طه لمخير
في غزوة جديدة من غزوات جماعة العدل والإحسان الإرهابية على شوارع المملكة مدجنين بلافتات داعش وجند الخلافة احتلت عصابة من إرهابيي وإرهابيات الجماعة ركنا قرب مطعم ماكدونالدز في شارع جيليز للتظاهر في ما يزعمون من أجل تخليد يوم المرأة العالمي مرعبين السابلة والسياح الآمنين بمناظرهم المخيفة ولحاهم المتدلية والروح الشيطانية التي تحفهم فتعيد إلى الأذهان فظاعات الدولة الإسلامية وجبهة النصرة والرؤوس المعلقة في ساحات الموصل وحدائق الرقة، معتقدين أن خلافة البغدادي التي سقطت في المشرق سيقيمها العبادي في المغرب.
نعلم يقينا ماذا تكنه الجماعة للنساء من كره ومازوشية ومحاولتها الخسيسة لاستعمال رموز وتعبيرات النضال النسائي الحداثية من أجل محاربة التوجه المغربي نحو ترسيخ قيم المساواة بين الجنسين وتجريم العنف ضد المرأة وحرمانها من حقوقها الأساسية..
هي أقنعة ترتديها الجماعة وليس علينا إلا نزعها الواحد تلو الآخر حتى نصل إلى الجلدة الجعداء والوجه القبيح تحت كل تلك الطبقات المزورة والوجوه المزيفة..
لأن هذا النضال الحداثي خلق في المغرب يقظة روحية رائعة وخلق معه على الشط الآخر حقدا متمكنا وخوفا على مكاسب جماعات الإسلام السياسي ورصيدهم المالي والبشري، إنه "أوديب" العهد الجديد الذي فك طلاسم وألغاز"السفينكس" وحرر الناس من أغلاله..
جماعة ياسين التي ترى في المرأة وعاء للجنس والإيلاج لا يصلح إلا لخدمة الرجل ومعملا للإنتاج الجنسي البهيمي والتكاثر؛ ظلت تنبح على موقعها الرسمي عشية اليوم العالمي للمرأة محاولة عبثا الدخول في جملة المدافعين عن حقوق المرأة في المجتمع، في حين يعد الانتاج "الفكري" لـ"سفينكس" الجماعة الراحل؛ سبة في وجه المرأة ومثالا لشرعنة القمع الوحشي التي تتعرض له النساء في المجتمع المغربي..
ولا نذهب بعيدا فنساء الجماعة الذابلات، "أخوات الآخرة"، اللواتي لا يكف أزواجهن من أعضاء الجماعة الفحول غلاظ الأكباد عن تسويطهن وجلدهن في الصباح جلد البعير ومواقعتهن بعد ذلك في المساء بقوة الغريزة الشهوانية؛ هُن خير دليل على ما تعانيه المرأة في هذا الوسط المتزمت الموبوء..
كيف لا وياسين الذين عرف عنه الاستدلال بمقولة "علق سوطك حيث يراه أهل بيتك" وأن المرأة الإخوانية والعدلاوية عليها أن تفتح أفخاذها لبعلها حتى ولو كانت على التنور.. على قول أحد كبارهم:
ما للنساء وللعمالة والكتابة والخطابة.. هذا لنا ولهن منا أن يبتن على جنابة..
أو قول الآخر:
يا قوم لم تخلق بنات الورى للدرس والطرس وقال وقيل
لنا علوم ولها غيرها فعلموها كيف نشر الغسيل
والثوب والإبرة في كفها طرس عليه كل خط جميل
فكيف يتولد الشيء عن ضده؟ الحرية مثلا عن فكر الاستعباد؟ الإقصاء والأحادية عن فلسفة التعدد والاختلاف؟ كرامة المرأة وحقوقها عن عقلية التأديب والحبس بين الجدران؟.
هؤلاء هم من خرجوا ليحتفلوا بعيد "الكفار" الذي خصصه العالم المتحضر للمرأة وأضغانهم تكاد تلعن اليوم الذي أصبح فيه للمرأة يوما.. فمتى كانت الجماعة تحتفي بأعياد الأمم المتحدة "الفاجرة"؟ متى كانت تعترف بثمار الفكر الليبرالي ومخرجاته "التغريبية"؟..
لكن الأمن الوطني كان بالمرصاد لهذه الطغمة المارقة من "الفاناتيكيين" الأصوليين مجانين الدوغما؛ حفاظا على السمعة الحضارية للمدينة الحمراء، وإشعاعها الثقافي المنفتح على العالم وقيم التسامح، وصيانة للسياحة المغربية التي تفتح بيوت ملايين المغاربة من أي هجوم همجي من جماعات الإرهاب التي تحك جلدها حتى تدميه كلما تقدم المغرب خطوة نحو مصيره التقدمي المحتوم الذي أسس له العهد الجديد، قد فرقت إذا الشرطة جمع الإرهاب، فعادت جرذان الجماعة إلى جحورها مذمومة مدحورة مرة أخرى في انتظار مناسبة أخرى للمجون والعهر الظلامي الذي تمارسه في الفضاء العام..
معلوم أن مجلس الإرشاد أو مَجْمَع الكهنة في الجماعة تسوؤه المكانة التي بلغها المغرب على صعيد السياحة العالمية لأن السياحة في فلسفة الجماعة مخالفة لمبدأ الولاء والبراء الذي ينص على كره خلق الله من الأجانبعلى أساس عقائدهم وقناعاتهم وطردهم من بلاد المسلمين، ولم يكن اختيار "جيليز" بالذات لأداء رقصة الموت والإرهاب إلا محاولة بئيسة لضرب هذا القطاع الحيوي..
وهم يعلمون أن مراكش من الخطوط الحمراء للأمن القومي المغربي؛ لأنها تحفة المغرب الغالية وبستان من بساتين الجنة تشرف على الدنيا بطرازهاالمعماري العظيم و في ألوانها الأسطورية التي تغنى بها شعراء العالم، ومفخرة الزمن السياحي المغربي ومضرب المثل في الشرق والغرب لتلاقي الحضارات واختلاط الأجناس ونموذج نادر- في زمن الطائفية والقتل على الهوية- للمجتمع المسلم المندمج في عصره بدون عقد نقص أو أحكام مسبقة تجاه الآخر..
فالجماعة لا تهمها المرأة وحقوقها التي تمضغها الجماعة على مواقعها مضغ الماء للاستهلاك الإعلامي؛وإنما يرمون إلى شيء آخر هو تحديد المجال وامتلاكه أو ما يعبر عنه ب marking its territory، وهذا ما تقوم به كلاب الشوارع والقطط المتوحشة عندما تطوف بالأماكن وأعمدة الإنارة والزوايا والجدران فتتبول عليها لأن ذلك يمنحها إحساسا بأنها امتلكتها وأحاطت ذلك الفضاء بنفوذها وسلطتها..
ولا شك أن أعمال الجماعة في الحياة الاجتماعية منذ نشأتها كان نوعا من هذا التحديد المجالي "الكلبي"-إن صح التعبير-سواء في الفكر أو السياسة أو الاجتماع، لون من التبول على الحضارة وقيمها الكونية والإزدارء بها،ونحن نقول لهم إن المغرب لديه بحران لا ينفذان لتطهير كل النجاسات الكريهة من شوارع المملكة.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.