بعد كشف ملامحها ، والتعرف على خبثها، ووقاحة سماتها ، وبعدما نُزِعَ اللثام عن أعمالها ، وطُرِحَ قناعها جانبا ، هرولت المخابرات الجزائرية ، الجناح العسكري للنظام الجزائري قصد ستر عورتها، والتمويه لتمرير سقطاتها الدبلوماسية ،بابتسامة رقيقة لتستغفل المشاهدين والمتتبعين لتحركاتها اليائسة بسيناريوهات عتيقة التي تخرجها من تاريخ الشعوب، وتحاول إعادة أحداث بتعاون مع أفراد من بوليساريو الداخل عن طريق اشعال مدن الصحراء الآمنة بهده البيادق الكرتونية التي تعتبرها الحربة الأمامية للنظام الجزائري في حربها الباردة والتكتيكية ،والتي تستعمل فيها كل ما تستطيع من كذب وتزوير للحقائق بالمال العام ، مال الشعب الجزائري الدي أصبح يلهت على شكارة غبرة حليب.
فمنذ 40 سنة والنظام الجزائري يعيش بأكسجين الصحراء المغربية، ولولا هذا الأكسجين لتحولت حياة النظام الجزائري إلى روتين ومن تم إلى انعزال عن العالم الخارجي وبالتالي الانتحار داخليا وكما حدث في التسعينات. إن الجزائر المصدومة بانحلال الاتحاد السوفيتي ، وجدت في قضية الصحراء المغربية مشجبا غطت به عن تناقضاتها الإيديولوجية . فهي كدولة اشتراكية من اللازم أن يكون شعارها الوطن للجميع ، والعمل للجميع والمال مال الجميع . لكن واقع الحال فرض على النظام الجزائري تغيير معاملاته الاقتصادية وزبنائه، وأطلق أيدي المقربين له في أكل حق الفقراء ، والمهمشين ، وفئات عريضة من الشعب الجزائري جنوبا ،وعلى طول القبائل الكبرى ، ليكون المنتفعون أهل العاصمة و المتحكمين في دولاب النظام.
من بين صانعي الفرجة ، وفناني خشبة المخابرات طلع بدر صحف وجرائد جزائرية ، اتخذت من المغرب وجهتها وموضوعها، فأعطت لنفسها الغوص في شؤون مغربية ، عوض التركيز على ما يجري من مشاكل وسلوكيات فردية وجماعية من الجريمة الموصوفة مع سبق الإصرار والترصد إلى السرقة إلى ترويج المخدرات إلى التحايل إلى الانحراف إلى تحويل أموال الشعب الجزائري إلى الخارج على خلفية شراء ضمائر دول افريقية ، ومساعدة جمعيات إسبانية وأمريكية وكندية واللائحة طويلة عريضة، وكأن الشعب الجزائري استكمل كل حاجياته وأصبح له فائض مالي لا بأس من الإعانة به جمعيات أوروبية ناشطة لكن فقيرة !
فانظام الجزائر لا يريد مصلحة الشعب الجزائري ، وإخراجه مما فيه من تخلف ، ولا يريد ترك المغرب يشق طريقه نحو التقدم ، فمن جهة هناك ملايير إلى الامس القريب كانت تقدر بـ 800 مليار دولار ، قيل خطط لها لخدمة الوطن ، ويظهر أنه خطط لها لتذ هب سدى في خردة سلاح خارج الوطن، ولتحرك عجلة معامل الأسلحة عبر العالم ، ولتملأ جيوب المضاربين في ذلك في الداخل والخارج ، وكما خطط لها لتكون تمويلا للتجمعات الجهادية ضد المغرب.
ليس بغريب أن يصدر من مثقفين جزائريين محسوبين على النظام والاستخبارات الجزائرية ، أن فتح حرب على المغرب هي بمثابة " جهاد" ، والجهاد حسب النقل لا يكون إلا في المشركين . فهل أصبح النظام الجزائري ومثقفيه يرون أن المغاربة خارجون عن العقيدة ومن تم وجوب فتح باب الجهاد للقضاء عليهم ؟؟؟ وهل الجهاد الذي ينادي به مثقفوا آخر لحظة ، هو جهاد عقائدي أم أيديولوجي ؟؟ فإذا كان الأمر يتعلق بالجهاد العقائدي ، فاليعلم أشباه المثقفين، الغافلون والذين هم في سبات ، فرحون بما بين أيديهم ، نسوا الله فأنساهم أنفسهم ، فرزقهم ليعذبهم به ، أن المغاربة شعب ورع ، سني ، على المحجة البيضاء ، وليس بين ظهرانيه لا خوارج ولا معتزلة ولا مرتجئة ، كل المغاربة على ملة واحدة ، وليس بينهم مجوس ولا مسيحيون ولا شيعة كي يجب في حقهم الجهاد . أما إذا تعلق الأمر بالجهاد الأيديولوجي ، فالمغاربة لا يكذبون على أنفسهم ويصورون للناس الاشتراكية أو الشيوعية ثم يعطوا لأنفسهم الرأسمالية البشعة . الشعب المغربي شعب متواضع ، مساهم في القفة العربية ثقافيا واقتصاديا وسياسيا .
والسؤال لماذا لم يتقدم النظام الجزائري ؟؟؟ وهو اليوم (لا حسد ) يلعب بالملايير من الدولارات ، ولقد أصبح له رأي غربي ، وصحافيون غربيون يقولون له السمع والطاعة ، ومجتمع مدني يستطيع التحرك في كل الجهات وبقع العالم، وديبلوماسية تخلق العجائب ، ومخابرات تخترق الأسرار ، وتصنع المقالب ، وتزرع الفتنة في قطر عربي مسلم . هذه هي الصورة " الجهادية" ،هي تمثلات المثقفين الجزائرين ، والذين انقلبت عندهم الصورة، فأصبحت عندهم العيون غزة، والمغرب إسرائيل. وكيف لا والنظام الجزائري باستخباراته ، استطاع أن يحول تشاديين وماليين وجزائريين حقيقيين إلى بوليساريو، والبوليساريو إلى قاعدة ، ليعطي النظام لنفسه الحق في محاربة الطوارق إذا جد جدهم ، واتهامهم بالقاعدة.
وكيف لا والنظام الجزائري باستخباراته زرع معاونيه بالقبائل الصغرى والكبرى خصوصا نواحي تيزي وزو لقطع الطريق أمام أي تحرك جماهري، وأي مظاهرة ، وأي استنكار يرفعه أهل الأطلس ضد الحيف ، وضد التهميش، وضد المطالبة بالحق السياسي . هذا الحق الذي يقمع النظام الجزائري واستخباراته من يطالب به ، بينما يعطي لنفسه الحق في مطالبة الأم التخلي عن ابتنها الصراء المغربية ، إنه الإجرام بعينه.
الله أكبر! تعالى يارسول الخلق لتشهد كيف أصبح النفاق سلعة تباع بثمن المهور الشرقية. تعالى يا حبيب الله لتشهد على أمتك كيف ابتليت بمن لا يرى إلا منصبه، والمال الذي سيجنيه وإن قتل وفرق وجزأ أرض الاسلام، وهجّر خلق الله، واستباح الحرمات.هاهم عقلاء النظام الجزائري يخططون ، لا ينامون ، يستوصون " بالرويبضة" خيرا على أنه سيكون ذو القرنين . بهذه الطريقة، بهذه الشعودة تصنع المخابرات الجزائر أصنامها وطينها وتدفع به للأمام ، فإن انكسر صاحت وولولت ووايلاه قتل الأبرياء، وإن صمد راحت تردد انتصر الأقوياء. بينما النظام الجزائري يحارب من وراء ستار، كي لا ينفضح ، وكي لا ينكمش إذا جد للمغاربة جدهم . لأن القانون الدولي سيف فوق رقبة النظام الجزائري من مدة ينقص النص فقط الصورة والحجة النافذة ومهما يكن ، فإن مسرح الأحداث يبين أنه أصبح أكثر من منتفع من قضية الصحراء المصطنعة ، سواء بداخل الجزائر أو خارجها، وسواء بداخل المغرب أو خارجه . لقد أصبح هناك أكثر من لاعب ، وأكثر من منظر ، وأكثر من متدخل ، وربما الحدث تجاوز رئاسة النظام في الجزائر وأصبح " لعبة" الجميع ، وكل من يريد العلو والمال.
سينتصر المغرب، لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه وأن الذين " كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله " سيمنون بالهزيمة تلو الهزيمة ، والخزي في الدنيا والآخرة، فلينظروا حولهم فهناك معجزات وتذكرة . وليدركوا أن المغرب – وأن حسدكم وعداؤكم له- لن يزيده إلا قوة ورفعة ومكانة بين الأمم . لأن المغرب يلعب داخل حدوده وكف أيديه عنكم ،وكي لا يلحق السوء غيره من الجيران . لكن رغم ما قيل يبقى دائما الأمل في وصول الرجل المناسب، والحكيم الذي سيرجع الأمور إلى نصابها ولو في آخر لحظة ، كي يرجع الماء إلى مجراه، وتسكن القلوب إلى بعضها بين الشعب المغربي والجزائري وكل الشعوب الأخرى ، فقط مخافة من الله ، وخدمة لدينه ولخلقه ، وليس لخدمة أجندة مؤقتة لا تخدم مصالح المسلمين في شيء، وإنما تجعلهم أضحوكة العالم . ليقول الكفار :" انظروا لمن يدعون الإسلام كيف يتنازعون !" حقا! إن من تنازعهم نحن مستفيدون. وفعلا فالغرب يستفيد من خلافاتنا ، وينهب خيراتنا، وإن قدر ، غدا سيحاربنا بمالنا . فهل نحن منتهون يارؤساء الجزائر ؟ كي نتفرغ جميعا للتنمية وحفظ الدين والشرف ، وكرامة الإنسان المسلم في أي مكان؟
فالخلاف بين المغرب والجزائر يخدم مائة على مائة إسرائيل ، وعوض أن تندد الصحافة الجزائرية بأعمال إسرائيل، والاستيطان ها هي تشحذ سيوفها لتجهز بها على المغرب .فهنيئا لنا بخلافاتنا، وتكالب الأمم علينا. فالفشل المتلاحق بالعرب هو من سوء التفاهم الحاصل بين دول شمال افريقيا.
حفيظ بوقرة