استبعد باحثان مغربيان أن توافق المملكة على إجراء مفاوضات مباشرة مع جبهة “البوليساريو” حول ملف إقليم الصحراء.
ورغم رفض الرباط مقترحا من مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص بملف الصحراء، هورست كوهلر، لإجراء مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع، يبدو أن كوهلر لن يتخلى بسهولة عن مقترحه، على أمل تحقيق اختراق.
وخلال فبراير الماضي، نفت المغرب وجود مفاوضات مباشرة بينها وبين جبهة البوليساريو.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي لمصطفى الخلفي الناطق الرسمي باسم الحكومة، ، بالعاصمة المغربية الرباط، جوابا عن سؤال عن حول حقيقة ما راج حول تقديم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدةللصحراء، هورست كوهلر، طلب للحكومة المغربية من أجل إجراء مفاوضات مباشرة بين المغرب والبوليساريو.
وقال الخلفي إنه “بخصوص القضية الوطنية (قضية الصحراء) ليس هناك مفاوضات مباشرة”.
وأضاف الخلفي أنه “ليس هناك شيئ مبرمج في هذا الإطار”.
وشدد الخلفي على أن الجهات التي تروج لهذه الأمور تسعى للتغطية عن انتكاسات” في إشارة إلى جبهة البوليساريووحلفائها.
وبدأ النزاع حول إقليم الصحراء عام 1975، بعد أن أنهى الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول الصراع بين المغرب و”البوليساريو” إلى مواجهة مسلحة توقفت بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، عام 1991.
ومنذ وقف القتال، تشرف الأمم المتحدة على مفاوضات غير مباشرة بين المغرب و”البوليساريو”، بحثًا عن حل نهائي للنزاع حول الإقليم.
دولة ومجموعة
وقال محمد بنحمو، أستاذ العلاقات الدولية في كلية الحقوق بمدينة سلا أن “المغرب لا يمكن أن يقبل مفاوضات مباشرة مع البوليساريو، فالمملكة دولة مُستقلة وذات سيادة، بينما البوليساريو مجموعة انفصالية لا تمثيلية لها بالصحراء”.
ومن طرف واحد، أعلنت “البوليساريو” قيام “الجمهورية العربية الصحراوية”، في 27 فبراير 1976، وقد اعترفت بها بعض الدول بشكل جزئي، لكنها ليست عضوًا في منظمة الأمم المتحدة.
وأضاف بنحمو أن “ما يروج حول تقديم المبعوث الأممي كوهلر طلبا إلى المغرب لإجراء مشاورات مباشرة يدخل في إطار نهج البوليساريو الساعي إلى تسويق معلومات ومعطيات مغلوطة”.
وأوضح أن “المفاوضات تعبير عن حسن نية في الالتزام بالحل السلمي للنزاعات، كما أنها تعبير عن رغبة أكيدة للمغرب في إنهاء هذا المشكل المفتعل”.
وتابع أن “الأمم المتحدة تُولي عناية كبرى للحل السياسي الذي طرحته الرباط، باعتباره مقترحا (الحكم الذاتي) ذي جدوى ومصداقية”.
وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح حكمًا ذاتيًا موسعًا تحت سيادتها، بينما ترغب “البوليساريو” في تنظيم استفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تؤوي لاجئين من الإقليم.
هدية سياسية
فيما اعتبر عبد المجيد بلغزال، عضو المجلس الملكي الاستشاري المغربي للشؤون الصحراوية (حكومي)، أن المملكة “لم تكن يوما ضد إجراء المفاوضات مع البوليساريو.. الرباط تريد مُفاوضات مُؤسسة على قاعدة الحكم الذاتي”.
وأضاف بلغزال، “من الناحية المنطقية والعقلانية لا يمكن أن يدخل المغرب في مُفاوضات مباشرة مع البوليساريو، ولو دخل لأعطى هدية سياسية لها”.
وشدد على أن المملكة “تتوفر على رؤية ناظمة وواضحة” بشأن قضية الصحراء.
وأشار إلى أن العاهل المغربي، الملك محمد السادس، رسم في خطابه يوم 6 نوفمبر 2017 معالم قطعية لمحادثات حل أزمة الصحراء، عندما قال: “لا خروج عن الإطار المرجعي”، في إشارة إلى مُقترح الحكم الذاتي.
ورأى بلغزال أن “البوليساريو تحاول إعادة خلق نوع من التنفيس عن أزماتها الاجتماعية وصراعاتها الداخلية المرتفعة جدا، من خلال الترويج لمسألة إجراء مفاوضات مباشرة مع المغرب”.
واعتبر أن البوليساريو “لا تريد حلا نهائيا” لنزاع إقليم الصحراء، لأنها “تصر على بقاء الوضع كما هو، وإضفاء نوع من الشرعية عليه”.
واعتبر أن “مهمة الوسيط الأممي تتمثل في التحضير والبحث عن مداخل داعمة لحل الأزمة.
تقرير كوهلر
والتقى المبعوث الأممي كوهلر، في العاصمة البرتغالية لشبونة، الثلاثاء الماضي، مع وفد مغربي، برئاسة وزير الخارجية، ناصر بوريطة.
ووفق موقع “اليوم 24” الإخباري المغربي (مستقل)، فإن الوفد المغربي أعرب، خلال اللقاء، عن رفض الرباط دعوة كوهلر طرفي النزاع إلى ملاقاته بالعاصمة الألمانية برلين، وهي الدعوة التي اعتبرتها “البوليساريو” تمهيدا لانطلاق مفاوضات مباشرة.
وكان كوهلر قد التقى في برلين وفدا من “البوليساريو”، في يناير ثان الماضي، ووفدا جزائريا، في فبراير الماضي.
ومن المقرر أن يسلم كوهلر أول تقرير له حول ملف الصحراء إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في أبريل المقبل، تمهيدا لفتح مجلس الأمن الدولي هذا الملف، الشهر المقبل.
وعُين هورست كوهلر، الرئيس الألماني الأسبق، في أغسطس 2017، مبعوثا للأمين العام للأمم المتحدة بشأن نزاع الصحراء، خلفا للأمريكي كريستوفر روس (2009-2017).