يقول الفيلسوفُ المزيَّف، وهو يبيح للناس الشذوذَ الجنسي، ويحثّهم على سلوك الخنازير، إنّ الشذوذَ هو (حرية الجسد)؛ فلا عيب أن يتزوّج الرجلُ برجُل أو امرأة بامرأة؛ هكذا يقول بالحرف؛ فما سمعتُ عالـمًا اعترض، وفي الأخلاق، تشدَّد، وما قرأتُ لقلمٍ انتقَد، وللأخلاق مِن أوحال الفساد أنقَذ، بل الكل يسمع بلا عيْن على الأخلاق تدمع، أو قلْب تألّم تجاه ما يحدث، أو يخشع، يا سبحان الله! يتذرّع مفشي الشذوذ الجنسي بكون المثْلية تدْخل في إطار [حرية الجسد]، وهو يخترع هذه العبارة الشاذة، لأنه يعلم أن الناس يجهلون منطق لغتهم، ولا يدقِّقون في الكلمات.. فأنا لم أسمعْ قطّ (بحرية الجسد)، لأن الجسدَ يتحكّم فيه العقلُ، إذا كان هناك فعلا عقلٌ أصلا.. فالذين سخّروه لهذه المهمّة الدنيئة، أمدّوه بهذا المصطلح، علما منهم بأنّ اللغةَ هي التي توجِّه سلوكَ الناس، وإذا كانتِ اللغةُ خاطئةً، فإن الناس سيتّخذون وجهةً خاطئةً.. أنا أعرف فيلسوفًا واحدًا تحدَّث عن الجسد، وألّف كتابًا بعنوان: [أعداء الجسد]، وأعني به الفيلسوف الألماني [نيتشه: 1844 ــ 1900].. في هذا الكتاب، لم يتحدّثْ عن الشذوذ؛ بل تحدّث عن الذين ينتحرون، أو يقتلون أنفسهم، أو يفجّرون أجسادهم، مثل إرهابيي اليوم؛ فهم أعداء أجسادهم..
ثم يتحدث هذا الجاهلُ الفاسق عن المرأة، منبع الحياة، ورمز شرف الأمة، فيقول إنه من حقِّها أن تهب جسدَها لمن تشاء، باعتباره مِلْكًا لها، وهي دعوة كان قد أشاعها الرئيسُ الفرنسي الفاسق [بلوم] الذي تولّى رئاسةَ الوزارة الفرنسية سنة [1936] في كتابه [الزّواج]، بل إنه ذهب إلى أبعدَ من ذلك، حين قال إن الأب من حقّه مضاعة ابنتِه، والأخ له أن يضاجعَ أختَه، مما يبيّن أيةَ جهة يخدمها هذا السافلُ؛ ومعلوم أن [بلوم] هذا، كان عضوًا في المحفل [الماسوني] الذي خطّط لتدمير الأخلاق، ونسْف القيم، وهدْم الأديان: اُنظر: [موسوعة الماسونية]؛ صفحة (467).. فهل هناك شكٌّ بأن هذا السافل وابنه من عملاء هذا المحفل، وقد بَدَآ بضرب اللغة العربية، والآن يريدان نسْفَ الأخلاق..
يقول [كانط: 1724 ــ 1804] وهو زعيم (الفلسفة النقدية) التي وضعتْ حدّا (للفلسفة القَطْعِية)؛ يقول: [شيئان يملآني إعجابًا: السماءُ المرصّعة بالنجوم فوق رأسي، والقانون الخُلُقي في نفسي].. لكنْ ما معنى (الخُلُق)؟ الخُلُق في اللغة السَّجِية، والطبع، والعادة، والشرف، والدّين؛ وهو في اصطلاحنا حالٌ للنفس راسخة، تصدر عنها الأفعال بسهولة ويُسْر من غير حاجة إلى فكْر ورَوِية؛ وعلى ذلك فغير الراسخ من أحوال النفس لا يكون خُلقًا.. وعند [أرسطو] ينقسم الخُلق إلى فضيلة، ورذيلة؛ فإذا اعتبرْنا النفسَ، يقول [أرسطو]، مؤلّفة من ثلاث قِوى: العقْلية، والشّهوانية، والغضَبيَة، كانتِ الفضائلُ الأساسية ثلاثًا: الحِكْمة، والعفّة، والشجاعة؛ وإذا اجتمعتْ هذه الفضائلُ الثلاث في نفْس واحدة، حصلتْ من اجتماعهما فضيلةُ العدالة.. والخُلُقُ قد يكون حالاً للفرد، أو حالاً للجماعة؛ والخلُقُ الكريم في فلسفة الأخلاق، هو أن يملكَ الإنسانُ نفسَه، وأن يكون سلوكُه ثابتًا ومتماسكًا، وأن يتّصف بالعزم.. والخُلق العظيم هو الإقبال على الله تعالى، وفسّروا قولَه تعالى: [وإِنَّكَ لَعلى خُلُقٍ عظيم] بأنّ الخُلقَ هنا هو العملُ بالقرآن من غير تكلُّف؛ فإذا وصل الإنسانُ من قطعِه، وعَفَّ عمّن ظلمَه، وأحسن إلى مَن أساء إليه، كان على خُلق عظيم.. وعلْمُ الأخلاق، هو عِلمُ السلوك، وهو من أقسام الحِكْمة العَمَلية، ويُسمّى أيضًا بتهذيب الأخلاق، والحكْمة الخُلُقية.. هكذا تقول الفلسفةُ التي تؤدّي إلى الكفر، والإلحاد، والزّندقة كما يعتقد الجهلاءُ..
هذه هي الأخلاق التي تجعل من الإنسان إنسانًا؛ وبدونها فلا إنسان إطلاقًا؛ والصورة ليست دليلا على الإنسانية، بل الأعمال، والسلوك، وإلاّ لكان الكلبُ العقور أنْبَلَ من خنزير قَذرٍ، يُعتبَر خطَأً إنسانًا وما هو بذلك؛ وهو ما عناه النبيُ الكريم: [صوَرُهم صُوَرُ بَشر، وقلوبُهم قلوبُ الشياطين.]؛ لهذه الأسباب، وبهدف الانحدار بالإنسان إلى مستوى البهائم، تعمل المنظمات الهدّامة لضرب الأخلاق، والقيم، وتوظّف لذلك أمثالَ مَن يُشيعون الرذيلةَ في المجتمع، مِثْل صاحِب [حرّية الجسد].. وحسب إحصائية موثوقة، يوجد في المغرب [13] ناديًا تابعا لمنظّمات هدّامة يديرها أصحابُ المال، والنفوذ، والشركات الإشهارية؛ وهؤلاء لهم ارتباطٌ بالاستعمار منذ نشْأتِه، وهدفُهم ازدراءُ الدّين، وضربُ الأخلاق، ونسْف القيم، وتشجيع المواطن على كراهية وطنِه، والعمل على هدْمه، وتفكيك مجتمعه؛ ولكل نشاطٍ هدّامٍ ثمنُه؛ فمتى نستيقظ؟!