لاحظ الكثير من المتتبعين والمراقبين ذلك الخفوت المدوي للتيار الانفصالي بالصحراء وتراجعه القوي بعد ظهوره تحديدا يوم 21 ماي سنة 2005، وذلك راجع لعدة أسباب داخلية وخارجية أسهمت كلها في مقتله أو تكاد، لأن ما بني على باطل فهو باطل بأكمله .
ومن الحتم أن ينقضي ويزول، سيما وبعد أن غيب الموت محمد عبد العزيز الرئيس السابق للبوليساريو الذي غابت معه الاستراتيجية المتبعة من طرف الجبهة والتي كانت محصورة بورقة حقوق الإنسان للتضييق على المغرب من طرف مجموعة سمت نفسها بـ”الحقوقيين” أو ما يعرف بـ”انفصاليي الداخل” الذي كان يحركهم ماليا ولوجيستيكيا ممثل البوليساريو بجزر الكناري بتنسيق وتوجيه من ما يسمى داخل تنظيم البوليساريو بوزارة “المناطق المحتلة والجاليات” التي سبق وأن تعاقب عليها كل من “سيدي محمد الخليل” و”أعكيك” وحاليا “البشير مصطفى السيد”.
وقد كان من مهام هذه الوزارة هو تحريض وتحريك الشبكات التابعة لها بالأقاليم الجنوبية والمواقع الجامعية بمدن الشمال، والعمل على توجيهها وضخ الأموال فيها ومضاعفتها بقدر إثارتها للصحافة الغربية والمنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان ومناطق النزاعات بالعالم والمؤثرة لدى رؤساء وحكومات دول مجلس الأمن كما حدث سنة 2012 عبر المقترح الأمريكي بتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل حقوق الإنسان بالصحراء.
وتعتبر العمليات المالية إحدى الأسباب الرئيسية في تلاشي انفصاليي الداخل ودخولهم في خلافات ومشاحنات حول الدعم المرصود لهم والسفريات التي توفرها المخابرات الجزائرية للتشويش على مغربية الصحراء بالاجتماعات والملتقيات بأوروبا وأمريكا وغيرها من الدول والبلدان.
الامر الذي انعكس على الأنشطة والمهام التي كانت موكولة لهم بمدن الصحراء عبر مظاهر البلبة والمواجهات التي تنشب بين الفينة والأخرى مع رجال الأمن واستدراجهم للتدخل وفض الاعتصامات الانفصالية، في الوقت الذي يتم فيه تصوريهم وتوثيق اللقطات لاستعمالها وترويجها بما يخدم مصالحهم الضيقة ويستهدف الوحدة الترابية للمغرب واستقرار أقاليمه الجنوبية.
ومن الملحوظ بالسنوات الأخيرة التغيير الذي طرأ على الشعارات المرفوعة من طرف التيار الانفصالي مما هو حقوقي إلى الأمور الاجتماعية والاقتصادية خصوصا بعد تولي “إبراهيم غالي” زمام الأمور بالجبهة الانفصالية، ومراهنته في المواجهة الدبلوماسية مع المغرب على ورقة “الثروات الطبيعية” بدل ورقة “حقوق الإنسان” التي كانت متبعة، واستغلال ذلك من خلال شعارات متنوعة وعديدة عبر تحريض انفصاليي الداخل وإيعازهم للفئات المعطلة والفقيرة للخروح في مظاهرات ووقفات احتجاجية مغلفة بمطالب العمل والتشغيل في تهميش كامل وواضح للتيار الحقوقي وعناصره الانفصالية عن طريق سياسة ممنهجة ومقصودة من الجبهة الانفصالية بعد اكتشاف فشلها في التأثير على المغرب بالمنتظم الدولي أمام اعتراف الأخير بالمجالس واللجان والهيئات الحقوقية التي تم إحداثها للنهوض بالواقع الحقوقي والإنساني والحريات العامة سواء بالأقاليم الجنوبية أو جهات المملكة الشمالية.