يسير التجمع الوطني للأحرار بقيادة رجل الأعمال عزيز أخنوش نحو اكتساح الانتخابات المقبلة، والفوز بأغلبية مريحة، قادرة على تبويئه رئاسة الحكومة. ما نقوله ليس رجما بالغيب ولكن قراءة للواقع إذا لم تتغير الوقائع. يمكن تلمس هذا الأمر من خلال المؤتمرات الجهوية والإقليمية التي يعقدها حزب الحمامة، التي ترافقها موجة التحاقات بالحزب غير مسبوقة، حيث حج إليه الأعيان والأطر وكأنه المنقذ من الضلال، ويتم هذا الأمر وهذا الحج المكثف بوتيرة متسارعة تجعل كل التوقعات تذهب نحو اكتساحه للانتخابات المقبلة. فالتجمع اليوم يعرف دينامية وهيكلة جديدة ودماء جديدة. إلى هنا لا خلاف مع أخنوش في حقه في إكساب حزبه قوة ومناعة. لكن...
إذا عدنا إلى المشهد السياسي، قصد تأطير اللحظة التي يمكن أن يفوز فيها التجمع بالانتخابات، فإننا لا نرى سوى فاعلين سياسيين ضعيفي القوة والرؤية والتوجه، بل إن بعضهم تلاشت قواه وخارت نهائيا ولم يعد سوى مؤثث للديكور. فحزب العدالة والتنمية تمكن من الحصول على ولايتين في رئاسة الحكومة، ورغم صرامته التنظيمية، فإن الأحداث الأخيرة توحي بأنه سيغادر الحكومة ضعيفا أو مشتتا، بالنظر لتداعيات تدبير الشأن العام من جهة، وللخلافات بين تياراته من جهة أخرى. وحزب الأصالة والمعاصرة سيخرج أيضا ضعيفا لأنه لم يدر معارضة قوية ناهيك عن صراعاته الداخلية، بالإضافة إلى ارتباطه بصراع ثنائي بين عبد الإله بنكيران وإلياس العماري، والضعف سيخترقهما.
وإذا كان بنكيران أحيل على التقاعد المبكر عبر المؤتمر الأخير وقبل بالنتيجة مع مناورات كثيرة هنا وهناك فإن إلياس العماري سيغادر ربما بالقوة نظرا لخلافاته مع رفاقه في الحزب.
يبقى في المشهد السياسي حزب الاستقلال، الذي يعيش على وقع صراعات ظهرت بعد طرد حميد شباط، والاتحاد الاشتراكي، الذي يوجد أغلب مناضليه خارج الأداة الحزبية، وحزب التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية، وهي أحزاب مأزومة حاليا، ولا يمكن أن تكون بمستوى فعل سياسي قوي سواء في الأغلبية أو في المعارضة.
سنسلم جدلا وهذا احتمال وارد كما قلنا بداية، أن أخنوش سيقود المرحلة المقبلة.
من سيواجه التجمع الوطني للأحرار؟ من سيقود المعارضة؟ من سيؤطر المواطن مع وجود مشهد حزبي ضعيف؟
تتنامى في الشارع وخصوصا داخل الجماعات قوة متنامية لمعارضة غير مؤطرة حزبيا، وبالتالي سيختار الشباب واحدا من طريقين لا ثالث لهما. سيمتلك الشارع يسار راديكالي ومعارضة دينية غير مؤطرة داخل المشهد السياسي بل لا تعترف بقواعده. فهل يتوفر أخنوش على القوة للجواب عن أسئلة الشارع؟ هل يتوفر على مشاريع حقيقية لتجاوز الأزمة التي خلفتها وستخلفها حكومة العدالة والتنمية التي يشارك فيها بحذر؟ هل ستكون مزاعم امتلاكه لمشاريع حقيقة وليس دعاية؟ ولماذا لم ينفذ بعضا منها اليوم؟
يعتقد عزيز أخنوش أن جلب مجموعات كبيرة من الأعيان والأطر هو مفتاح امتلاك الشارع وهذا وهم يشكل خطورة على المجتمع والدولة. إنه الخطر الداهم. ربما حكومة بعيدة عن أصحاب المصالح قادرة على مسح مخلفات البيجيدي.
Annahar almaghribiya