مات [كمال أتاتورك] سنة [1938]، وللملاحظة فقط، فإن المتمسّحين بالدّين الذين يخطبون في المساجد، والقنوات، ويملؤون الكاسيت، ليكذبوا على المغفّلين، عندما يتحدّثون عن [كمال أتاتورك] (اليهودي)، فإنهم لا يذكرون اسمَه كاملاً بهدف تضليل ضحاياهم من المستمعين؛ لأن [كمال] اسمُه الكامل الذي يجهله كثيرون من الناس هو: [مصطفى كمال] الملقّب [أتاتورك] يعني [أب تركيا]؛ فبالله عليكم، لو كانت أمُّه [زبيْدَة] وأبوه [عليّ أفندي] يهوديين، هل كانا سيسمّيان ابنهما [مصطفى]؟ وهل كان اسم أمّه سيكون [زُبيْدَة]، واسم أبيه [عليًا]؟ ما هذا الجهل، وأين هو القلب العَقول واللسان السؤول اللذان يتميز بهما المسلمُ؟ ثم كانوا يكذبون على سامعيهم الذين يصدّقونهم، فيكْذبون على رجل في قبره، لأن الأموات لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم من قبورهم، فيدّعي الملتحون أنه كان يهدم المساجد، وينبش قبورَ المجاهدين، ولعنة الله على الكاذبين؛ فالمساجد الأثرية القديمة ما زالت على حالها إلى يومنا هذا؛ قبور الصحابة والشهداء الذين حاولوا أكثر من ثلاث مرّات فتْح [الأُسْتانة] أي [قُسْطنْطينية] أي [إسطانبول] ما زالت قائمة، وشيِّدت مساجد سمّيت بأسمائهم؛ فعلى من تكذبون يا هؤلاء، اتّقوا الله في الأموات والأحياء!؟
وممّا يكفّرون به [مصطفى]، هو اختياره للنهج العلماني، أما الدّين هو مسألة شخصية؛ والناس قديما اختلفوا فيه، ونحن أشدّهم اختلافًا كما توقّع [أبو بكر الصديق] رضي الله عنه.. ثم يلومونه لجعْله اللغةَ التركية تُكتَب بالأحرف اللاتينية، بدلا من الأحرف العربية، وذاك اختيار وليس عداء أو بغضًا.. لـمّا أراد للتركية أن تُكتب بأحرف لاتينية، استدعى المشرفين على منظومة التعليم، واقترح عليهم مشروعَه، وطلب منهم أن يعطوه المدّة التي يحتّمها تنفيذُه؛ فقالوا: [ست سنوات]، فردّ قائلا: [كلا؛ بل ستة أشهر فقط]، وفعلاً نُفّذ المشروعُ، ونجح في ستة أشهر، ونحن خلال عقود، ونحن نصلح التعليم، فتزداد أحوالُه سوءًا، وهو الآن في سقوط حرٍّ [بفضل] سياسة [الإخوان]، ومن يلفّ لفّهم في بلادنا التي يتلاعبون بها كما يحلو لهم.. فهو كان يعمل ما يراه في صالح بلده، وذلك من حقّه، ولم يكن يعمل بإملاءات مؤسسات نقدية..
كان [مصطفى كمال] هو من اعتمد سياسة [عدم الانحياز] في حقيقة الأمر؛ حيث رفض الانحيازَ إلى الحلفاء، ودول المحور (أي النازية والفاشية) ولزمتْ دولتُه الحيادَ في الحرب العالمية الثانية، وجنّب [تركيا] ويلات حرب مدمّرة، وعلى نهجه سار خلفُه الرئيس [أونونو]، وظلّت [تركيا] بعيدة عن دمار الحرب العالمية الثانية.. واليوم، يتحسّر المؤرّخون على أن [تركيا] لم تنجب مسؤولاً قُدَّ من القماش الذي قُدَّت منه شخصيةُ [كمال]، بل ابتُليت بفأر يدْعى [أردوغان] يلعب لعبة الفيل، ويدّعي الإسلام، ويتظاهر بالدفاع عن [القدس]؛ فالإسلام معناه [محبّة الحق]؛ فلو كان مسلمًا بهذا المعنى، لردّ الحقَّ لأصحابه، وهذا الحق يتمثل في مدينة [الإسْكانْدَرُونة] السورية التي منحها الفرنسيون كرشوة للعثمانيين، تماما كما منح البرتغاليون مدينة [سبتة] السّليبة للإسبان، وهي مدينة مغربية، وعلى أرض مغربية؛ لكنّ الإسبان استعماريون، ولصوص كنوز، وخيرات، وأراضٍ، وليسوا مسلمين مثل [طيّب رجب أردوغان] المسلم، والمحبّ للحق؛ فلماذا لا يردّ [الإسكاندَرُونة] لأصحابها، لا؛ بل صار يلعب في الجارة [سوريا] لعبة [السفاح باشا] أيام مظالم السلاطين العثمانيين؟
[مصطفى كمال]، لم ينجب أطفالاً من زوجته الأولى السيدة [لطيفة]، كما ينجب أطفالاً من زوجته الثانية، مما جعله يتبنّى سبع طفلات، صبيات، لا ليستمني بأيديهنّ أو ليطأهنّ (لأنّ مَن وطأ صبيةً لا يُوطَأ مثلُها، فلا حدّ عليه) كما هو ثابت في شرع [السّلفيين]: اُنظر كتاب: [تبْييـن الحقائق في شرح كنز الدقائق؛ كتاب الحدود؛ باب الوطء الذي يوجب الحدّ، والذي لا يوجب]، وهو ما استبشعه الإمامُ [النَّووي] في كتابه [المجموع]، وكذلك [ابن حزم] في كتابه [الـمُحلّى].. لكنّ [مصطفى كمال] ربّاهنّ أحسن تربية، وعلّمهنّ؛ فصارت واحدة طيّارة، والأخرى طبيبة، والأخرى مهندسة، وهكذا؛ وصرن نماذج تحتذى من طرف الفتيات التركيات؛ وبذلك أعطى [كمال] للأتراك المستوى الذي يجب أن تكون عليه المرأةُ التركية في المجتمع، وليس امرأة تمارس الزنا باسم الدّين، أو تجاهد بتمتيع الآخرين، أو لعبة للفراش، كما كانت في إمبراطورية العثمانيين، أو هدفًا للتحرش كما هي اليوم في عهد [بنكيران] و[العثماني] وأصحاب [الدعوة إلى الله] في هذا البلد الحر الأمين، والبقية غدًا وشكرا!
صاحب المقال : فارس محمد