ولأن الشيء بالشيء يذكر، ولأن الثامن من مارس يحل اليوم، ولأننا لم نقل كلمة واحدة عن جمعياتنا النسائية منذ شرعنا في هذا الركن منذ بدء الأسبوع في الاحتفال بنسائنا المغربيات، فلا بأس من بعض الكلام الذي يفرض نفسه عن جمعيات نسائنا - وفيه غير قليل من التنويه، وفيه كم صغير ويسير من العتاب - الذي نعرف أن جمعياتنا النسائية ستتقبله من هاته الجريدة بالتحديد ،لأن كل المناضلات يعرفن أن «الأحداث المغربية» تضع قضية المرأة في مقدمة وأولوية المقدمات والأولويات.
في البدء، وعندما تفجرت قضية التحرش الجنسي الشهيرة التي تهز المغرب اليوم، وضعنا أيدينا على القلوب ورأينا في تريث الجمعيات النسوية نوعا من عدم القيام بالواجب، وشكلا من أشكال النكوص الحقيقي، لأن القاعدة الحقوقية في العالم أجمع تقضي بالانتصار لشكاية الضحية الضعيفة وانتظار حكم القضاء، وإذا ما ثبت بعد ذلك عدم صدق الشكاية يكون لكل حادث حديث.
هذا التردد لم يدم طويلا، وقد بلغتنا أنباء أن جمعياتنا النسوية استجمعت شجاعتها في مواجهة الردة المجتمعية الكبرى لكي تعلن الاصطفاف إلى جانب الضحايا أو المشتكيات، ولكي تقرر في النهاية أن صوت النساء وهن الحلقة الأضعف في القضية كلها يجب أن يكون الأعلى، ويجب أن يصل إلى الرأي العام، لكي يعرف حقيقة ما يقع.
العالم بأسره في المدة الأخيرة يعيش هاته القضايا لكن يحدد فيها موقفه بسرعة: هو ينتصر لشكاية الأضعف، ويعتبر صاحب النفوذ أو السلطة أو المال أو القلم (بمعناه الحقيقي ومعناه المجازي) مذنبا إلى أن تثبت براءته، وهذا الانتصار للأضعف ليس أمرا سيئا، أو موحى به، أو مطلوبا من جهة ما.
هو فقط إحقاق للحق، وتفعيل لمعنى الإيمان بحقوق الإنسان، وتطبيق عملي لمعنى الدفاع عن حقوق المرأة خصوصا في مجتمع مثل مجتمعنا يبحث دوما للمغتصب أو المتحرش عن التبريرات وإن اضطره الأمر لإدانة المرأة واتهامها بأبشع الأوصاف.
تلك هي طبيعة المجتمع الذكوري، وجمعياتنا النسوية أكبر بكثير من أن تسقط في الفخ، وقد علمتنا إياها علامة التشوير في الطريق وحفظناها جميعا عن ظهر قلب «التأخر في الوصول خير من عدم الوصول»، وكل العام والمرأة المغربية تناضل لكي تصبح بألف خير.