لعله من أبرز مقومات النجاح في الحكومات السياسية أنها تمتلك رؤيا مستقبلية واضحة المعالم ذات جدوى استيراتيجية جيدة تعمل من خلالها على قراءة الأحداث في الحاضر و لبناء المستقبل فتستخلص منها النتائج و الحلول التي تمكنها من تحقيق طموحات شعوبها و توفر لهم سبل العيش الكريم و تصنع المستحيل لو اضطرتها الظروف إلى فعل ذلك الأمر فإنها لا تتوانى عن الإقدام عليه معتمدةً على حكمتها السياسية و حنكتها الإدارية لم تقف عند حدٍ معين وهذا ما تتأمله الشعوب في حكوماتها التي وضعت كامل ثقتها فيها عندما أوصلتها إلى سدة الحكم عن طريق صناديق الاقتراع ، و نحن العراقيون حالنا كحال باقي الأمم التي تطمح بمستلزمات الحياة الكريمة فبعد أن مَنَّ الله تعالى علينا بزوال رأس النظام السابق تفاءلنا كثيراً بالحكومات التي جاءت خاصة و أنها قد حظيت بدعم و مساندة مرجعيات النجف وعلى رأسها السيستاني و قلنا أن القادم سيكون خيراً على العراق وما أن وصلت هذه الحكومات إلى دفة الحكم فجاءت الرياح بما لا تشتهي السفن عندما كشرت عن أنيابها بسرقة الميزانيات الانفجارية و نشرهم للطائفية و الاقتتال الطائفي بيننا و حل الجيش العراقي خامس أقوى جيوش العالم وبأمر منهم ، أيضاً تشكيل المليشيات التابعة لهم و العمل بنظام المحاصصة الحزبية و الطائفية و المذهبية كلها جعلت العراقيين في حيرة من أمرهم فبعد أن انخدعوا بهم و صدقوا شعاراتهم و تصريحاتهم الإعلامية و وعودهم المغرية وجدوا أن خيراتهم و مقدراتهم قد أصبحت في خبر كان و السيستاني طبعاً لا يكترث لما يحصل في البلاد و يقع على العباد من فساد و ظلم و اجحاف و ضياع حقوق ، ولم تقف مسيرة الفساد في الداخل بل أنها طالت علاقات العراق مع البلدان الإقليمية بل و حتى في أروقة منظمة الأمم المتحدة و خاصة اليونسكو التي تشرف على متابعة شؤون التربية و التعليم في دول المعمورة و الطامة الكبرى التي كشفت عنها وزارة التربية أن ممثل العراق في هذه المنظمة لا يجيد التحدث بطلاقة للغة الإنجليزية و الفرنسية على حدٍ سواء فضلاً عن أنه ليس من أصحاب الشهادات الجامعية التي تؤهله لشغل ذلك المنصب الحساس و الذي يُعد واجهة العراق أمام العالم فلينظر السيستاني أي حكومات فاسدة سلطها على رقاب العراقيين ؟ مستشار و لا نعلم ماهو تحصيله العلمي و لا يتقن العربية الفصحى بينما سفير اليابان في العراق وفي لقاء مع إحدى القنوات الفضائية نراه وقد تحدث العربية الفصحى و بطلاقة !؟ و الاسوء منه فاسد بمنصب وزير و شهادته متوسطة كرة عين السيستاني و هنيئاً له عمليته السياسية الفاسدة . و الغريب في الأمر أن وزارة التربية تعلم علم اليقين أن مبعوثها في اليونسكو لا يُجيد استخدام اللغة الإنكليزية و الفرنسية أصلاً و يتحدث بهما بطلاقة ومع ذلك تسترت على هذه المخالفة القانونية و مع ذلك فقد مددت له العمل في ذلك المنصب لأكثر من سنة بالرغم من عدم الاستفادة منه و كونه يشكل عبئاً على ميزانية الدولة ومع ذلك فلم تتخذ الوزارة المعنية بالأمر أي إجراء قانوني بحق هذا المستشار الفاسد إلا بعد فوات الأوان و انكشاف القضية أمام الرأي العام ، و أما السيستاني فلم يخرج منه أي ردة فعل بل اعتبر الموضوع ليس ذا قيمة و كأن سمعة العراق الخارجية لا تهمه و لا شأن له به حتى و إن احترق بنار جهنم المهم خزائنه ممتلئة واجهته باقية جاهه و سلطانه قائم ولا يمسه أحد بفضل وجود أسياده المحتلين من أمريكا و إيران ، و في الختام نقول أن العمامة الفاسدة لا يمكن أن تأتي إلا بسياسي فاسد وهو مَنْ يضع الرجل الفاسد الغير مناسب في المكان المناسب .
بقلم الكاتب و المحلل السياسي محمد سعيد العراقي