قررت الجزائر الهروب إلى الأمام، كعادتها دائما، وجددت التأكيد مجددا أنها ليست طرفا في نزاع الصحراء، وأن المغرب وجبهة البوليساريو هما طرفاه اللذان يجب أن يتوصلا إلى تسوية في إطار مقررات الشرعية الدولية.
لم تكتف الجزائر بهذا بل اتهمت المغرب على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية عبد العزيز بن علي الشريف، بما سمته “التضييق على الملاحظين الأجانب والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومنعهم من الدخول إلى الأراضي الصحراوية”.
وإن المغرب لا يخفي وجود من يختلف مع الأطروحة الرسمية في نزاع الصحراء، من داخل الأقاليم الجنوبية، وإن كان بعضهم جعل من الأمر تجارة مربحة تدر عليه أموال الغاز الجزائري، لكنه يكشف، المرة تلو الأخرى، حقائق أخرى عن إدارة النزاع ومسؤولية الجزائر في إطالته لضرب المغرب والاستقرار بالمنطقة، علما أن الصحراويين الحقيقيين أصبحوا يشكلون أقلية وسط حملة التجنيس التي تقودها بوليساريو، لخلق قيادات بديلة للقيادات الصحراوية، المتحدرة من منطقة النزاع، التي عاد غالبيتها إلى المغرب.
فمسؤولية الجزائر فاضحة في تمديد النزاع، وهي الحقيقة التي بدأت تتكرس تدريجيا، وبدأ المجتمع الدولي يشير إلى مسؤوليتها في الصراع وضرورة أن تساهم في حله، بدل أن تعرقل أي جهود للتسوية، فهي التي تورطت في النزاع بتأسيس واحتضان وتمويل جبهة بوليساريو، لحساباتها الإستراتيجية في المنطقة، باتت التقارير الرسمية وغير الحكومية تطالبها بأن تتخلى عن هذا الدور، وتعلب دورا آخر يساهم في حل النزاع، بدءا بالسماح للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بإحصاء سكان المخيمات، الواقعة وفق ترابها، وتحديد هويتهم الحقيقية.
من جهة أخرى، تأكدت قناعة الرباط أن الجار الشرقي لن يتخلى عن ملف الصحراء دون أن يأخذ الثمن، كما تأكد للجزائر أن الجزائر التي قبلت أن تخوض حرب الاستنزاف طيلة ثلاثين سنة، لن ترضخ، بعد كل هذه الفترة، حربا وسلما، للابتزاز الجزائري.