طه لمخير
عندما تقرأ الطريقة الهوليودية التي قدم بها موقع اليوم 24السيرة المهنية للمحامي الجديد المدعو رودني ديكسون الذي يزعم الموقع أنه التحق بدفاع بوعشرين كما زعموا من قبل التحاق محامي فرنسي أيضا ثم اتضح أن الرجل اعتذر عن المهمة- تشعر أن البعض يحاول أن يوحي بأن دخول محاميين دوليين على خط القضية سوف يؤثر على حكم القاضي أو أن عبقرية المحاميين الأجانب التي لا يتوفر عليها المحامون المغاربة سوف تفحم منطق المحكمة وأن هؤلاء المحامين قادرين على سلِّ أعتى المجرمين من خلف قضبان السجن كما تسل الشعرة من العجين.
وجعلني ذلك أتذكر مشهد عادل إمام في فيلم "طيور الظلام" وهو يدلف إلى مكتب أحد كبار المحامين الذي وكله بإحدى القضايا الهامة وفِي يده كيس زبالة أسود؛ وقال له إن القضية فيها خمسة ثغرات ثلاث ينسفونها واثنتين يرفعون أنقاضها، وعندما فتح الكيس وجده عامرا بأكوام من الأوراق الممزقة فسأله متعجبا: أنت تفحص القضايا بطريقة غريبة جدا، ليجيب المحامي:حتى أخرج الثغرات لا بد لي أن أعصر القضية عصرا.
وأنا لحد الساعة أرى أن المحامي البريطاني المزعوم سوف يكون أحد أشد خصومه في القضية هو دفاع بوعشرين نفسه وعلى رأسهم"النقايبي" زيان الذي لن يرضى أن يتراجع إلى الخلف بعدما تسيد المشهد الإعلامي منذ بداية المحاكمة من دون منازع، وأخشى حقيقة أن تخونه يده فيصوب قبضة طائشة إلى وجه المحامي ديكسون ترسله إلى المستعجلات.
وبعيدا عن كذبة أبريل فإن المحامي كما قدمه الموقع بأنه يدافع في ملفات كبرى عن الحكومات والقادة السياسيين والقادة العسكريين وجبابرة التاريخ والمنظمات الدولية والشركات والمنظمات غير الحكومية والضحايا.
ويضيف الموقع المذكور بأن الرجل ترافع في عدد من القضايا المعروضة على المحكمة الجنائية الدولية (ICC) ،والمحكمة الهيدروميكانيكية HMC)) بما في ذلك نيابته عن حكومة المملكة المتحدة في الفحص التمهيدي بشأن العراق؟؟!!، وحكومة كينيا في كينيا، وحكومة جزر القمر في جزر القمر و قضية أسطول غزة ؛ وأيضاً ناب عن عبد الله السنوسي في الوضع الليبي. وفي حالة السودان في القضية المتعلقة بالرئيس البشير من السودان وباسم ضحايا دارفور في قضية ضد قادة المتمردين.
وكما هو واضح فالرجل لا يرافع إلا في قضايا الدول التي حل بأهلها الخراب والتقسيم مثل العراق والسودان وليبياودارفور وأسطول غزةوحكومة كينيا في كينيا وجزر القمر في جزر القمر.
كما يبدو من تقديمه على هذا النحوأن الموقع يوحي بأننا أمام "بلدوزر"قانوني سوف يدك أسوار المحكمة ليخرج الزعيم بوعشرين من القفص بقوة تاريخه الحافل بالدفاع في الملفات الكبرى عن الحكومات والقادة السياسيين والعسكريين ونيابته على حكومة الملكة إليزابيث ومرافعته في حرب العراق الثانية ودفاعه عن قادة الحزب النازي في محكمة نورينبرغ وإخراجه الأمريكيين من الفيتنام وتبرئته للوحش جوزيف فريتزل الذي احتجز واغتصب ابنته في قبو منزله لمدة أربعة وعشرين عاما وأنجب منها في النمسا.. وبالتالي فأي قضية يتولاها هذا المارد البريطاني فإن الحكم فيها يكون لصالح موكله مهما كان مجرما مغتصبا قاتلا ابن ستين كلب.
لا أدل على ذلك بيانه الأول الصادر في القضية الذي احتفلت به مواقع الإخوان المسلمين وحركة التوحيد والإصلاح في المغربظنا منهم أنهم بذلك قد دَوَّلوا القضية لإرهاب القضاء المغربي.
فبعد أن كان دفاع بوعشرين يتولاه محامون تقليديون بيجيديون وغير بيجيديين يسلكون طرق فتوات الحواري في الدفاع وأسلوب"الطيابات "في الحمامات الشعبية أصبح لهم اليوم محامي من طراز التكنلوجيا البريطانية شعاره god save the queen.
ولكوين هنا هي كوين موزة آل ثاني طبعا.
بديهي إذا وغني عن البيانأن تلك الخيمة البدوية في قاع صحراء الجزيرة العربية هي التي ستدفع أتعاب هذا المحامي العقر التي تصل إلى ميزانية دولة، فعلاقات مستشار الأمير القطري تميم المرتزق عزمي بشارة متشعبة في الأوساط اللندنية، وهو قادر بأموال مولاه وولي نعمته -إذ رفض محامو الجمهورية الفرنسية الدفاع عن قضية خاسرة يندى لها الجبين- أن يأتي بمحامي من مملكة صاحبة الجلالة من الذين لا تهمهم سمعتهم المهنية بقدر ما يهمهم الدرهم القطري.
والذي يبحث عن معلومات عن هذا المحامي فأول ما سيجد أمامه قناة الجزيرة بالانجليزية التي تنشر مقالاته وتقدم سيرته الذاتية بنفس التعريف الذي قدمه به موقع اليوم24الذي دمغناه بالأحمر أعلاه ونفس كلمة ضحايا في آخر التعريف.
وإذا نبشنا أكثر في تاريخ هذا المحامي على موقع lawyers.com نجد أن له سمعة سيئة بين الموكلين الذين وصفه بعضهم بالآتي:
Do not return calls, ever.
Got paid for services he did not provide.
Makes commitments but do not honor them.
Unreliable. Makes excuses for incompetence.
وهذا التعليق والذي بعده على الموقع المذكور يشير إلى أن المحامي المذكور غير أمين و لا يفي بالتزاماته المهنية مع موكليه ويتقاضى الأجر على خدمات لم يقدمها ويقدم أعذارا واهية لتبرير قلة كفاءته.
فالعلاقات واضحة والشبكة لا تعمل خارج منطقها وطبيعتها، كل الخيوط متشابكة وجميع قنوات الدعم متصلة ببعضها البعض وديكسون لا يختلف في هذا عن جورج قالاواي البريطاني الذي كان ضيف الجزيرة المفضل في كل نازلة وبفضلهم تزعم حزب respect وأصبح يدخن السيجار ويركب السيارات الفارهة، وهم صنف من الغربيين المأجورين لخدمة الأجندة القطرية والإسلامية.
أما ديكسون فنقول له مرحبا بك في بلاد سبعة رجال فرصة لتزور فيها بلاد "المُور" واستمتع بالطقس الجميل والشمس الدافئة والطاجين وكسكسو بعيدا عن مدينة الضباب، واركض برجلك وقل :"هذا مغتسل بارد وشراب"، ولكن لا تتفاءل كثيرا بذكاءك وتاريخك لأن مهمتك أكيد لن تكون سهلة أو بالبساطة والسذاجة التي تناولت بها القضية في بيانك الأول،ومن الأفضل أن تتنازل عن قضايا مكتبك في مبنى هاركورت بلندن؛ لأن مقامك في المغرب سيطول. فالقضية من تلك القضايا التي تأخذ سنين وأعواما يستحسن معها أن تتعلم الدارجة المغربية وتدرس فصول القانون في هذا البلد.
وإن أراد القطريون أن يلعبوا هذه اللعبة القذرة من بلاد شكسبير فسيرون كيف يرقص عطيل المغربي رقصه الجميل في ساحة القضاء وكيف سينكشف أمر إياغو ذي الوجهين وأن ديدمونة الشريفة لن تموت وأن بوعشرين رهان خاسر.
ولله الأمر من قبل ومن بعد