قضية أيت الجيد تأبى أن تدخل التاريخ والنسيان فرغم مرور خمس وعشرين سنة على مقتل أيت الجيد محمد بنعيسى، الطالب اليساري الذي اغتالته الجماعات الإسلامية سنوات التسعينيات من القرن الماضي، لا تنتهي القضية ولا يُغلق ملفها، وتصر العائلة على معرفة الحقيقة كاملة، تريد أن تعرف من قتل ابنها، ولهذا أحيت أول أمس السبت بالرباط مؤسسة أيت الجيد للتسامح ومناهضة التطرف هذه الذكرى، معززة نشاطها بشهادة جديدة مزلزلة تتهم مباشرة عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية، بالتورط في عملية القتل.
الشاهد الجديد معتقل سابق في القضية ذاتها. سبق أن حوكم بسنتين سجنا نافذا بتهمة المشاركة في مشاجرة أدت إلى وفاة. وهي التهمة نفسها التي توبع بها حامي الدين. الفرق بين الاثنين أن الأول رفيق للضحية والثاني ادعى أنه رفيق للضحية. الشاهد يروي بالتفاصيل الطريقة التي تم بها اغتيال أيت الجيد. يستحيل في دولة الحق والقانون ألا يتم الاستماع إلى هذا الشاهد وإلى حامي الدين. وإلا سنصلي صلاة الجنازة على القضاء.
واختارت المؤسسة تنظيم وقفة تندد بالقيادي المذكور لكن أمام البرلمان، في إشارة رمزية إلى أن انتماء المتهم إلى مجلس المستشارين يشكل غطاء وحماية لهذا الشخص، الذي يتلكأ في الحضور أمام قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس للنظر في الشكاية التي تقدم بها دفاع عائلة الضحية منذ سنوات خلت، لكن هناك من يقدم الحماية له ولهذا يتغيب دون مبرر.
وكان حزب العدالة والتنمية قد أصدر بيانا عبر مجلسه الوطني يعتبر قضية حامي الدين قضيته، وقال عبد الإله بنكيران لن نسلم أخانا للجهات التي تريد الإساءة إليه، في اتهام مباشر للقضاء بأنه يتلقى التعليمات من جهات مجهولة، مما دفع الوكيل العام للمملكة للقول إن القضاة لا يتلقون أمرا من أية جهة.
بيان حزب العدالة والتنمية بمثابة حرب ضد السلطة القضائية، بل هو تغطية على جريمة منكرة لم تنته فصولها رغم محاولات الحزب التغطية على ذلك بأن المحكمة حسمت فيها بالحكم بسنتين على المتهم المذكور، نال بفضلها ملايين من الإنصاف والمصالحة.
وكان عبد العالي حامي الدين قد قام بتضليل العدالة عندما ادعى أنه ينتمي للفصيل الذي ينتمي إليه القتيل، بينما كان ينتمي لفصيل إسلامي، مما دفع بالقاضي إلى اتهامه بالمشاركة في مشاجرة أدت إلى وفاة وليس بالقتل.
إذا لم يتم تقديم الشخص المذكور للتحقيق فإن العدالة ستبقى ناقصة لأنه لا يمكن هنا الحديث عن مساواة الناس أمام القانون وأن الانتماء الحزبي حام من الجرائم.
فهل إلى هذه الدرجة يتوفر حامي الدين على الحماية؟ لا نفهم أنه كلما تمت المطالبة بالتحقيق مع المعني بالأمر تم ترقيته في السلم الحزبي؟ هل سيخوض الحزب معركة اسمها كلنا حامي الدين ضد القانون والقضاء؟
Annahar almaghribiya