إن التعددية مهددة ليس من طرف حزب البيجيدي فقط بتسيسه للدين ولقيم الدين الاسلامي بل يتمظهر التهديد الأكثر خطورة في وضعية الأحزاب الوطنية خصوصا حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي تشكل حالة الدمار السياسي ، الفكري والاخلاقي التي يعيشها عاملا مركزيا في فراغ المشهد السياسي واختلال التوازن المفضي بالتأكيد لاهتزاز صرح التعددية التي شكلت دائما مركز قوة التجربة السياسية المغربية .
إذ لم تخب توقعات الرأي العام وعموم الاتحاديين المعارضين لقيادة ادريس لشكر لحزب الاتحاد الاشتراكي ، فيما يتعلق بمستقبل الحزب العتيد بعدما تخلى طواعية عن موقعه ووظيفته في الدعوة الى بناء دولة المؤسسات والحق والقانون ، دولة الحريات والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الأفراد والجماعات ، واختصر طرحا حزبيا عريقا في تأمين ذراع شعبوي مكسور الجناح يشوش بشكل فاقع على دينامية انبثاق مشاريع وطروحات حزبية مابعد تشريعيات 2016.
ولا شك أن الزاوية التي يتخندق فيها الحزب /الفكرة نفسه -اذا ما اعتبرنا أن مواقف القيادة ذات شرعية فكرية ومشروعية تنظيمية - لا تضيق فقط الخناق على الحزب نفسه بل تؤثر بشكل أخطر على المشهد برمته وتنعكس بشكل جلي على وضعية الحزب الوطني التاريخي : حزب الاستقلال الذي يشل ديناميته ركود واندحار رفيق درب الحركة الوطنية وشريك دينامية الدمقرطة منذ الاستقلال .
كما.تنسحب أزمة الحزب الحداثي على ارهاصات الوحدة النضالية لليسار المغربي والتي لازالت تمتح من ايديولوجيات أنهدت ثوابت النظام العالمي الجديد عمرها ومضمونها السياسي والفكري.
إن الحركات الاحتجاجية، تظهر أزمة الوساطة، و ضرورة إحداث تغيير جوهري على مستوى أدوات الوساطة، فأحداث جرادة ليست الأولى من نوعها، لكن المثير للجدل هو عدم تحمل المسؤولية السياسية من قبل الرئيس الحكومة والتباس في خطاب الحزب الأول.
والتجاذبات، الواقعة في حكومة العثماني، تؤكد أن هناك أزمة نخبة سياسية، وإقالة الحكومة أو حل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها، برحيل حكومة العثماني، هو مخرج دستوري، لن يحل الأزمة، رغم أنه مكلف ماليا لخزينة الدولة لكون ليس مضمونا أن يعطينا تغيير واضح في المشهد السياسي يفرز حكومة فاعلة وقوية، كما أن محاسبة وزارء فقط كما حدث أثناء واقعة الحسيمة، والذي أظهر أن إعفاء وزراء بسبب تقصيرهم، وبروز العلاقة السبيبة بين التقصير وبين ما جرى في الحسيمة لم يحل المشكلة من جذورها.
إن الأحداث الراهنة قد تدفع إلى أعمال حالة الاستثناء و دفع إلى رحيل حكومة العثماني، و قيام حكومة من فاعليات تتولى تنزيل البرنامج التنموي بدون حسابات سياسيوية ضيقة، لأن الصراعات الضيقة هي سبب ما وصلت إليه الأوضاع.