المصطفى الإسماعيلي
أسماء مملكة في غير موضعها.. كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد.
الاتجاه المعاكس.. الرأي والرأي الآخر.. منبر مَن لا منبر له.. حرية التعبير..
أسماء برامج ومسميات وشعارات وهمية تتبناها الجزيرة القناة والجزيرة الدولة، لكنها مخالفة تماماً لواقع الحال.
وحديثنا اليوم عن الجزيرة القناة أو "الجزيرة الداعشية"، ومدى ممارستها لأسلوب ومنهج "الداعشية"، حيث إنها طالما تغنَّت بهذه الشعارات والقيم الإنسانية الراقية التي تطبقها غيرها من القنوات الإعلامية الاحترافية ذات المهنية العالية، وهي عن "الجزيرة" ليست بقريب.. وحيث إن هذا البوق الإعلامي المستأجر مبنى والمستأجر موظفين ما هو إلا أداة من أدوات الإرهاب الذي تمارسه "الجزيرة الدولة".
وعندما نذكر عنوان المقال، فإننا نعني أن صفة "الداعشية" مرتبطة ارتباطاً وجدانياً وكاملاً مع سلوك وممارسة قناة الجزيرة، وكذلك الربط والتأكيد أن القناة ما هي إلا "داعشية" في المنهج والفكر والأداء والخطط والبرامج، وذلك وفق ما يُوحَى إليها من كبير "تنظيم الحمدين" الذي علمها السحر.. ونعني هنا "بابا عزمي".
كل مَن يوقع العقد مع قناة "الجزيرة الداعشية" فإنه ملتزم التزاماً كاملاً وبكل وجدانه وأحاسيسه ومشاعره بنهج "داعشية الجزيرة"، وأن يتبنى ذلك الفكر الأحادي والداعشي مهما خالف معتقداته الشخصية أو الدينية أو الثقافية أو خالف انتماءه الوطني أو القومي، بل وعليه أن يُظهر ذلك علانية على الشاشة وأمام الجمهور.
واختصاراً.. فإننا نعني بـ"الداعشية" هو ذلك الفكر الأحادي المتزمت، والذي لا يقبل الرأي الآخر، ويرى رأيه هو الصواب وأسلوبه هو الصواب.
ولعل هذا ما نتج عنه من ممارسة عملية للفكر الداعشي في القتل والإرهاب والتشريد من قبل الجماعات الفكرية والمتطرفة.. وما صاحب ذلك من ممارسة إعلامية خبيثة للفكر الداعشي في محاربة كل رأي يخالف رأي "تنظيم الحمدين"، وهو ما مارسته الجزيرة بأسلوب القوة الناعمة متوافقاً مع النهج المرسوم لها من "تنظيم الحمدين".
ومن خلال الربط بين الجزيرة القناة والجزيرة الدولة، نرى أن الاثنين متطابقان في خصائصهما في معظم الأمور وتكثر بينهما المتشابهات وتحوم حولهما الشبهات، الأمر الذي جعل معظم أصحاب الفتنة كأنهم يحومون حول "حمى الله" في هذا الشأن، ما أوقعهم في محارم الله من القتل والإرهاب، فأصبح "تنظيم الحمدين" يمارس فكره الإرهابي وفق محورين هما:
أولاً: داعش الميدان والعمليات.. وذلك من خلال فرقه وجماعاته المنتشرة في بقاع الأرض تعيث القتل والدمار والتشريد.
وثانياً: داعش الإعلام والقوة الناعمة.. من خلال الجزيرة وممارستها لهذا الفكر الإرهابي بحيث إنه التصق بها وصف "داعشية الجزيرة".
وعودة لقناة الجزيرة فإنها تعيش هذا الاسم، واقعاً وتمارسه عملياً من حيث انعزالها الكامل عن انتمائها العربي والقومي، بل قد نقول انعزالها عن الانتماء الإنساني عموماً.
ويرتكز حديثنا هنا عن قناة الجزيرة للتعرف على الأبعاد الاستراتيجية التي تسعى إليها وفقاً لمنطقها القائم على عزلتها، وتركيز مصدر قوتها في التفريق والتفتيت والتشتيت بين الدول والشعوب وإلقاء التهم هنا وهناك.
وإن أي توصيف حقيقي لهذا الوضع يمكن أن نوجزه في أن قناة الجزيرة هي فعلاً جزيرة.. بانعزالها عن واقعها العربي والقومي.
هي "الجزيرة" في كل شيء..في تأسيسها..في فكرها.. في أيديولوجيتها..في خُبثِ أدواتها ونياتها.. في ضررها وممارستها للإرهاب الفكري المتوافق مع الإرهاب الميداني لداعش الميدان والعمليات كما أسلفنا سابقاً..
هي الجزيرة التي من المفترض أن تكون جغرافياً وتاريخياً وعمقاً وانتماءً لأمتها وولاءً لشعبها العربي.. لكنها في الواقع هي "الجزيرة القناة" في خروجها الدائم المتعمد والخبيث خارج الصف العربي..
هي الجزيرة بتجردها من مشاعرها العربية والقومية تجاه الهموم الحقيقية لواقعها العربي، وليس مجرد التغني بشعارات الكرامة والحريّة..هذه الشعارات التي تكشف عن واقع لا مفر منه عن الأمراض النفسية التي يعاني منها مؤسسو قناة الجزيرة والمنتسبون إليها، والذين يعادون دولهم وشعوبهم لا لشيء سوى "خالف تُعرف".
هي الجزيرة بفكرها الأحادي والذي لا يقبل الرأي الآخر ولا يقبل الاتجاه المعاكس رغم ما تنادي به من شعارات فارغة.. وواقع الحال يثبت ذلك.. وتكفي إحدى دلالات هذا الأمر - أي الفكر الأحادي المُوجّه.. أو مجازاً الفكر الداعشي الأحادي - في قناة الجزيرة هو أحد بنود التعاقد بين القناة وبين كل مَن يعمل بها وهو بند الملكية الفكرية.
وينص العقد صراحة على أن كلّ مَن يوقع العقد مع قناة "الجزيرة الداعشية" فإنه ملتزم التزاماً كاملاً وبكل وجدانه وأحاسيسه ومشاعره بنهج "داعشية الجزيرة"، وأن يتبنى ذلك الفكر الأحادي والداعشي مهما خالف معتقداته الشخصية أو الدينية أو الثقافية أو خالف انتماءه الوطني أو القومي، بل وعليه أن يُظهر ذلك علانية على الشاشة وأمام الجمهور، وعليه أن يكون ملكيّاً أكثر من الملك نفسه.
ولعلّ هذا ما يفسّرُ لنا تلك الحماسات غير الطبيعية من مذيعي قناة الجزيرة تجاه القضايا التي يتبناها الفكر الأحادي أو الداعشي في القناة، خاصة في التعامل مع الملف المصري تحديداً، ومع ملف المقاطعة الخليجية والعربية، لأنه كما تبين للجميع أن مستوى حماسيات مذيعي الجزيرة في هذين الملفين كان "أوفر" بزيادة.
والسؤال الذي يطرح نفسه.. أليس هؤلاء المذيعون هم مَن يتغنون بالحرية ويتغنون باستقلالية المرء، فضلاً عن حرية واستقلالية الدول، ثم ها نحن نراهم هنا في المبنى الصندوقي لقناة الجزيرة مجرد أدوات فقدت سيطرتها على نفسها ويمارسون بكل احترافية "داعشية الجزيرة".
ويمكن تأكيد أن قناة الجزيرة هي فعلاً داعشية بممارستها للفكر الداعشي وانفصالها الوجداني والعاطفي عن أمتها وعروبتها وفق النقاط التالية:
1- عودة إلى تأسيس قناة الجزيرة فإن الهدف الرئيسي كان هو كما ذكرنا هو تفعيل القوة الناعمة لـ"الجزيرة الدولة"، وكان الهدف في إيجاد منفذ شرعي إلى أفئدة ووجدان الشعوب والدخول إلى "بيت بيت... وبلد بلد.. وحي حي.. وزنقة زنقة"، في كل نطاق المجتمع العربي وتفكيك أواصره على نارٍ هادئة وبنَفَس طويل.. وأن تكون القناة منبر مَن لا منبر له ويكون تركيزها من خلال سيرها في الاتجاه المعاكس لما فيه مصلحة الشعوب العربية.. وأن تكون قناة الجزيرة معول هدم في جسد الأمة العربية توافقاً مع نهج "داعشية الجزيرة" الدولة، ويتوافق ذلك ميدانياً مع العصابات الإرهابية لتنظيمات "داعش" الميدانية.
2- ما تعرضه قناة الجزيرة بشكل دائم وممنهج وفق ما يتفق مع الأجندة المعتمدة من "تنظيم الحمدين"، وذلك بعد اعتماده النهائي من كبيرهم الذي علمهم السحر "عزمي باشا"، هذه الأجندة لو تم التدقيق فيها بتجرد عاطفي نجد أنها ترتكز أساساً على تأجيج مشاعر الناس واللعب على تأليب مشاعر الشعوب العربية تحديداً فيما بينها من جهة وفيما بين حكامها من جهة أخرى.
3- التأكيد على عدم مهنية قناة الجزيرة من خلال تركيزها على دول بعينها، بل تركيزها على دول المقاطعة تحديداً، ونقولها صريحة، بأن تركيزها على دول المقاطعة العربية، لأنها أساس العرب وأساس قوتهم، فهي الملاذ عند الملمات وهي الحصن عند النكبات، وغاية الجزيرتين... الدولة والقناة، هي تقويض هذه الدول العربية العريقة التي يفخر بها كل إنسان، فضلاً عن كل عربي.
ولعل ما يؤكد ذلك هو عدم وجود تغطيات إعلامية واسعة لمقاطعات دولية متعددة ومشابهة لمقاطعة قطر ولم تتعامل "الجزيرة الداعشية" معها بهذا التفاعل المسعور الذي تفاعلت به مع مقاطعة قطر، حيث إن الجزيرتين استنفرتا بقضّيهما وقضيضيهما تجاه هذه المقاطعة العربية المشروعة.
4- ممارسة قناة الجزيرة لمفهوم الاستهبال الإعلامي أو العبط الإعلامي فيما يخص تغطية الأحداث في دولة المقر.
وهذا التجاهل ما هو إلا استهبال وعبط إعلامي متعمد، إما تأكيداً لممارسة مفهوم "القوة الناعمة" وإما خوفاً من زعل الأمير الوالد أو "بابا عزمي"، الأمر الذي ينتج عنه إلغاء الإقامات وترحيلهم على أول طائرة، لذا فإن خنفر وصحبه آثروا السلامة وكبّروا أدمغتهم ووساداتهم، وقرروا أن يأكلوا "عيش"، لذا فإننا نجد أن قناة الجزيرة لا تتناول على الإطلاق المشاكل الداخلية لـ"الجزيرة الدولة" أو تتناول ما يتعلق بحقوق المواطن القطري الذي لا صوت له ولا يمكنه أن يعبّر عن رأيه فيما يدور من أحداث.
5- من النقاط التي تؤكد مقولة "الجزيرة الداعشية"، أنها غالباً ما تُمارس أسلوب اللعب من تحت الطاولة، بمعنى هي مَن تختار ضيوفها، خاصة في حالات الرأي والرأي الآخر، حيث إنها تتعمد أن تأتي بأناس ضعفاء غير مؤهلين في مواجهة أشخاص لهم من لحن القول وعذبه ما يفوق غيرهم، ويحملون رؤية "الجزيرة الداعشية" ويتفقون مع "داعشية الجزيرة"، ويكونون هادئين واعين بما يقولون، معهم معلوماتهم ومراجعهم، أو بتعبير شعبي "مذاكرين كويس"، وبالتالي فإن الحوار يكون في النهاية "الرأي والرأي نفسه".
6- ولعل الأحداث التي تمر بها منطقة الخليج العربي وموقف دول المقاطعة العربية من "الجزيرة الدولة" هو ما نزع عن "الجزيرة الداعشية" ورقة التوت الأخيرة التي كانت تغطي سوءتها، وسوءة مذيعيها، فأصبحت قناة الجزيرة ومذيعوها عراةً أمام الشعب العربي كله، وذلك من خلال انحيازها الكامل والمعلن والمكشوف والمسعور لصالح "الجزيرة الدولة"، ربما خوفاً من ضياع لقمة العيش أو طمعاً في الشرهة الأميرية.
وأصبحنا نرى بكل وضوح أن "الجزيرة الداعشية" تتكلم عن قطر.. الجزيرة الدولة والتنظيم، أكثر من القنوات الرسمية في قطر نفسها مع العلم بأنها تتدعى أنها ليست قناة الدولة وتدعي قطر أن قناة الجزيرة ليست تابعة لها، وأنه لا سلطان على "داعشية الجزيرة".
ونقول للداعشية الجزيرة، لا ينكر أحد تميز أداء مذيعيكم وحرفيتهم في الأداء وقوة البيان ومخارج الحروف لديهم والتفاعل الوجداني مع الكلام الذي يقولونه، ونجاحهم في لغة الجسد وتعابير الوجه، ولا ينكر أحد عليكم التجهيزات الفنية الضخمة والاحترافية في نقل الأحداث، ولا ينكر أحد عليكم حجم الإنفاق الخيالي على إنتاج وإعداد المواد الإعلامية والفيلمية، ولا ينكر أحد عليكم مدى تميّزكم في وجودكم في قلب الأحداث في معظم الأماكن على مستوى العالم، لذا فإننا نأمل منكم..
ألا تنكروا علينا أنكم دواعش هذا العصر ولا تنكروا عن مدى الدمار والخراب والتشريد والقتل والإرهاب الذي تسببتم فيه، ولا تنكروا علينا مدى الشرخ العاطفي الذي سببتموه بين الشعوب العربية وقادتها.. ولا تنكروا علينا مدى الجرح الذي طعنتم به أمتكم العربية من خلال تبنيكم داعشية المنهج والأداء وكفرتم بما أنعم الله به عليكم من قوة البيان والتجهيزات الفنية.
ونقول لـ"الجزيرة الداعشية" بأن الأيام دول، وكما تدين تُدان، وإن كُنتُم تفاخرون بأنكم دعاة الحرية وناصري المظلومين، وإن دول المقاطعة العربية تطالب بوقف "الجزيرة الداعشية" غيرة منكم، فنقول هذا مردود عليكم، فمستوى بعض القنوات العالمية يفوق مستواكم وخبرتهم تفوقكم وطرحهم أقوى من طرحكم، لكن رغم ذلك فإن لها وجوداً ولها قبولاً رسمياً وشعبياً، وهي لها تراخيص رسمية في عدة دول، حيث تفرغت للإعلام فقط ولا شيء غير الإعلام.
ونقول لكم، كما أن دول المقاطعة تحارب داعش وغيره من الإرهابيين في الميدان، فإنها تحارب "داعشية الجزيرة" كفكر منحرف ومتطرف ولا تحارب القناة كمبنى وأجهزة، فأنتم بفكركم الداعشي والإرهابي العفن مَن اخترتم مواجهة أمتكم العربية، فعليكم من الله ما تستحقون ولكم من خلقه الويل والعار.
ولا نريد أن نجاريكم في داعشيتكم الفكرية ولا نريد أن ينطبق علينا قول الشاعر: ألا لا يجهلن أحد علينا.. فنجهل فوق جهل الجاهلينا
وأخيراً أذكّر قناة الجزيرة بحديث سيد البشر صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه (لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا).
وصور القتل متعددة قد تكون بالقتل المباشر باليد أو السلاح، وقد تكون أمراً شفهياً أو كتابياً للآخر بالقتل، وقد تكون إيماءة، وقد تكون تغريدة وقد تكون تحريضاً على الخراب والدمار وقد تكون تهييجاً، الأمر الذي تنتج عنه الفوضى والقتل والدمار.
وَمِمَّا يعتقده كاتب هذه السطور أن قناة الجزيرة الداعشية وموظفيها ومذيعيها أسهموا إسهامات مباشرة وغير مباشرة في القتل والفوضى والدمار والتشريد الذي يعاني منه عالمنا العربي هذه الأيام، وأنهم يمارسون الفكر الداعشي باحترافية عالية وممنهجة حتى أصبحت "الجزيرة الداعشية" منبر مَن لا منبر له من أصحاب الفكر الداعشي، وأصبحت أداة دمار من أدواتهم وسوف يحاسبهم الله عز وجل يوم القيامة فيما سببوه من دمار وقتل وتشريد.
ونذكّرهم بقول الشاعر
ما من كاتب إلا سيفنى.......ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء.....يسرك في القيامة أن تراه
آهات وآهات تخرج من عمق صدور العرب تجاه ما يحدث في عالمنا العربي من خلال شاشات إعلامية يديرها أبناء جلدتنا ويجلدون بها جلود أمتهم العربية، وهي التي علمتهم وربتهم وكبرتهم، فعادوا ينخرون في جسدها..
انتهت كلمات كاتب هذه السطور.. ولم تنته همومه.. ولن تنتهي طالما يوجد من بني جلدتنا على شاكلة "الجزيرة الداعشية".