طه لمخير
وإن لنا كدولة عريقة المحتد وملكية حداثية النزعة أن نتعايش مع كل المختلفين بل والمتخلفين عن ركب العصر وحتى المتطرف له أن يعيش في سلام مادام لا يحمل في وجهنا سلاحا ولا يحرض على قتل؛وأما أن تكون فينا طائفة من لحمنا ومن دمنا ثم تغدو لا تمت بصلة لأهم قضايانا الوطنية ولا تأخذها الحمية على ترابنا فهذه الطائفة ضيف ثقيل علينا غريبة الوجه بين بيوتنا.
الجماعة التي لا تفوت فرصة إلا وحشرت أنفها في كل صغيرة وكبيرة من قضايا البلاد السياسية؛ اعتادت أن تدفن رأسها في التراب وتوصد عليها بابها كلما تعلق الأمر بالوطن وسلامة أراضيه، ولا غرابة أن يكون موقفها هو موقف الجبان الرِّعديد الذي يفر من مواقع النزال ويتولى يوم الزحف عند التحام الجيوش في الهيجاء وتطاير الجماجم في حِمام المعارك، إذ هو موقف شيخها الهالك من مفهوم الوطنية الذي يعتبره كغيره من الإسلاميين عبارة عن رابطة جاهلية تقدس التراب والطين.
ففي هذا الوقت تلتهب رمال الصحراء تحت أقدام جنودنا الأبطال الذين يقفون في حماية الثغور ويسهرون في حراسة الحدود كلما تحرك الصبح في العتمة أو تهاوى قرص الشمس في الغروب،مستحملين لدغات العقارب السامة وما حفر قيظ الظهيرة من أخاديد على سحناتهم المتيبسة هناك في مفترقات الصحاري القاحلة وعلى بروج المراقبة الطينية خلف ستائر النار، يقبضون على رمل البيد ونبْت الصحراء لأنها أحشاء الوطن وشرف الوطن وماء وجهنا جميعا.
وفي هذا الوقت لا تجد الجماعة غضاضة من تكريس أيامها للتغزل بالأخوات والإخوان والاستفاضة في شرح علاقاتهم الجنسية ببعضهم البعض تحت ستار من البلاغة الأدبية المقنعة وطلاء من الآيات والأحاديث الموجهة وقصص وحكايات مغرقة في السوريالية عن الحياة الأسرية الرومنطيقية لمريديها ومريداتها الغَاوِين والغاويات.
والجماعة إذا شبعت نزى ذكرانها على إناثها وانفلت فيهم جماح الشهوة فلا يفرق عضو بين زوجه وزوج أخيه، وأما الوطن فله رجال سمر الجباهيحمونهلا تقوم له جماعة من شراميط.
هنا يظهر الفرق جليا بين جهاد الكلامفي أعطاف الندوات والاحتجاجات جهادذكور الإخوان بين أفخاذ نثايات الأخوات وبين وطنية رجال ونساء قواتنا المسلحة الملكية الذين يضعون اليوم؛وقت الجد وقت الحسم وقت الأفعال وقت النزال أكفهم على أرواحهم في سبيل أن نحيا كرماء مستقلين آمنين.
الجماعة التي اعتادت أن توزع البيانات يميناً وشمالا بإسهاب وإسهال، ترى أن وقوفها إلى جانب الصف الوطني والقوات المسلحة الملكية وإلى جانب الأحزاب والجماعات الوطنية في هذه المِحنة العامة والنفير القومي؛ مضادا لأيديولوجية الشيخ المؤسس ورأيه في الرابطة القومية باعتبارها مبدأ جاهليا يناقض أفكار الشيخ عن دولة الخلافة التي لا تعترف بحدود الدولة الوطنية..يعيشون على أرضها يأكلون من لحم أكتافها ثم يهرُشون عوراتهم المتدلية على أبدانهم إذا اجتمع الناس لتلبية نداء الواجب.
وتشعر الجماعة أن أي تضامن أو إيماءة أو التفاتة وطنية شريفة ومنصفة أو كلمة ترفع بها معنويات الضمير الوطني هو تقويض لصميم مشروعهاالحركي القائم على المعاداة والمنابذة للمجتمع الجاهلي وقيمه، وقد يكون منه تخفيف من جرعات الحقد الدورية الذي يرضعه أعضاء الجماعة تجاه دولتهم ومجتمعهم في مجالس النصيحة ورباطات التخدير العقلي. فهم يستزيدون أكبادهم من كره الدولة والنظام العام ويستزيدون أقلامهم وألسنتهم من التبخيس والتيئيس الذي به دوام بذرتهم الموبوءة..ويهرشون فروجهم عابثين..نحن "جند الله" الغالبون.
هؤلاء الأتباع الأغرار الذين تحرص الجماعة أن تبقي على مشاعرهم الوطنية مترهلة مخنثةمستهجنة لا وطن لهم إلا الجماعة ولا تراب لهم إلا ما خلفه غبار شيخهم ولا عَلميرفعونه إلا علم القومة، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفيه صدورهم أكبر..ويهرشون الذكورة المخصية بأمر الإمام.."جند الله" خصيان القومة لا تهتز لهم قصبة إذا هدد الأعداء حمى الوطن.
والجماعة بذلك تفضل أن تقف على الحياد السلبي في قضية وطنية يعد المحايد فيها خائنا لوطنه عاقا لتاريخه منقلبا على عقبه مفرطا في شرفه مخلا بالواجب الجمعي، إن لم يكن في صمتها المشبوه تواطؤا ضمنيا مع خصوم وحدتنا الترابية الذين تشاركهم الجماعة الصفراء نفس الأهداف والغايات الرخيصة..ويهرشون صدور نساءهم خلف الجلابيب ويقذفون الشهوة من فم الإمام الحبيب..أما الوطن فله رجال سمر الجباه يحمونه لا تقوم له جماعة من شراميط.
ألم تكن لهتلر خصية واحدة؛فكان إذا مشى يضع يده أمامه في حركة لاشعورية ليداري عيبه، كذلك الجماعة تداري خيانتها بنصرة أفغانستان وبورما وكولالامبور كأنها تعيش هناك لا هنا..لك الله يا صحراء كابل.
فكيف لهذه الجماعة أن يكون لها وجه في مطالبة الوطن بأي نوع من الحقوق وقت الأمن والسلم وقد نكصت عن نصرته وقت المِحنة والكرب، بأي حق وعلى أي وجه وتحت أي مسمى؟كيف وهم يكادون يغشى عليهم كلما ذكر التجنيد الإجباري؟
إنها التربية الكارتونية الروحانية الخواء التي تستريح إلى شقشقة الكلام على الآرائك المريحة والفيلات الفسيحة وفِي أحضان الأحلام الشيطانية التي تتناهب علم الغيب وعلم القومةوعلم الفضاء وعلم الذبابة الملتحية النائمة على بطنها في كومة الأزبال.تهرش الذبابة فرجها وتنتظر القومة..
إن العاهرات الفرنسيات اللواتي تواطأن مع نظام فيشي وفتحن أرجلهن للألمان النازيين عندما دخلوا باريس، كان الشعب يراقبهن ويتابع تصرفاتهن فيملي لهن، كان ديغول يقود المقاومة وكان كلاوس باربي ضابط الجستابو النازي يبيد الفرنسيين يهودا ومسيحيين وينكل بالمقاومين، بينما كانت عاهرات الألمان الفرنسيات تهبن أجسادهن للنازي برخص وابتذال ويستقبلن بإعجاب وشبق فيالق الرايخ الثالث بالورود والقبلات وهم يستعرضون في طرقاتكي دورساي إمعانا في انتهاك الروح الوطنية واستهانة بالمشاعر القومية للفرنسيين.
ومضت الأيام وانهزم الألمان وغادروا فرنسا يجرون أذيال الهزيمة، عندها تكفل المواطنون الأحرار بجماعة العاهرات الفرنسيات اللواتي دنسن تاريخ فرنسا. لم يعدموهن لأنهم شعب متحضر؛ لكنهم حلقوا رؤوسهن ليعرف كل من رأى امرأة حليقة الرأس أنها كانت من عواهر المستعمر وحريمه. أفلا يستحق إخوان الجماعة وأخواتها حلق الرؤوس..وبلا ماء.
#الملكية هي الحل