“مسائيات زيان”.. هو عنوان “سيتكوم” رمضاني تعتزم قنوات القطب العمومي بثه خلال ليالي رمضان المقبل، وتحديدا في أوقات الذروة حيث ترتفع نسبة المشاهدة بالتزامن مع تناول وجبة الإفطار.
“سيكون عملا دراميا هزليا مستوحى من تلفزيون الواقع”، يؤكد بطل المسلسل المحامي محمد زيان، الذي يراهن على تجميع وتوضيب خرجاته الإعلامية الساخرة في قالب درامي لتحقيق مصالحة تاريخية بين المغاربة وتلفزتهم الصغيرة، وذلك بعدما استطاع، بفضل دعابته وسخريته السوداء، أن يصالح بين المحاكم وقضايا الحوادث وبين المتتبعين للشأن القضائي والقانوني ببلادنا.
“فالجديد في رمضان هذه السنة، هو أننا كمغاربة سوف لن نضطر للتعايش والمساكنة مع نفس الشخصيات الكلاسيكية التي تتكرر باستمرار (كبور والشعيبية ولحبيب وغيرهم)، كما أننا لن نحتج على فيصل العرايشي وسليم الشيخ وصارم الفاسي الفهري بسبب رداءة المنتوج الرمضاني وإهدار المال العام في “سكيتشات حامضة”، والأكثر من ذلك أننا سنكون، ولأول مرة في تاريخ الدراما المغربية، على موعد مع بطل ساخر من أبطال تلفزيون الواقع ZIANE SHOW”، يوضح ناقد سينمائي في تصريح لبرنامج (ضيف FBM) الذي يقدمه بلال مرميد.
“أفيش المسلسل الجديد”، حسب المعلومات التي تم تسريبها لحد الآن، تشير إلى أن محمد زيان سيلعب دور البطولة الفردية، متقمصا دور محامي في السبعينات من عمره، أصابه الزهايمر القانوني والسياسي، فتخلى عنه الجميع بسبب مشاكله الكثيرة وزلاته المتكررة، وأمعن القضاة في الحكم لصالح خصومه مما تسبب له في خسارة جميع القضايا التي يترافع عنها، وهو ما جعله يفكر في طريقة مبتكرة للانتقام بطعم السخرية، تمثلت في امتهان “الترافع الارتجالي” أمام وسائل الإعلام بعيدا عن رحاب المحكمة التي ألف خسران قضاياها.
وسيتألف السيتكوم الجديد “مسائيات زيان” من 30 حلقة ستحضر فيها الدعابة والسخرية، وسيغيب فيها القانون، وسيتولى خلالها محمد زيان إعادة محاكاة شخصيته الواقعية في مواقف هزلية، في كثير من القضايا والحوادث التي ترافع فيها، انطلاقا من نيابته عن الدولة المغربية في قضية نوبير الأموي، ومرورا بسحب النيابة منه في ملف ناصر الزفزافي، وانتهاءً بغزواته وصولاته في قضية توفيق بوعشرين.
ويظهر المحامي محمد زيان، من خلال كواليس الحلقات التي تم تصويرها لحد الآن، في مواقف هزلية كثيرة تجرّ عليه سخرية القضاة والمحامين والمتهمين، وتبدأ عندما غلبه النوم في الصف الأمامي من قاعة المحكمة المخصص لهيئة الدفاع، وفجأة يستيقظ على وقع صخب المرافعات وضجيجها، فيسأل أحد زملائه عن مآل قضيته. هذا الأخير يتعمد السخرية منه، ويخبره بشكل تدليسي، بأن النيابة العامة تتابع موكله بجريمة اغتصاب عابر للحدود الوطنية ضحيته سيدة مقيمة بفرنسا.
هنا، تبدأ المواقف الساخرة في التناسل عندما يقول محمد زيان عبارته الشهيرة “واش زنطيطوا ولى قد الدنيا” في إشارة منه إلى أن سلاح الجريمة لا يمكنه أن يبلغ فرنسا حيث مكان الضحية بيد أن الجاني يقبع هنا في المغرب!. انطلاقا من هذا التصريح، الذي تتجاذبه السذاجة وعدم اللياقة اللغوية واللامبالاة بالطابوهات، سيقتنع القضاة وممثلي النيابة العامة وأعضاء هيئة الدفاع والمتهم نفسه بأن مرض الزهايمر تسرب إلى دماغ بطل المسلسل، فيقرروا جميعا رفع القلم عنه، وعدم ترتيب أي أثر قانوني على كلامه، فاسحين المجال أمام دعابته اللامحدودة وقفشاته التي لا تنتهي.
وتتوالى المقاطع المضحكة والمشاهد الساخرة، عندما يدرك محمد زيان بأن القضاة والمحامين وأصحاب القضايا نفروا منه إلى غير رجعة، فيقرر لعب آخر أوراقه من أجل استمالة الناس وما تبقى من أصدقاء الأمس، معتمدا على سلسلة من المرافعات الارتجالية في الشارع العام وفي المقاهي وفي ساحات المحاكم، وناهلا من قاموس موغل في الشعبوية. ومن أبرز ما جاء في هذه المرافعات “واش البوسان والتعناق يديوا للحبس”، و”واش كاينة شي صحافية قاصرة” عندما ظن بأن متابعة موكله كانت من أجل التغرير بضحايا قاصرات.
لكن للأسف الشديد، إنها ليست سلسلة رمضانية، كما أنها ليست شخصية افتراضية ولا هي قصة من بنات أفكار الكاتب أو المؤلف، حيث الخيال هو مصدر الشخصيات، والدراما هي المتحكمة في السيناريو والحوار.
إنها صورة حقيقية من الواقع المغربي، حيث لم يعد بمقدور البعض أن يزن كلامه، وحيث أن تسييس القضايا أضحى أصلا تجاريا يستغله البعض لتحقيق مكاسب شخصية على حساب مصلحة المتهمين الذين يضيعون وراء الخرجات والزوبعات الإعلامية، وحيث أن التراشق بالكلام والتهم أصبح هو الرهان الرابح لدى البعض عوض مقارعة الحجة بالحجة والقانون بالقانون.
إن مثل هذه الشخصيات “الحقيقية وليس الافتراضية”، هي من يسيء إلى صورة المغرب و”العدالة الوطنية”. فعندما يشاهد العالم أحد أعضاء هيئة الدفاع يعرّض زميله لعنف جسدي في باحة المحكمة، ويأخذ منه الكلام عنوة، ويرشق النيابة العامة بعبارات تحقيرية ويصفهم بـ”السلاكط”، ويقحم الحكومة في عمل سلطة القضاء، ويلقي الكلام على عواهنه أمام وسائل الإعلام… وقتها سيقول العالم إن دفاعهم هو مرآة لعدالتهم وهو انعكاس لتطورهم. والمغاربة هم أنبل وأسمى من أن تكون صورتهم من صورة صاحب مقولة “الزنطيط”.
لكن في عتمة هذه السلبية المفرطة، تتناسل أشعة ساطعة من مواقف راسخة لمحامين وأعضاء في هيئة الدفاع شرفوا مهنتهم، وتشرف معهم وبهم المغاربة. محامون اتخذوا مواقف حازمة، وتصالحوا مع ضميرهم عندما انسحبوا من قضايا، انحازوا فيها لسمعتهم وأخلاقيات مهنة الدفاع على حساب المزايدات “الخاوية”، التي تخصص فيها البعض لدرجة ترشح معها للعب دور البطولة المتفردة في “سيتكوم” رمضاني بقالب هزلي تحت عنوان “مسائيات زيان”.
برلمان.كوم