[بسم الله الرحمان الرحيم، ولا تتّبِعوا أهواءَ قوم قد ضلُّوا من قبلُ وأضلّوا كثيرًا وضلّوا عن سواء السبيل.] (المائدة) الآية: (77).. نزلتْ هذه الآية الكريمة لتحذّرَ المسلمين من شرور قومٍ يريدون تشويهَ صورة الإسلام، بإفشائهم المناكر، والآثام، وإشاعة الفاحشة في الأمّة، بإزالة القيم، والأخلاق من النفوس، وضرب العقيدة في العمق، خدمةً لأهداف منْ سخّروهم، وأمدُّوهم بالوسائل، ودعّموهم بالأموال، وصيّروهم من أصحاب الرأي في المجتمع.. هؤلاء الفسَقة، وجِدوا في كل عصر، وقد عُرفوا بأسمائهم في الأمصار والأقطار، ومنهم من ضُربت أعناقُهم، أو صُلبت أجسادُهم، لفظيع ما كانوا ينادون به من فسق، وضلال، وانحلال، بدعوى الإصلاح، والتنوير، وخدمة الدّين، فيما هم مجرّد شياطين، وأباليس ملاعين، ومثْل هؤلاء ظهروا الآن في بلادنا، يخوضون في القيم، والأخلاق، والمقدّسات، ويحاولون جعْل المواطنين مجرّد بهائم وحيوانات؛ لا؛ بل مسّوا حتى اللغة، وأرادوا استبدالها بلهجة [الدارجة] كلغة تدريس في المدارس؛ ثم امتدّت أيديهم وألسنتهم إلى الأخلاق، والقيم، فأباحوا للمرأة وهي شرف الأمة أن تهب جسدها باعتباره مِلْكًا لها لمن تشاء؛ ثم أجازوا الـمثْليةَ باعتبارها (حرّية جسد) ليتحوّل الفردُ إلى خنزير قذر، فسُحقًا لهم..
لـمّا توفّي رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم، دخل الأسلامَ عددٌ كبير، فمنهم من كان صادقًا في إيمانه، ومنهم من كان كاذبًا في إسلامه.. انتشرت هذه الظاهرة في عهد [عمر] رضي الله عنه، لأنه عُرف بتفتّحه، وبحْثِه عن الكفاءات لإدارة شؤون المسلمين؛ وتكاثَر الوافدون بعد سقوط دولة [كِسْرى] في معركة [القادسية]، وازداد عددُ المتظاهرين بالإسلام، فكان من بينهم واحدٌ يُدْعى [كعْب الأحبار]، فأصبحت له شهرةٌ واسعةٌ، ومن خِبرتِه الإدارية في شؤون بيت المال، وظَّف ذكاءَه حتى صار مفتيًا، وصاحبَ رأي ومشورة، بالإضافة إلى تخصُّصه في تفسير القرآن الكريم، ووضْعِه لأحاديث لإباحة ما يحرّمه الدينُ أصلاً.. وذات يوم، كان يحدّث الناسَ في المسجد النبوي الشريف، وكان من بين الحضور الصحابيُ الجليل [أبُو ذَرٍّ الغِفاري] رضي الله عنه، لكنّ [كعْبَ الأحبار] لم يكنْ على علم بحضوره؛ فطُرِح سؤالٌ حول السرقة كيف يمكن أن تصبح حلالاً؛ فأجاب [كعْب]: [تصبح السرقةُ حلالا بشرط أن تتصدّق منها، أو تُخْرج زكاتَها إذا مرّ عليها الحولُ].. فقام واحدٌ وصفَه النبي الكريمُ بصدْق اللهجة، وهو [أبُو ذَرٍّ الغِفاري]، فاندفع بعصاه نحو [كعْب] يريد تهشيمَ رأسِه لوْلا تدخّل بعض الحاضرين، فقال له [أبو ذرّ]: [وهلِ السرقةُ مباحة أصلا في الإسلام يا ابن اليهودية؟ أنت ستفسّر لنا دينَنا؛ اخرجْ من مسجد رسول الله عليك اللعنة إلى يوم الدّين؟!]؛ فأخرجَه أصحابُه وأتباعُه من الباب الخلفي ليَقُوهُ شرّ [أبي ذرّ الغِفاري] رضي الله عنه..
هذه الفتوى هي نفسُها التي يعتمدها [كعْب الأحبار] المغربي اليوم، حيث يصلّي على رسول الله، ثم يُبيح الشذوذَ الجنسي، باعتباره (حرية الجسد)، ولا عيبَ فيه، بل إن الدّين لا يحرّمه، فيما كتاب الله صريحٌ بهذا الخصوص، كما هي صريحة كافّة الكتب السماوية، كما هو ثابت في الكتاب [المقدّس] فصْل [صَادُوم عامِرة] اللتين أفناهما الله عزّ وجلّ بسبب شذوذهما، وهو ما تحدّث عنه القرآنُ في قصة (قوم لوط) كما هو معروف لدى الخاص والعام؛ والشذوذ لا تمارسه الحيوانات، باستثناء الخنازير القذرة، وقد ذمّها الله عزّ وجلّ في كتابه العزيز، باعتبارها كائنات إتلاف، وفساد، وتدمير، إلى جانب الشذوذ المخالف للطبيعة؛ فهي معروفة بعدم الاكتراث، عكْس باقي مخلوقات الله عزّ وجلّ.. يحكي الفيلسوف اليوناني المعروف [أبِيقُور] أنه كان مسافرا على متن سفينة في البحر الأبيض المتوسط؛ وفجأة، أتتْ عواصف هوجاء، ورياحٌ عاتية، وصارتِ الأمواج تعْبث بالسفينة، وتعالى صراخُ الركاب، وخاف الجميع؛ لكنّ [أبيقور] لاحظ في زاوية من زوايا السفينة، خنزيرًا يلتهم العشب، غيْر مكترث بما يتهدّد السفينةَ، بل إنه لم يسمع صراخَ الركاب، ولم يهتمّ بهم إطلاقا؛ فانفجر [أبيقور] ضاحكًا من سلوك الخنزير، وقال إن أيّة سفينة أمّةٍ كان فيها مثْلُ هذا، فلن تنجوَ أبدًا، وصدق هذا الفيلسوف إذ كيف ستتقدّم سفينةُ أُمتِنا إذا كان فيها خنازيرُ مثْل الشواذ الذين يروّج لهم [كعْبُ الأحبار] المغربي ؟ كيف يدافع ويسوَّق للخنازير في أُمة لها أمجاد؛ لها تاريخ؛ لها دين؛ وقيم وأخلاق في ظل ملَكية عريقة؟ فإلى متى سنسكت عن المدافعين عن الخنازير، وعن سلوك الخنازير، وعن قذارة وفساد الخنازير في هذا البلد الحرّ الأمين؟ أجيبوني أنتم!