1- حكمة وتعقل جلالة الملك في تدبير الاستفزازات ومحاولة تجنب أي مواجهة عسكرية ليس خوفا من الجزائر ومليشيات البوليساريو ولكن الوعي بمخاطرها وتداعياتها على شعوب ودول المنطقة.
2-عدم قبول الدول العظمى نشوب أي حرب بين المغرب والجزائر خدمة لمصالحها الجيو سياسية بالمنطقة.
3- رفض فرنسا واسبانيا قيام أي حرب بين المغرب والجزائر حماية لمصالحهم الاقتصادية والسياسية .
4- عدم استعداد الجزائرفي مواجهة المغرب عسكريا نظرا لوضعها السياسي المتدهور.
5- تشبث الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس في تقريره الأخير حول الصحراء المرفوع لمجلس الأمن الدولي بتمديد مهمة البعثة الأممية الى الصحراء – المينورسو-لمدة 12 شهرا الى غاية 30 شهرا 2019 .
6– كون جبهة البوليساريو ليست حركة تحررية مستقلة بيدها خيار السلم او الحرب لكونها مجموعة ميلشيات تابعة المخابرات الجزائرية ولجيش الجزائر.
7-التداعيات الخطيرة لقيام حرب مغربية جزائرية على الوضع الجيو سياسي بشمال افريقيا وبلدان الساحل.
8- خوف قادة المغرب والجزائر من تكلفة حرب مدمرة للمنطقة.
9-تشبثالأمين العام للام المتحدة بخيار التفاوض بين كل اطراف النزاع ودعوته الصريحة في تقريره الأخير لأعطاء دينامية جديدة لعملية التفاوض وفق مبادئ قرارات مجلس الأمنالدولي وتقارير الأمم المتحدة.
10- الرفض القاطع لكل القوى العظمى لاي خيار متجاوز لمسار التسوية السلمية .11- ادراك ميلشيات البوليساريو ان خيار الحرب ضد المغرب سيكون الضربة القاضية لهم.
وعلى هذا الأساس ، اعتقد شخصيا بان نشوب حرب في الوقت الراهن بين المغرب والجزائر يبقى مستبعدا ، صحيح يمكن ان تقع بعض المناوشات العسكرية بين الجيش المغربي وميلشيات البوليساريو لكنها تبقى محدودة في الزمان والمكان، لذا فالحفاظ على الوضع الحالي سيكون هو السيناريو المرجح وفي هذا الاتجاه سيصير قرار مجلس الامن الدولي الذي سيصدر نهاية 30 ابريل 2018 والذي سيصدم حكام الجزائر وميلشيات البوليساريو لانه سيشير إلى كل الخروقات التي ارتكبتها البوليساريو بين 30 ابريل 2017 و30 ابريل 2018 بما فيها منطقتي الكركرات وبير لحلو، الموجودتين في المنطقة العازلة المنزوعة السلاح.
وعليه ،فكل المحاولات التي تقوم بها ميلشيات البوليساريو بالمنطقة العازلة لتغيير الوضع القائم هي اجندة جزائرية لكنها تبقى مجرد مناورات وتكتيكات وتحركات يائسة تقوي مشروعية وشرعية المغرب على صحراءه، لكنها تضع المسؤولين بالملف امام تحديات اخرى يجب التعامل معها بجدية وعلى رأسها تقوية الجبهة الداخلية وترسيخ ثقافة حقوق الانسان وربط المسؤولية بالمحاسبة والقطع مع اقتصاد وسياسة الريع بالصحراء وجعل الإنسان الصحراوي في عمق التنمية المحلية والجهوية ليس بالمناطق الجنوبية فحسب بل بجميع جهات المملكة