توجد الجزائر اليوم، في قلب مفترق طرق أخلاقي وسياسي وحضاري، لا تستطيع إلا الرد عليه بواحدة من الإجابتين.
إما إجابة الانخراط في بناء المستقبل،وإما إجابة العودة بالمنطقة كلها إلى الوراء.
في المغرب نعرف منذ سبعينيات القرن الماضي، ألا وجود إطلاقا لشيء إسمه بوليساريو، أو الجبهة، أو الانفصال في الصحراء المغربية. نعرف علم اليقين أن هناك بلدا يسمى الجزائر، بذل غاليه والنفيس لكي يصنع كيانا على مقاس حكامه وجنرالاته لكي يشوش به على المغرب
نعرف أيضا أن المغرب وهو بلد بمقدرات طبيعية جد محدودة، استطاع بفضل نبوغه التاريخي والحضاري أن يعبر مناطق ألغام عديدة لم تستطع الجزائر بغازها الطبيعي وبمالها الوفير أن تعبرها. لذلك عاشت الحرب الأهلية، وعاشت الإرهاب في قلب كل مدنها وقراها والجبال، وعاشت قتل مواطنيها في الشوارع، وعاشت تعطيل دستورها، وانقلاب الجيش على انتخاباتها، وعاشت اغتيال رئيسها، وعاشت عديد الكوارث، وظل هذا البلد الأمين محاطا ببركة أرضه، وبنية أهله الطيبة، قادرا على التحديق في حكام الجزائر مليا وتقديم الدليل تلو الدليل أن لهذا البلد ربا وشعبا وأناسا يحمونه بالأمس واليوم وغدا وإلى آخر كل الأيام
لذلك وجب على الجزائر اليوم أن تجيب : هل تريد تقدم المنطقة إلى الأمام وبالتالي التعاون مع المغرب لأجل حل هذا النزاع المفتعل الذي طال أكثر من المحتمل؟ أم تراها تريد فقط المزيد من الدمار للمنطقة ومزيدا من التأزيم والحروب وفتح الباب أمام المجهول ودفع الجار الحليم إلى سلك سبيل الحزم والعودة إلى تربية أعدائه بمايليق بهم من قوة ومن جلد شديدين؟
نطرح السؤال على شعب الجزائر ونتمنى منه الإجابة، أما من يمسكون بتلابيب البلد الجار فلا يستطيعون إلا دفعه نحو مزيد من الاختناق، لأنهم مؤمنون بضرورة قتله قبل أن يموتوا هم مثل عادة كل الظالمين.