يبقى موضوع أسماء لمرابط، العضو السابق في الرابطة المحمدية لعلماء المغرب، مربكا للكثير من الناس، الذين يحسبون كل صيحة عليهم. لكن عندما يتم وضعه في سياقه نعرف أنه لا يتجاوز "البوز". استقالت أسماء لمرابط أو أقيلت لا تنفع في شيء. لكن ما يهمنا هو تفكيك ما قالته بخصوص المساواة في الإرث. تضامن معها كثيرون وهاجمها آخرون، وكلهم متساوون في الخطأ. ليس من حقنا مهاجمتها ولكن من حقنا أن نقول لها ليست على شيء في قضية التجديد الديني.
أطلقت أسماء لمرابط العنان للسانها لتقول أي شيء وهي لا تتوفر على القدرة على الاجتهاد. السيدة دخلت الرابطة وأصبحت عالمة بالصفة، يعني لم تكتسب الصفة جدا واجتهادا وجهدا ونظرا في النصوص المقدسة. السيدة طبيبة متخصصة في تشخيص أمراض سرطان الدم. تعتقد أن تشخيص الأوروام بيولوجيا شبيه بتشخيص أعطاب قراء النص المستعصية.
نشير على أننا لسنا ضد مراجعة نظام الإرث بما يضمن مزيدا من الحقوق للمرأة، انطلاقا من مبدأ اساسي يتعلق بكون الإسلام لما جاء وحدد المواريث وحق المرأة كان يتحدى نظاما عالميا مبنيا على استعبادها وصولا حد بيعها وحد أن تكون هي بدورها موضوعا للإرث. وبالتالي النقاش من حيث المبدأ ليس غريبا عن الشريعة لكنه غريب عن أدعياء الشريعة.
عندما يتصدى بعض الليبراليين للموضوع ويطالبون بالمساواة في الإرث لا يسعنا إلا أن نقول لهذا خلقوا. لكن أن تتصدى أسماء لمرابط عضو الرابطة المحمدية للعلماء وتورد المقالة نفسها فهذا مثار استغراب.
مطلوب من عالم الدين ألا يردد ما هو موجود ولكن أن يستنطق النصوص ويمخضها مخضا حتى يقول قولا بينا في الأمر.
ما قالته أسماء لمرابط موجود ومتوفر ولم تزد على ما قيل بل نقلت ما كتبه السابقون بشكل سيء. فما الفائدة من وراء ذلك؟ وهل كل من حدثه مزاجه بقول في الدين ينطق به؟ نعتقد أن قضية التشريع تحتاج إلى اجتهاد واسع وموسع ووسع في النظر. قضية الإرث من الأمور المتعلقة بالاجتهاد الفقهي وليست متروكة لسوق الأفكار، وبالتالي هي تحتاج إلى تفكير جماعي من خلال مؤسسة الفتوى لا من غيرها.
كان من حق أسماء لمرابط أن تقول ما قالته ولكن بعد أن تغادر المؤسسة الدينية. أما من داخلها فالأمر محتاج إلى اجتهاد وجرأة لا تتوفر عليها العالمة المفترضة. لو كانت لمرابط جريئة لكانت لها القدرة على استنطاق النصوص أما الجرأة على النص فهي شغل كل من يريد أن يُشتهر ويعرف في إعلام لا يميز بين المقولات الأصيلة والمقولات المنقولة، ولوكان الإعلاميون المغاربة على اطلاع على الفكر الإسلامي لعلموا أن ما قالته لمرابط قديم جدا وقال به كثير من المفكرين لكن في إطار قراءة منهجية للتراث.
موضوع الإرث لا يمكن التطرق إليه في غياب إصلاح شامل للشأن الديني، وهذا الموضوع مطروح في المغرب منذ مدونة الأحوال الشخصية إلى اليوم ولو اطلعت صاحبتنا على التطورات القانونية لوجدت أن المغرب راجع كثيرا من الأحكام لكن بتدرج يراعي التطورات الثقافية والاجتماعية للمغاربة، وتبقى مؤسسة إمارة المؤمنين وحدها الكفيلة باستخراج الفتوى التي تريح الجميع، باعتبارها اجتهادا جماعيا لعلماء المغرب وخبرائه.
Annahar almaghribiya