كان غريبا للغاية البلاغ معدود الأسطر الذي وقعه ونشره رئيس الحكومة سعد الدين العثماني ليلة أمس الثلاثاء، وتناقله بعده مؤيدون من المحسوبين على تياره “تيار الاستواز”، وهو البلاغ الذي هدد فيه على ما يبدو بـ”قطع رأس موقع” وتقديمه للقضاء بسبب خبر نُشر حول وجود تهمة التحرش والاغتصاب من طرف وزير في حكومة ابن كيران و لا يزال وزيرا عند العثماني، في حق الصحفية أمال الهواري.
غرابة البلاغ، لا تكمن فقط في سقوط رئيس حكومة في فخ جمع الأمانة العامة لحزبه التي ارتاح بسيطرته عليها مؤخرا، لمناقشة موضوع خبر نشره موقع مستقل يعتمد في كل ما ينشره على مصادره الموثوقة التي تؤكدها الأدلة والوثائق، بل، إن الغريب في بلاغ العثماني، هو أنه حاد عن تبني الموقف الحقيقي، إذ كيف يعقل لرئيس حكومة أن يدافع عن وزير في حكومته باستخدام الصفة الحزبية، عوض أن يجمع مكونات أغلبيته للنظر في ما يعتبرها “افتراءات” على وزيره الذي سيظهر اسمه قريبا للعموم تماما كما صرحت به المشتكية الهواري، التي، وحتى يكون المغاربة على اطلاع بالحقيقة، ذكرت كذلك اسم محام معروف في البيجيدي، قالت إنه تحرش بها جنسيا.
لقد عودنا مسؤولوا حزب المصباح الدفاع عن حزبهم و عن مناضليه أولا و لو كان ذلك على حساب العدل و الحقيقة و مؤسسات الدولة
لقد اصطف البيجيديون ضد القضاء وراء عبد العلي حامي الدين المتهم بالقتل، كما ساندوا النائبة أمينة ماء العينين حين اتهمت الأجهزة الأمنية باختراق عنوانها البريدي و حسابها الفايسبوكي قبل أن يكتشف المغاربة بأن زوجها هو من ارتكب تلك الأفعال. كما أقبر البيجيديون فضيحة زميلهم عبد الله بوانو مع نائبة برلمانية، و ساندو الحبيب الشوباني في فضيحة الكوبل، ووقفو إلى جانب علماء الدين فاطمة و باحماد في فضيحتهما الأخلاقية، بل و حاولوا تحويل انتحار عبد الله باها إلى قضية اغتيال. المهم الحزب و لا شيء آخر غير الحزب!
ثم، ألم يكن حريا بالسيد سعد الدين العثماني وهو يدفع دفعا من طرف علبته السوداء لكتابة ذلك البلاغ المدبج ونشره عبر المواقع والصفحات لتهديد موقع لا يملك شيئا غير سعيه لإطلاع الرأي العام عما له علاقة بملف يهتم به الجميع اليوم، أن يوجه سهام تهديداته لمحامين من هيئة دفاع الصحفي بوعشرين، أولهم وصف مشتكية من اغتصاب وزير في حكومته بـ”الساقطة” كما هو الشأن بالنسبة لسعد السهلي، الذي أكد أن بوعشرين طالما دافع عن ستر “سوءة” الوزير المقصود بعدم نشر تلك الحقيقة، وبعده المحامي عبد الصمد الإدريسي الذي “جمجم” تدوينة زميله، حين وصفه للصحفية الهواري بذلك الوصف الذي لم يتجرأ موقع برلمان.كوم أبدا منذ بدء ظهور تفاصيل قضية بوعشرين على وصف أي مشتكية بهذه النعوت.
لقد كانت مفاجأة الجميع من بلاغ العثماني المدافع عن “حوزة” وزير كبير، خصوصا وأن الرجل الذي يحاول منذ مدة إصلاح صورته المتضررة داخل الحزب بتهمة الخيانة للحزب ولزعيمه السابق هو و”تياره” وإسقاطه في بحر الانهيار، بسبب سعيه للظهور بمظهر الغيور على سمعة المساندين له وتهديدهم بالقضاء والمتابعة لاستخلاص تعويضات مادية تنضاف للامتيازات الحكومية، بعيدا عن مراعاة شعور عائلات ضحايا وزيره والمنتمين لتياره داخل الحزب الإسلامي.
اليوم بعد قرار رئيس حكومة دولة ما، الذي وصل إلى هذا المنصب بعد أن جند إخوانه وحوارييه للانقلاب على رفيقه في الحزب بنكيران إبان تعيينه لتشكيل الحكومة في نسختها الثانية، وخيانته في نصف الطريق بتجنيد انتهازيين من الطراز الرفيع همهم الوحيد هو معانقة الكراسي المخملية وعشق السلطة وحب الشهوات، ألا يحق لنا أن نصفه بـ”مهندس الانتهازيين” الذي لا يهمه سوى ذاته أولا ورعاياه المفسدين ثانيا، أما قضية الوطن والمواطنين والمواطنات فتلك قصة يرجع لها كلما حلت محطة انتخابية أو أزمة أخلاقية أو سياسية.
و في انتظار محاكمة موقع برلمان.كوم بسبب نشره لخبر صحيح، غذا ستنطلق محاكمة توفيق بوعشرين، و نتمناها محاكمة عادلة، و ستنشر الأدلة و يدلي كل بشهادته، و لعلها فرصة لأمال الهواري للتحلي بالشجاعة و قول الحقيقة، بعيدا عن أي ضغط من طرف هذا أو ذاك، و تكرر أمام القاضي ما قالته بخصوص الوزير و المحامي “الملتحيين”.
برلمان.كوم