وسط زوبعة لغو وضجة ولدتها قضية بوعشرين، الذي يتابع بتهم جنائية ثقيلة تتعلق بالاعتداء الجنسي، انبثقت تكهنات وتأويلات اختلط فيها الحابل بالنابل.
وفي هذا السياق، اعتبر الباحث في العلوم الجنائية وحقوق الإنسان، كمال الغمام، أن تصريحات زيان ناهيك عما يروج في المواقع الإلكترونية وبعض الجرائد بخصوص ملف اعتقال ناشر جريدة أخبار اليوم وموقع اليوم 24،ليس إلا مغالطات أقل ما يمكن القول عنها إنها خالية من الصحة، وتداولها راجع لافتقار أغلب المنابر الإعلامية للخلفية القانونية الجنائية لمعالجة قضايا مماثلة.
ولإجلاء الإبهام والغموض عن القضية على المستوى القانوني، يوضح الباحث، أن من أبرز المغالطات شيوعا تسليم دفاع المتهم وبعض المنابر الإعلامية بوجود خرق مسطري في ملف بوعشرين، يتجلى في تحويل هذا الأخير من النيابة العامة إلى جلسة المحاكمة بشكل مباشر، ودون إحالته لقاضي التحقيق، مشيرا إلى أن المسطرة تتخذ سيرها العادي على غير ما يدعون "مادامت المادة 83 من قانون المسطرة الجنائية – وهو قانون واضح ولا غبار عليه –تحدد إلزامية التحقيق فقط بوجود جرائم كالإعدام أو المؤبد أو في حالة الجرائم التي تفوق عقوبتها 30 سنة، أو بوجود نص خاص ما الشأن في حوادث السير، ما يعني أن المسطرة سليمة، فلا مجال لتمرير المغالطات".
وبالرجوع لبيان النيابة العامة، الذي وضعت فيه تكييفا قانونيا بخصوص الأفعال المنسوبة لبوعشرين، يبرز لغمام أن "أقصى عقوبة من الممكن أن تواجه بوعشرينهي الموجودة في الفصل 448 في مادته الثالثة، وتحدد العقوبة في 20 سنة، وهي المتعلقة بجريمة الإتجار في البشر".
يتابع المتحدث نفسه "أما إذا تبين وجود خرق مسطري، فسيتم، باعتبار قواعد النظام العام، إبطال المسطرة وإسقاط المتابعة، لكن في حالة بوعشرين المسطرة سليمة، لأن العقوبة القصوى التي من الممكن أن يتابع بها تتحدد في 20 سنة، وليس 30 سنة".
ونفى لغمام ضرورة اللجوء إلى التحقيق، حيث أن مهمة قاضي التحقيق تتجلى في تعميق البحث، والتحقق من صحة الدلائل والقرائن الموجودة، وبالنسبة لحالة بوعشرين فالنيابة العامة ارتأت اختصار مسافة التحقيق الإعدادي مادامت ثابتة وكافية للإدانة.
وبخصوص مسألة قدوم 20 عنصر من رجال الأمن لاعتقال الضنين بشكل مباغت، يقول لغمام:"الغرض من قدوم عناصر الأمن بتلك الطريقة هو الحيلولة دون تمكن المتهم من إتلاف أو حذف أشرطة الفادو الموجودة بحوزته، والتي هي دلائل وقرائن مهمة في الملف".
وقد انتقد مجموعة من الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي مسألة اعتقال بوعشرين بغرفة الجنايات، ليعلق على هاته المسألة الباحث نفسه بالقول: "إن ذلك يدخل في محاولة المغرب تقليص الاعتقال الاحتياطي، حيث أجمعت المنظمات الدولية والوطنية في إحصاءات حديثة لها أن %45 من النزلاء بالسجون هم معتقلين احتياطيين، أي ما مجموعه 37 ألف سجين من أصل 82 ألف سجين،وإحالتبوعشرين وآخرين على غرفة الجنايات مباشرة من شأنه التخفيف من اكتظاظالسجون الاحتياطية.
عفراء علوي محمدي