ما الذي يحدث في جرادة؟ لماذا يصر الكثير من الشباب على الخروج إلى الشارع بعد أن اقترحت الحكومة حلولا عملية للمشاكل التي تعرفها المدينة والمنطقة؟ من يقف وراء التوتر الذي تشهده المدينة؟ هل هناك من لا يرغب في الحلول؟ ما الغرض من وراء الخطاب العدمي الذي ينادي برفض الحوار أصلا؟
نحن بدورنا لدينا ملاحظات على طريقة الحكومة لكن من العدمية أن ترفض الحوار مع حكومة منبثقة عن صناديق الاقتراع، وهي المخولة بتدبير الشأن العام، حيث يغلب خطاب التسطيح والتشنج والمغامرات من قبيل تنظيم مسيرة على الأقدام إلى الرباط دون مراعاة عواقبها الوخيمة على كثير ممن سيشارك فيها وما يمكن أن يلحقهم من أمراض وغيرها.
وحتى لا يستمر العبث بحياة المواطنين قررت وزارة الداخلية منع التظاهر غير القانوني بالشارع العام والتعامل بكل حزم مع التصرفات و السلوكات غير المسؤولة، حفاظا على استتباب الأمن وضمانا للسير العادي للحياة العامة وحماية لمصالح المواطنات والمواطنين.
قد يقول قائل: هل الوزارة ضد الحريات والحق في التظاهر التي يضمنها الدستور؟ الوزارة لا تقر قانونا ولا تمنع مواطنا من حق قانوني. لكن عندما يصبح الحق عنوانا للعبث لابد من التدخل لمحاربة الفوضى. فالدولة بذلت مجهودات لمعالجة الإشكالات المطروحة على مستوى إقليم جرادة، لكن بعض الفئات والمجموعات العدمية، المكونة من العدل والإحسان وبقايا اليسار، تأبى إلا أن تضع هذه المجهودات على الهامش من خلال سعيها بكل الوسائل إلى استغلال المطالب المشروعة المعبر عنها، وتحريض الساكنة بشكل متواصل على الاحتجاج بدون احترام المقتضيات القانونية، مما يربك الحياة العادية بالمنطقة.
وتفاعلت الهيئات السياسية والمدنية والمنتخبون مع مقترحات الحكومة غير أن جماعة العدل والإحسان وحلفاؤها من التيارات العدمية لا ترفض فقط مشاريع الدولة، ولكن تسعى لعرقلة تنفيذ الحلول المقترحة، لأنها لا تستطيع العيش دون الفوضى لهذا تقوم بالتغرير ببعض الشباب قصد زعزعة الاستقرار، وترفع حججا كثيرة، من بينها أنه لا يمكن الثقة في الحكومة، وأن الوعود غير حقيقية مع العلم أن مقترحات الحكومة لها سقف زمني ناهيك عن إجرائيتها العملية التي تنطلق من الآن.
الجماعة فقد بريقها وتلاشت أطروحاتها، وطال زمن الأحلام لديها، وبدأ الشباب يعزف عنها لأنها لا تمتلك مشروعا واقعيا ولا عمليا قادرا على الجواب عن الأسئلة الآنية والمستقبلية، وكذلك بعض تيارات اليسار، التي لم تتمكن من تجديد أطروحاتها، حيث لم تعرف كيف تتفاعل الواقع من خلال البرامج والنضال اليومي، لهذا أصبحت تركب الموجات الاجتماعية وتحولها من مطالب اجتماعية إلى قطار سياسي عله يوصلها إلى النجاة.
لو كانت فعلا هذه التيارات تفهم معنى النضال المدني لانخرطت في الدفاع عن مطالب المجتمع، وعندما تنزل الحكومة بمقترحاتها تكون هي أول من يؤطر المجتمع قصد الحوار لا أن تمارس التضليل والأكاذيب حتى يتم تأجيج غضب الشارع الذي لا تمتلك هي القوة على ضبطه.