زكرياء لعروسي
أثارت تصريحات نور الدين عيوش، التي أدلى بها لموقع إلكتروني، حول بعض تعاليم الدين الإسلامي، سخرية عارمة، بعد وصف الإمام مالك ومذهبه بالمتخلف، ودعوة المغاربة إلى عدم الخضوع لتعاليم الدين الحنيف، التي تنظم العلاقة بين الرجل والمرأة داخل مؤسسة الزواج، وانتقاد القوانين الوطنية، داعيا إلى السماح بقيام علاقات جنسية خارج الأسرة، بعضها مثلية، بدعوى حرية الجسد.
من حقك يا عيوش، أن تعتقد ما تشاء، وتفكر في ما تريد، وتدعو إلى دحر العربية وتدريس أبناء المغاربة العلوم بالدارجة، بنقائصها وعِلاتها.. لك الحق أن تعيش مع رجل، إذا أردت ذلك.. لك الحق في التحرر من أي معتقد ديني أو قاعدة أخلاقية، لك الحق في دعوة أفراد أسرتك، ذكورا وإناثا إلى التحرر الجنسي، وأن يفعلوا بأجسادهم ما يروق لهم.. لكن، لا حق لك في الحديث نيابة عن المغاربة، الذين تشبثوا بالأخلاق الحميدة وصون الأعراض، والتحلي بالمكارم والتخلي عن المفاسد، وإذا ابتليتم فاستتروا...!
لا أحدثك يا عيوش بلغة حراسة الفضيلة أو ادعاء الالتزام التام بالتعاليم الدينية، فالخلائق يعصون الله، بعد أن غلبتهم أنفسهم.. وليس تحديا لتعاليم الإله.. ويرجون المغفرة والتوبة، "ومن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه".. لكن العيب كل العيب، يا عيوش أن تسعى إلى محاربة مكارم الأخلاق التي بُعث لأجلها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وتدعو إلى عودة الخلق إلى أفعال قوم لوط، وإلى ما قبل الجاهلية، باسم الحرية والتحرر!
إن شبابنا يا سيدي، لا يحتاجون إلى تحرير الجسد، بل تحرير سوق الشغل من هيمنتكم وتدخلاتكم.. من القواعد التي فرضتها طبقتكم الغنية على كل من أراد الزواج، من مهر وعرس باذخ، وشهر العسل في جزر أوروبا وأمريكا اللاتينية.. فرسختم في أذهان بعض إناث القوم (بأفلامكم وتصريحاتكم) تلكم القواعد التي تقدس المظاهر وتمجدها، فرفضن الزواج بغير الغني، وتمردن على قاعدة " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه"، فكانت الفتنة، وخارت عزائم بعض الشباب، فبحثوا عن حاجاتهم البيولوجية خارج مؤسسة الزواج، واستعفَّ البعض الآخر، وتذبذب آخرون بين هذا وذاك، لكنهم، جميعا، يستشعرون ذنبهم ويرجون مغفرة من الله وتوبة، بل وحتى إناثهم، يبحثن عن الستر وبناء أسرة طاهرة عفيفة.. ولم يتجرأ أحدهم على إنكار تعاليم الخالق.
وأما قولك يا عيوش، "هاذاك مالك"، ووصف مذهبه بالتخلف، فهي والله إساءة أدب عظيمة مع عالم جليل، كرس حياته لخدمة الإسلام، فليس هو من شرع قواعد العفة والزواج.. ولا وضع تعاليم القرآن والسنة.. بل كرس حياته لجمعها وتصنيفها، فوضع مذهبا يعمل عمل أهل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتشبث به المغاربة بفضل إمارة المؤمنين، فوقاهم من المهالك العقدية والروحية والطائفية، بل وقاهم حتى من الفتن السلوكية، وتلك هي الوسطية الحقة.. ما زاغ عنها إلا هالك!
النقاش، يا سيدي، ليس بغرض الدفاع عن الدين، أو تعاليمه، أو رجاله، فهم أرفع وأطهر من أي ادعاء أو سفه قول، إنما هو دفاع عن قيم فضلى تمسك به المجتمع المغربي، وحافظت عليها الأسر.. ولو ظهر وباء سعى إلى نخر المدركات الأخلاقية، فالأجدر أن نحارب الوباء، وليس القيم...!