أبو أمين.
في وقت تأخذ فيه محاكمة توفيق بوعشرين مجراها لإظهار عدة حقائق ومعطيات وحجج ودلائل،تزيح اللثام عن اكبر تهمة للاغتصاب يتابع فيها صحافي في تاريخنا الحديث،لا يكل العديد من أعضاء حزب العدالة والتنمية عن الجهر بمناصرة صديقهم الذي كان حتى الامس ناطقا باسمهم اعلاميا، بل انهم لا يتعبون من التخطيط والاتصالات والضغوط على ضحايا المتهم، لحثهم على التراجع عن متابعة رفيق القلم والسفريات الى قطر،مقابل وعود يعلمها الله.
ولكن الغريب في هذه الحملة المثيرة التي يسابق فيها قياديو حزب العدالة والتنمية الزمن قبل انطلاق المحاكمة، انها تهدف الى التغطية عن شخص زنى باعتراف كل اللواتي مارسن معه الجنس، وان المظلة التي جعلوه يستظل بها هي حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الدينية الاسلامية، وتلك لعمري هي أم التناقضات وقمة الاستهتار والعبث.
ان كل الخطب والأوعاظ التي سمعناها منذ سنين من فم الزعيم السابق للحز، يوم كان رئيسا للحكومة وقبل ذلك،تتكسر الْيَوْمَ على القضيب الحديدي للصحفي توفيق بوعشرين دفاعا عن قلمه ومداده،فعبد الاله بنكيران الذي لم يكف عن البكاء جال بخاطره حديث شريف او آية قرآنية، فيحول وجهته من الخطاب السياسي الى الخطاب الديني وكأنه واقف على منبر خطبة الجمعة، فيسترسل في التحذير والتنفير فلا تجد ترغيبا الا ما شاء من الترهيب بعذاب الآخرة وقانا الله من جحيمها،هو نفسه من يتجند الْيَوْم ويجند رفاقه للدفاع عن شخص زنى وهو محصن بالزواج مع نساء منهن محصنات بالزواج،كما ان الزعيم الروحي لحزب العدالة والتنمية هو نفسه من َ استقبل في بيته سيدة متزوجة اعترفت بفعلتها أمام الشرطة،بل التقط الى جانبها صورة، علما ان هذه السيدة لم تنف علاقاتها الحميمية مع المتهم وهي ام لثلاثة أبناء.
نحن لا نريد هنا ان نستبقالأحداث، ولا ان نكيل التهم لاي كان، سواء تعلق الامر بالمتهم ام بالضحايا ام بالخليلات، لان القضاء كفيل بالحسم في الأمور،ولكننا نسعى لمساءلة الحزب الذي يدعي انه محصن خلف التعاليم الدينية والقيم الإسلامية، وهنا نتوقف لحظة لنعرج بعيدا عن تهمة الاغتصاب بل لنفترض جزافا ان توفيق بوعشرين لم يغتصب ضحاياه،وانه اكتفى بممارسة الجنس معهن طوعا لا كراهيةد وبكامل الرضى لا بالتعنيف والارغام،ولعل المثل يسري هنا على اللواتي أكدن إنهن مارسن معه الجنس برضاهُن، وإنهن هُن من ظهرن في الشرائط والفيديوهات والصور، علما ان العدد يفوق الذي سمعناه ما دامت الفيديوهات صورت في داخل مكتبه، أماج ما وقع في جهات اخرى فالله وحده يعلم بحقيقته.
إذن فلنتخيل معا أن الأمر يتعلق بممارسة جنسية فقط وهي في عرف الدين حرام ،وكذاك وجب ان تكون في عرف حزب العدالة والتنمية.
ولعل هذه الخلاصة البسيطة ستشجعنا حتما لنسائل الزعيم عبد الاله بنكيران حكم الزاني المتزوج والزانية المتزوجة في الاسلام ؟؟
ألم يعرف علماء الشريعة الاسلامبة أن الزنا هو عملية إيلاج عضو الرجل في فرج محرم حتى وإن لم يقذف بداخله أو لم يولجه بكامله؟
فليحبنا فقيه المراثي والخطب والمواعظ،وليفتنا في حكم العلاقة الحميمية المحرمة بين طرفين برضاهما الكامل.
الم يتفق علماء الشرع بان كل ما ممارسة محرمة وغير شرعية تربط بين متزوجين هي فاحشة سواء كانت لمسا أو حسا أو نفسا او قبلة او مداعبة، ناهيك عن الايلاج والقذف،وان ما حرم كثيره فقليحرام بحكم الدين ،وان الزنا من الكبائر التي تجلب غضب الله تعالى بل انها من ابغض الفواحش .
فما حكم الزاني المحصن دينيا قبل ان نحكم عليه قانونيا واجتماعيا وما حكم الزانية المحصنة كذلك؟
الم يرجم الصحابي “ماعز بن مالك” حتى الموت حين زنى وهو صحابي من صحابة الرسول الكريم؟
والقصة كما رواها السلف الصالح ان هذا الصحابي الجليل خلا بجارية فزين له الشيطان الفاحشة فزنا وحين انتهى من فعلته فجاء إلى الرسول باكيا ونادما ومتحسرا وهو يرجو التوبة ﻭﺳﻠﻢ “ﻓقال: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻃﻬﺮﻧﻲ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻭﻳﺤﻚ ﺍﺭﺟﻊ ﻓﺎﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﺐ ﺇﻟﻴﻪ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺮﺟﻊ ﻏﻴﺮ ﺑﻌﻴﺪ ﺛﻢ ﺟﺎﺀ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻃﻬﺮﻧﻲ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﻭﻳﺤﻚ ﺍﺭﺟﻊ ﻓﺎﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﺐ ﺇﻟﻴﻪ، ﻗﺎل: ﻓﺮﺟﻊ ﻏﻴﺮ ﺑﻌﻴﺪ ﺛﻢ ﺟﺎﺀ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻃﻬﺮﻧﻲ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ، ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ: ﻓﻴﻢ ﺃﻃﻬﺮﻙ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻧﺎ، ﻓﺴﺄﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﺃﺑﻪ ﺟﻨﻮﻥ؟ ﻓﺄﺧﺒﺮ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺠﻨﻮﻥ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﺷﺮﺏ ﺧﻤﺮﺍ، ﻓﻘﺎﻡ ﺭﺟﻞ ﻓﺎﺳﺘﻨﻜﻬﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪ ﻣﻨﻪ ﺭﻳﺢ ﺧﻤﺮ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﺃﺯﻧﻴﺖ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﻧﻌﻢ، ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻪ ﻓﺮﺟﻢ فمات”.
الا تذكر يا بنكيران وانت خير العارفين، ما حصل للرسول الكريم مع تلك السيدة الغامدية التي اعترفت بما اقترفت حين جاءت مسرعة الى الرسول وهي حامل “فقالت: يا ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻃﻬﺮﻧﻲ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻭﻳﺤﻚ ﺍﺭﺟﻌﻲ ﻓﺎﺳﺘﻐﻔﺮﻱ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﻮﺑﻲ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﺃﺭﺍﻙ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﺮﺩﺩﻧﻲ ﻛﻤﺎ ﺭﺩﺩﺕ ﻣﺎﻋﺰ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﻗﺎﻝ: ﻭﻣﺎ ﺫﺍﻙ؟، ﻗﺎﻟﺖ: ﺇﻧﻬﺎ ﺣﺒﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻧﺎ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺁﻧﺖ، ﻗﺎﻟﺖ: ﻧﻌﻢ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ: ﺣﺘﻰ ﺗﻀﻌﻲ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺑﻄﻨﻚ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻜﻔﻠﻬﺎ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺣﺘﻰ ﻭﺿﻌﺖ، ﻗﺎﻝ ﻓﺄﺗﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻗﺪ ﻭﺿﻌﺖ ﺍﻟﻐﺎﻣﺪﻳﺔ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﺫﺍ ﻻ ﻧﺮﺟﻤﻬﺎ ﻭﻧﺪﻉ ﻭﻟﺪﻫﺎ ﺻﻐﻴﺮﺍ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻳﺮﺿﻌﻪ، ﻓﻘﺎﻡ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻟﻲ ﺭﺿﺎﻋﻪ ﻳﺎ ﻧﺒﻲ ﺍﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺮﺟﻤﻬﺎ”.
الم يقل الله تعالى في سورة “النور””الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِين”.
“فبأي آلاء ربكما تكذبان” يا حامي الدين ويا بنكيران..
َ
اننا نشهد فيكم اليوم كتاب الله وسنته التي أوهمتمونا يوما إنكم حصنتك انفسكم بأحكامهما وهديهما،فإذا بكم الْيَوْمَ تتنكرون لوعودكم، ومراجعكم، وتخونون الأمانة التي صدّقناكم بها وانتم تعلمون.
وفي الاخير،فنحن لا نريد من كلامنا ترسيخ حدود الشريعة الاسلامية بخصوص فعل الزنى، ما دامت التشريعات القانونية المغربية تأخذ العصا من الوسط، بحكمة استناد المغرب على الوسطية والاعتدال والمذهب المالكي.
اننا اليوم لا نستحضر حقوق الانسان في ما فعله بوعشرين بضحاياه، ولا نستند الى الاخلاق المهنية في ما اقترفه داخل اماكن العمل، ولا نناقش الاحكام الجنائية والقانونية بما نسب اليه،ولكننا نتحدث بخطاب الدين وما جاء في حكم الشريعة حين يتبث الزنا.
كما اننا لانريد سوءا للمتهم توفيق بوعشرين الموجود حاليا وراء القضبان، بل اننا نوجه هذه الرسالة الى من يعنيهم الامر داخل الحزب الذي تمترس زورا وبهتانا وراء القيم الدينية،فاذا به اليوم يلعب “بالبيضة والحجر”، فلو كان الانر يتعلق بحزب نبيل بنعبد اللد او حزب نبيلة منيب،او حتى حزب ادريس لشكر، لتفهمنا ذلك والتزمنا الصمت، ولكن الذي يسارع الزمن كي يرفع التهمة عن المتهم هو حزب عبد الاله بنكيران،وهو الذي كان دوما سباقا الى الخطبة الدينية في الأفراح والجنائز فيبكي وكأنه لا يرى في الآخرة الا العقاب.