بقلم : بوشعيب حمراوي
بات واضحا من خلال عشوائية وفوضوية الحراك الشعبي الذي عرفته وتعرفه عدة مناطق ببلادنا، قصور أداء الهيئات السياسية والنقابية والإعلامية والحقوقية.. المسؤولة عن التجاوزات والاختلالات التي شابت وتشوب الاحتجاجات السلمية. من أولويات مهامها اليومية تخليق الحياة العامة والتأطير والتوعية. وتمكين الشعب من آليات التواصل والتحاور والاحتجاج السلمي. وترسيخ ثقافة الالتزام والاحترام والقيام بالواجبات قبل المطالبة بالحقوق.المسؤولة عن انتشار (الهبل) النضالي و(الزعامات) الوهمية وسياسة الركوب على هموم ومشاغل المواطنين الأبرياء. الذين يورطونهم في أحداث (عنف وشغب وتخريب.). بات من المفروض إعادة النظر في أساليب وطرق تلك الاحتجاجات التي يسلكها البعض . والتي لم تعد تخلو من بصمات المندسين والمأجورين. ما وقع ويقع هنا وهناك من فوضى وشغب وسط احتجاجات المفروض أنها سلمية، يعود بالأساس إلى أنها عفوية، غير مؤطرة ولا منظمة. يمكن لأي كان أن يشارك فيها.. يناضل بطرقه الخاصة داخلها.. يستغلها لقضاء مآربه. علما أن مطالب المتضررين تدخل ضمن مهام الأحزاب والنقابات. من المفروض أن تلج مجالس الجماعات المحلية وقبة البرلمان والمجالس الحكومية والوزارية.يجب تسويقها إعلاميا ودعمها حقوقيا.. لكن للأسف، يتحول طالب سكن أو شغل أو.. في غفلة منه، إلى معارض للحكومة أو النظام أو الدين.. لمجرد أنه انساق عن جهل أو تسرع وراء بعض المنحرفين سياسيا و الانفصاليين الذين يقتاتون من العملات الأجنبية. الذين يدخلون في سبات عميق، ويظهرون مع بروز كل احتجاج شعبي..
مكتوب على المواطنين أن يعيشوا اليتم السياسي والجهل بالقوانين المنظمة لحيواتهم، لأن من عهدوا إليهم الاهتمام بشؤونهم اليومية، وواظبوا على منحهم أصواتهم في الانتخابات الجماعية والتشريعية والغرف المهنية..خذلوهم وهمشوهم. لم يبادروا إلى تثقيفهم لولوج عوالمهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية..
جيش الساسة بالبلاد هو من يجب أن يحاسب على الأحداث التي يعرفها الحراك الشعبي السلمي لضحايا (الخبز، الشغل، السكن..).هؤلاء الجنود الوهميين الذين تناسوا واجباتهم تجاه الشعب. وانشغلوا بتوزيع الأراضي والعقارات بينهم، وتكديس الأموال في حسابات بنكية أجنبية، ورفع طلبات التجنيس الخارجية لهم ولأفراد أسرهم..بلغت وقاحتهم إلى درجة الإدلاء بتصريحات وإصدار بلاغات التضامن مع المحتجين، والتنديد بالحكومة، مع كل حراك شعبي (الحسيمة، جرادة..). علما أن مهمتهم الأولى رفع تلك المطالب إلى الحكومة والبرلمان، قبل أن يخرج أصحابها إلى الشوارع والأزقة للاحتجاج.
إطلالة خفيفة على عدد الدكاكين السياسية بإقليمي الحسيمة وجرادة، قد تشعر المغربي بالرغبة في التقيؤ على أصحابها. دكاكين تفتح ليل ونهارا خلال مواسم الانتخابات. بعضها يغلق حتى إشعار آخر، وبعضها يفتح لاحتساء كؤوس السوائل والتخطيط للنهب والتموقع. دون أدنى اهتمام بمطالب السكان ومعاناتهم التي تزيد وتتنوع.. لتصيبهم بتخمة الاحتقان والإحباط واليأس.
يجب إحداث مجلس أعلى لمراقبة وتقييم أداءها تجاه الشعب. لأن أول من يجب انتقاده ومحاسبته ماليا ومعنويا هي تلك الأحزاب والنقابات التي تغرف سنويا من أموال الدولة دون أن تؤدي مقابلها، ومعها تلك الجرائد التي تلهث سنويا وراء الدعم في الوقت الذي لا مبيعات لبعضها. وهناك من حول أحد مكاتبها إلى أستوديو لتصوير المشاهد الإباحية وابتزاز الضحايا (صحافيات،موظفات، مواطنات). عندما يخرج جزء من الشعب إلى الأزقة والشوارع للاحتجاج وممارسة الشغب والفوضى والتخريب . بعد مشاهدته مباراة رياضية، أو من أجل نيل مطالب كان من المفروض أن تتحقق بسلك مساطر وقوانين ينظمها دستور البلاد، فهذا يعني أن تلك الهيئات لا تقوم بواجبها، وعلى الشعب أن يصب جام غضبه على قادتها. إن تفشي مظاهر العبث والعنف والتطاول على المسؤولين و المسؤوليات والتلاعب بالقوانين والعمل بالأعراف، أدى إلى ترسيخ سلوكيات الحقد والانتقام وعدم الثقة والتظاهر على نمط سكان الغاب. ما ذنب هؤلاء الأمنيين الذين يتم التنكيل بهم عند كل احتجاج؟، وما ذنب هؤلاء المحتجين الذين وثقوا في من شحنوهم بالغل والإحباط، وألقوا بهم أمام نيران هم من أشعلوها وزادوا من لهيبها لزعزعة استقرار وأمن البلاد؟.