ما زالت التيارات العدمية مستمرة في إشعال نار الفوضى بجرادة، حيث أظهرت الفيديوهات المبثوثة على مواقع التواصل الاجتماعي، مجموعة من الشباب يرشقون عناصر الأمن بالحجارة، ويتحدون قرار منع التظاهر غير القانوني، لكن المحركين للتخريب يختبئون خلف المطالب الاجتماعية ويؤججون الشباب، الذي يرفع مطالب معقولة والتي استجابت لها الحكومة بشكل مقبول ويمكن التفاوض على مطالب أخرى في المقبل من الأيام.
ينتقد البعض المقاربة الأمنية لملف جرادة. طبعا لم تكن المقاربة الأمنية في يوم من الأيام حلا، ولكنها "الحل الضرورة" لمعالجة إشكالات اللحظة، ولا يمكن أن نطلب من الأمن أن يقوم بأدوار غير مخولة إليه، فهو غير معني بالتنمية والاستراتيجية، إلا من حيث إنها عوامل مساعدة على الاستقرار، ولكن لا يمكن للأمن أن ينتظر حل كل مشاكل جرادة ثم بعدها يبدأ التعاطي مع التخريب.
من ضرورات ومهمات الأمن هو حفظ الاستقرار في اللحظة، حتى يترك لباقي المؤسسات القيام بواجبها بعد القضاء على الفتنة، التي لا يمكن وسطها تحقيق الأهداف المرجوة، باعتبارها وسيلة من وسائل عرقلة عمل الحكومة، ونتمنى أن يكون سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يقصد بوجود جهات "تضع لعصا فالرويدة" مثل هاته التيارات العدمية، التي لا يهمها بأي شكل من الأشكال أن يتم الاستجابة لمطالب الشارع، لأنها ستدخل في عطالة طويلة الأمد.
الأمن يقوم بدوره في حماية الاستقرار، تحت المسؤولية الكاملة للحكومة ورئيسها، الذي قال إن الحكومة بأكملها ضد الفوضى وليس من الحق ولا القانون رشق البوليس بالحجارة، فإذا كان الاحتجاج حقا يضمنه الدستور فإن القوانين التنظيمية وضعت له قواعد ومسالك لا يمكن الخروج عنها، فالحق في الاحتجاج لا يعني بتاتا رشق القوات العمومية بالحجارة، ولا يعني التظاهر خارج القانون، ولا يعني بتاتا إغلاق الشارع العام وعرقلة السير ومصالح المواطنين وتعطيل الحياة العامة.
ونسي أصحاب الحق في الاحتجاج حق الدولة في ضبط الأمن وضمان السير العادي للمؤسسات، وتصريف المطالب عبر الأدوات القانونية، لأن الاحتجاج في النهاية جاء من أجل تحقيق المطالب، التي تتم عن طريق التفاوض. لكن التيارات العدمية، تقوم بتحريض الشباب على رفض الحوار بما يعني أن الاحتجاج هنا له أغراض أخرى غير تحقيق المطالب.
لقد تعاملت الحكومة بشكل من الجدية مع مشاكل جرادة، وقد استفادت كثيرا من درس الحسيمة، وتحركت بوفود عديدة لمعرفة طبيعة المطالب واستجابت في النهاية بحزمة من الإجراءات، منها الآني والمتوسط والبعيد المدى، لكن على أي حال لا يمكن تحقيق المطالب بصيغة مائة في المائة.
لكن التيارات العدمية تصر على إفشال الحوار ورفع تحديات لا يمكن الاستجابة لها من قبيل تحقيق المطالب "هنا والآن"، وهذا غير ممكن لأن الأمر يتعلق بمعالجة مشاكل تراكمت تاريخيا، وهي في حاجة إلى مرحلة زمنية من أجل تنزيلها على أرض الواقع، المهم أن تبدأ الحكومة الآن في التنزيل.
Annahar almaghribiya