طه لمخير
أرسلان رئيسا للحكومة، عبد الواحد المتوكل وزيرا للتجهيز، عمر إحرشان الناطق الرسمي باسم الحكومة، أمال جرعود وزيرة الأسرة والتضامن، عمر أمكاسو وزيرا للخارجية، منير الركراكي وزيرا للثقافة، محمد بارشي..."هذا ما عرفت فين نحطو" وزير بدون حقيبة "باش ما يبقاش فيه الحال".
حكاية قد تبدو اليوم ضربا من الخيال نظرا إلى موقف الجماعة منذ أسسها عبد السلام ياسين من الحكم والديموقراطية وثوابت المملكة.
لكن التاريخ السياسي للأحزاب المعارضة في المغرب يجعل الحكاية قابلة للتحقيق، نستحضر تجربة الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال وظروف نشأة الكتلة وسياق حكومة التناوب إلى دخول الجماعة الإسلامية تحت جبة حزب الأستاذ عبد الكريم الخطيب وتحوله إلى حزب العدالة والتنمية. ألم يكن في التسعينات تصور ابن كيران رئيسا للحكومة مدعاة للتهكم؟ وقد كان.
السياسة هي فن الممكن والدولة لها في هذا الفن إبداع وعبقرية وطول نفس أيضا. الإسلاميون متعطشون للإمارة، هم من يطلبون الحكم فلننتظر ونرى!
لابد أولا من الإقرار بأن ما تقوم به الجماعة من تحريض وابتزاز للمطالب الشعبية واستغلال الأزمات السوسيو-اقتصادية لا يمكن فصله عن رغبة محمومة في دخول المعترك السياسي تحت القبة، على الأقل الجناح السياسي المسمى بالدائرة السياسية للجماعة التي يرأسها عبد الواحد المتوكل ومن طرف خفي فتح الله أرسلان؛ وهو عقل الجماعة السياسي والمدبر لمصيرها الاستراتيجي دون منازع.
هناك نزاع لا شك..هناك خلاف حاد بين الدائرة السياسية والدائرة الروحية أو الدعوية. هذه الأخيرة يمثلها العبادي وهو أيديولوجي محترق يقتفي أثر شيخه الهالك اقتفاء حرفيا ويرفض أي عمل سياسي في ظل الديموقراطية تحت إشراف المؤسسة الملكية داعيا إلى ما يسمونه "الشورى الإسلامية"، ويتشبث بنبوءة شيخه الطوباوية في الوعد الإلاهي "المفترض" بعودة "الخلافة الثانية على منهاج النبوة"باعتبارها حتمية تاريخية وعقدية.
وفِي الأثناء، فإن العمل بالنسبة لفريق العبادي (معظم رجال الجناح الدعوي المتطرف يتركزون في الجهة الشرقية وجدة بوعرفة..) ينبغي أن ينصب على تجنيد أفراد الشعب وبث الأيديولوجيا في صفوفه وانتظار مرحلة النضوج التي ستفضي إلى القومة العارمة لإسقاط النظام.
عندما يتحدث أرسلان عن الشروط الديموقراطية والمناخ السياسي لدخول المعترك، يتحدث العبادي عن الشورى كعقيدة ودوغما وليست مجرد وسيلة سياسية يمكن الاستعاضة عنها بالديموقراطية الإجرائية لبلوغ الهدف. يمكن اعتبار هذا كسرا فلسفيا بين تيارين داخل الجماعة قد تفترق بهما السبل، أو تكاملا تكتيكيا يمكن وضعه في إطار العلاقة بين البيجيدي وحركة التوحيد والإصلاح.
لا يمكننا التهوين من العمل التجنيدي الذي تقوم به الجماعة في الوسطين الحضري والقروي - مستغلة غيابا صارخا للدولة في البؤر السوداء- من خلال الأعمال الخيرية، والمستوصفات الطبية التي تقدم المساعدات الأولية، (بعضها يحمل أختاما رسمية لوزارة الصحة)، المؤن الغذائية التي توزعها على المعوزين، أنشطة تحفيظ القرآن، ودروس محو الأمية تجهيز الجنائز والتكفل بتكاليف الأعراس وغيرها من الأنشطة الاجتماعية.
أكثر من ذلك فهي تتوفر على مكتب لطباعة منشوراتها وهيكلة تنظيمية تماثل هيكلة الأحزاب السياسية لمجالسها وهيئاتها وشبيبتها وقطاعها النسائي مقسمة على الأقاليم و الجهات والأحياءفي المدن و القرى، ومركز للأبحاث والدراسات وأطر مؤهلة مندسة في القطاعات العامة في التربية والتعليم والصحة والنقابات المختلفة.
(تتكتم الجماعة عن أعداد المنتسبين، ويقدر المراقبون أعضاء الجماعة ما بين خمسين ألفا إلى خمسمائة ألف على أقصى تقدير، المعدل المنطقي يراوح مائتي ألف منخرط وهم في ازدياد مطرد).
الجماعة تعتمد في دخلها على اشتراكات العضوية التي تدر أموالا طائلة على خزينة الجماعة، هناك أيضا التحويلات المالية التي تصلها من أعضائها المنتسبين في الخارج، أساسا من الديار الإسبانية التي تضم أكبر عدد للمنتسبين للجماعة في أوروبا وعلى الأخص في إقليم الأندلس، نجد حضورا مكثفا للعناصر في إشبيلية مورسيا غرناطة وفِي الثغراين المحتلين وهما نقطة الاتصال الأساسية بين الجماعة في الداخل وأعضاءها في الخارج.
نلاحظ تنافسا بينها وبين منظمتين إسلاميتين على استقطاب أبناء الجالية المسلمة: الإخوان المسلمون وحزب التحرير. لكن الجماعة تحتفظ بنصيب الأسد نظرا للأصول المغربية لأغلبية المسلمين على حساب المنظمتين المشرقيتين.
لا ننس أن الجماعة حققت طفرة نوعية على مستوى تمثيلها في الخارج، عندما انتخب في السنوات الأخيرة أحد أعضاءها-منير بنجلون- على رأس الاتحاد الإسباني للكيانات الدينية الإسلامية في إسبانيا، وهو الاتحاد الذي يشرف ويدير زهاء ألف مسجد في عموم المملكة الإيبيريةإلى جانب جمعيات إسلامية منضوية تحت لواءه، مما يجعل تجنيد أبناء الجالية المغربية لصالح الجماعة أمرا متاحا وميسورا عن ذي قبل عندما كان محمد علي رئيسا للاتحاد، وهذا ما جعل إسبانيا تتوجس من هذا الانقلاب في حرم الاتحاد لما يمثله من خطورة أيديولوجية عَلى مسلمي إسبانيا. فمسألة عدم الارتباط بالخارج الذي تروج لها الجماعة محل نظر.
لكن دعونا نعود إلى مسألة الاندماج السياسي الافتراضية.الجماعة تضع نصب عينها تجربة حزب العدالة والتنمية مع حركة التوحيد والإصلاح، هنا نتحدث عن فصل السياسي عن الدعوي، استطاع العدالة والتنمية تحقيق هذا الفصل وتوزيع الأدوار في لعبة التكتيكات وفن الممكن "وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، الحزب يسلك نمطا حداثيًّا ولغة توافق المنطق السياسي المغربي الذي رسمه المخزن، منطق يمنع استعمال الدين والمتاجرة بالإيمان في السياسة، أو مغالبة الخصوم السياسيين بخطاب الوعظ والإرشاد.
هذه مهمة خولها الحزب للحركة التي تأخذ مسافة نسبية من الحزب وتمارس معارضة لينة بينما تتولى أمور الدعوة والتجنيد بنفس حثيث في الأوساط التي تتحرك فيها.
بالنسبة للدائرة السياسية في الجماعة فهي لها القدرة الاستراتيجية والوسائل التنظيمية للمضي في هذا الفصل وبنفس الأسلوب؛ الدائرة السياسية ستتناول المعترك السياسي تحت القبة وتمرر خطابا مرنا تجاه الفرقاء والتعددية بينما يستمر الجناح الدعوي في أسلمة المجتمع وأدلجته؛ بمعنى إخراج المواطنين من التدين العادي إلى تدين أيديولوجي قطبي، ما يحدث هو فعلا زعزعة للعقيدة عن طريق الإغراء والابتزاز، ويخضع لمنطق التبشير بنكهة إسلاموية.
ليس هذا أمرا بعيدا (أقصد التحول إلى العمل السياسي الرسمي). وهنا أتحدث عن الطبقة العليا في الجماعة أعضاء مجلس الإرشاد ومجلس الشورى دون القاعدة المغيّبة—لأن السطوة النفسية وخطاب الشيخ ياسين المنغلق حركيا قد تلاشى منذ زمن بعيد؛ يمكن القول إن شهادة وفاته قد وقعت عام الأحلام 2006، منذ ذلك الوقت اهتزت الثقة في مصداقيته وسبب حرجا بالغا لأعضاء مجلس الإرشاد، و أصبح وجود الشيخ صوريا تستثمر الجماعة تاريخه السياسي وإنتاجه الفكري في الدعاية السياسية. لكن في لحظة من اللحظات تمت إزاحة الشيخ بهدوء عن المشهد وتولى شؤون الجماعة الأعضاء الأكثر نفوذا وسطوة وأصبح الشيخ حينها كرتا محروقا أو بمثابة العميل الذي انكشف، وما من شيء أسوء عند الصوفية من الولي الذي يُخْلِف اللهُ وَعْدَه ويُكذّب نبوءته.
لقد كنة غلطة الأحلام وتنبؤ الشيخ بقومة تقلب نظام الحكم؛تشبه ركلة الجزاء التي ضيعها روبيرتو باجيو في نهائي مونديال 94 وأنهى مشواره الكروي الحافل بغلطة العمر التي ظلت تلاحقه حتى بعد اعتزاله.
العبادي رقيق الصوت، أسيف ضعيف الشخصية لن يقوم لصقور الدائرة السياسية ولا موجة الحسد المعلنة تجاه نظراءهم في حزب العثماني الذين أثروا وظهرت عليهم أمارات النعمة الطارئة..
الحياة فرصة تقتنص.. يدوس العقائدي على مبادئه عند أول منعطف، يخلع الدوغما كما يخلع البدلة القديمة الرثة عندما تلمع أضواء سيارات المرسديس وتفتح الأعين المشدوهة على حياة الفنادق المصنفة، وحمامات الجاكوزي المستديرة، وكراسي الشيزلونج الفاخرة، وطاولات البلياردو في صالونات الفيلات الأنيقةوالحسناءالربيطة في الشقة الثانية..
الأيديولوجيا تأخذ شكل لحية محففة للغاية ولبان عماني أصيل يعطر المكان ومسبحة من حبات اليسر لتمام المنظر.."معالم في الطريق"تلحقها مغانم في الطريق.
نلاحظ أيضا أن هذه الجماعات الإسلاموية باتت تشكل كوابح للتنمية؛ فهم يصلون إلى السلطة لا بكفاءتهم العلمية ومؤهلاتهم المعرفية ودراية بإدارة الأزمات وحسن تدبير الحكم وتمام التخطيط الاستراتيجي، ولا حتى بأناقة السياسي وبلاغته في التواصل مع الجماهير؛ ولكنهم يصلون باستغلالهم للدين والإيمان باللهواليوم الآخر وطريقة وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة.
ويبدو أن أمام المغرب شوطا مضاعفا حتى نتجاوز معضلة الإسلامويين وننطلق في مشاريع التنمية الحقيقية اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
هي طبقات بعضها فوق بعض؛ العدالة والتنمية تحته طبقة العدل والإحسان تحته البديل الحضاري والحركة من أجل الأمة وتحتهما طبقة السلفيين ثم الطبقة الكبرى من الأمية التي بلغت30 في المائة وفق أرقام رسمية حديثة، وكلهم ينتظر دوره ليجرب فينا نبوءته (الدولة الإسلامية المنشودة).
لكن رغم ما قلناهعن تمدد للجماعة في المجتمع؛ فإن الوقت ليس في صالحها كما أن التطور الطبيعي للمجتمع يأخذ إيقاعا متسارعا متفاعلا مع مؤثرات العولمة،يتجاوز الأفكار المتقادمة لشيخ الجماعة ومنظرها الأول والأخير، مما يجعل تكرار تجربة الإخوان المسلمين في المجتمع المصري في فترة ما قبل ثورة الاتصالات محالة للعوامل التكنلوجية المستجدة والأفكار العابرة للحدود.
الجماعة مرتاحة نسبيا إلى ممارسة المعارضة السلبية؛دور المُشيطِن أو المفسد spoilerأو المحرض الذي يضطلع بالنقد اللاذع والإزراء على الأوضاع وازدراء الفاعلين.هذا الوضع التقييمي للعوالم السياسية والاجتماعية والاقتصادية يوحي للمتلقي بأن الجماعة تملك الحل السحري المؤيد بالعناية الإلاهية، أليس كذلك؟
دور لعبته جماعة في المشرق لعقود حصدت فيه تعاطفا جماهيريا كبيرا ملأت الدنيا وشغلت الناس بالجنة الموعودة تحت ظلال حكمها الراشد، ثم سقطت سقوطا مدويا بعد أن تولت الأمور وسلطت عليها الأضواء فتجلى سوء تدبيرها للشأن العام وانهار الاقتصاد وتقلصت مردودية قطاع السياحة وانخفضت الأجور وتضاعف عجز الميزانية وارتفعت نسبة البطالة وضرب الإرهاب أطنابه في البلاد، ولو أطلقت يد حزب العدالة والتنمية في المغرب دون حسيب ولا رقيب لكان نفس المصير.
أعضاء جماعة العدل والإحسانعصابة اختارت السياسة لممارسة إجرام من نوع خاص، تمرست على المعارضة العدمية من خلال ندوات تدار في بيوتات أعضاء مجلس الإرشاد، و تقديم قراءات سياسية واقتصادية متواضعة ومغرضة في آن؛ تفتقر إلى المصداقية والنية الحسنة في إسداء النصيحة،سجل عريض من العنف في الجامعات، ديكتاتورية قمعية تمارسها من خلال السيطرة على اتحاد طلبة المغرب، حتى إن فصيل من جنسها اشتكى من ممارساتها الاستبدادية وجعل البعض يتنبأ بمستقبل البلد لو لا قدر الله وقع تحت رحمتها.
يصف البعض الجماعة بأنها مملكة ياسين المصغرةMini kingdom ، يمارس فيها استبدادا صريحا ظل ينتقده في زبره، لا رأي لبرولتاريا الجماعة المسحوقة تحت أقدام كبار القوم الذين يقتسمون الكعكة في ما بينهم، لا ديموقراطية داخلية لا حرية في النقد والتعبير لا مجال للاعتراض لا جدال على قرار و لا نقاش في توصية.
دعونا نتحدث قليلا عن القومة..قد لا تغامر الجماعة برصيدها وموقعها الحالي وبولاء أعضاءها بالدخول في المعترك بوجه مكشوف وصدر مفتوح، قد تلزم غرزها القدري في انتظار القومة الموعودة.
فكرة القومةتتكرر كثيرا في كتب مؤسسها وهي متداولةفي ثقافة الجماعة وتشغل حيزا في ذهنية الأعضاء..لا تفارقهم اللحظة القدرية المنتظرة.
تنظر الجماعة إلى الغد كنار مشتعلة تحرق الأخضر واليابس..عواصف هوجاء تقتلع الأسس وتقوض الأركان..ثورة عارمة فتفتح لها طريقا إلى الحكم..لا نجوت إن نجا..وإذا مت عطشانا فلا نزل القطر..لون من الأفكار المدمرة للنفس التي فقدت بوصلتها الإنسانية في سبيل تحقيق الذات والنبوءة حتى على حساب الجثث وأنهار من الدماء..لا تستهينوا بالعقائديين..إنه الهوس يمشي ملَكا.
فكرة القومة تبرر للجماعة التحالف مع "الذوات المذمومة" في ثقافتها؛ يساريين، ليبراليين، حركة عشرين فبراير، أي حراك من أي نوع فوق أي أرض تحت أي سماء فيه هرج ومرج ولغط وزعيق؛ هناك تنمو باكتيريا القومة وتتكاثر مادامت الوسيلة تبرر الغاية"القوماتية" وتعجل بها. في هذا الإطار نقرأ دعواتها إلى الحوار مع الفرقاء السياسيين والأيديولوجيين لفك العزلة وتشكيل جبهة معارضة.
بدخولهم البرلمان سيكون المغرب قد احتوى الأغلبية الساحقة من الإسلامويين ساخني الرؤوس تحت القبة. إخوان العثماني وإخوان ياسين إذا عقدا تحالفا أخضر اكتسحوا مقاعد البرلمان وشكلوا تهديدا مباشرا لمدنية الدولة ومسارها الحداثي والديموقراطي، وعادوا بنا إلى زمن عنترة العبسي والشعراء الصعاليك، إذا لم يتم التحالف قد نشاهد حركة تنقلات أو ترحال سياسي إسلاموي-إسلاموي بين القبيلتين، وفِي كلتا الحالتين سيرفع الأذان في البرلمان على طريقة مجلس الشعب المصري أيام الإخوان و حزب النور السلفي.
في ظل تهافت التيارات المدنية وغياب رؤية ناصعة للمستقبل وتحديد سليم للأولويات وتقييم للأخطار والمآلات؛ فإن هذا التشرذم وعدم القدرة على تحديد موقف فكري وسياسي واضح وقوي من الخطر الإسلاموي المحدق؛تكون المؤسسة الملكية هي بر الأمان والمعتصم الأخير للحفاظ على المكتسبات الديموقراطية والحداثية والتشريعية التي تحققت طيلة عقود من النضال.
الجماعة لا تكشف أوراقها تتمنع في تصريحاتها العلنية تستعمل لغة مخاتلة مطاطية، يمكن للمرء أن يفهم منها الشيء ونقيضه في آن واحد، يعلمون أن موقعهم في المعارضة غير الرسمية يغري الكثيرين من الواهمين والمخدوعين فيها بمن فيهم الطبقة الكادحة المستغلة اجتماعيا ومعنويا، كما يخشون من موجة مغادرات طوعية وانشقاقات في صفوف الجماعة خصوصا من العناصر الأشد راديكالية وولاء للمرشد—أثناء اتخاذ قرار مصيري مثل الدخول في المعترك والقبول بقواعد اللعبة.
لكن حتى الآن الجماعة في حالة احتباس وصراع بين تيارين؛ إن هي دخلت تخشى أن يحتوشها الذيب وما أدراك ما الذيب وهي لازالت عنزة طرية الإلية السياسية، تخشى أيضا على عذريتها السياسية (بتعبير الساسي) والشرف ما له ثمن.
وإن هي استمرت على عادتها القديمة توشك أن يتجاوزها الزمن الذي لا يرحم أحدا، فلا أحد يظل يعارض هكذا بلا غاية إلى يوم الدين، وأفكار الشيخ تموت في نفوس أصحابها وتتلاشى مع الزمن شأنها شأن ما سبقها من أفكار ومثاليات البشر وهلوساتهم. كما أنهم يدركون أن أي تحرك لزعزعة الاستقرار عن طريق الإشاعات الممنهجة والعنف المادي ستكون له عواقب وخيمة، وحتى الحصيص الذي هو رأس مالها قد ينفض من حولها فتكون مصداقا للمثل القائل "لا ديدي لا حب لملوك".
ولله الأمر من قبل ومن بعد.