رشيد قبول
مطأطأ الرأس في الولوج، خَفِيضَهُ عند المغادرة... هكذا بدا يوم الخميس المتهم توفيق بوعشرين، ناشر يومية «أخبار اليوم»، بالقاعة رقم 7 من محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، في أول جلسة من جلسات محاكمته التي يتابع فيها بصك اتهامات ثقيل تأتي على رأسها تهمة «الإتجار في البشر».
في جيئة وذهاب ظل مدير النشر، طيلة الساعات التي استغرقتها الجلسة الأولى، بعد أن كان رئيس الجلسة يضطر إلى رفعها في كل مرة، ليترك المحامون «يتشاجرون» لفظا حينا، وتارة بالأيدي، حيث كان المتهم توفيق بوعشرين يضطر لترك منصة المثول أمام المحكمة ليعود إلى القفص الزجاجي، حيث يقبع المعتقلون في انتظار النداء عليه من طرف الرئيس.
غادر بوعشرين مكتبه الوثير في عمارة الأحباس، التي أشارت تحقيقات الأمن عن أنه كان مسرح للاعتداءات و"الغزوات الجنسية" التي كان ينفذها المتهم ضد ضحاياه، ليستقر في زنزانة من زنازين السجن المحلي عين البورجة، الذي لم يبرحه منذ مساء الاثنين سادس وعشرين فبراير المنصرم حين صدور قرار النيابة العامة بإيداعه به، إلا صباح اليوم الخميس ثامن مارس الجاري.
لتكون الوجهة عند مغادرته قاعة المحكمة التي ضاقت بكل من رغبوا في متابعة محاكمة مدير نشر، لم تقده مهنته ولا ممارسته للحرفة التي يمتهنها للوقوف أمام العدالة، وإنما قادته تهم جاء توصيفها الذي خلص إليه المحققون، عند استنتاج ما انتهت إليه التحقيقات، من أن المشتبه فيه «استقوى على الضحايا بمركزه كإعلامي معروف»، ما جعله «يتسلط على نساء معظمهن خضعن لسلطته الرئاسية».
لم يقو المتهم بوعشرين على الاستمرار واقفا طيلة الفترة التي استغرقت المحاكمة، ليأذن له رئيس الهيأة بمتابعتها جالسا على كرسي وسط منصة المثول أمام المحكمة، بعد أن كثرت المرافعات وتوالت التعقيبات والتظلمات، وارتفعت الأصوات بالشكايات التي كان يبثها طرف ضد الطرف الآخر من دفاع المتقاضين، مشتكين ومصرحات، أو دفاع المتهم، الذي اجتمع حوله لفيف ذكوري من المحامين في يوم المرأة العالمي الذي صادف أول جلسة من المحاكمة.
لم ينبس المتهم ببنت شفة، غادرت الكلمات شفتيه هو الذي كانت حرفته بث كلام مسترسل وردي ومثالي، ليظل خلال محاكمته الأولى جنائيا، مكتفيا بتأكيد هويته أمام المحكمة. وحتى عندما جاءت الفرصة لسؤاله بصراحة، كان تأكيده أن التوقيع الوارد بوثيقة قدمها دفاعه إلى المحكمة في يوم انعقاد الجلسة، هو توقيعه، الذي مهره عليها عند انعقاد الجلسة.. ما اعتبره ممثل الحق في أول جلسة من المحاكمة التي يظهر أنها ستكون، «مخالفا لقوانين المؤسسة السجنية».