على مقربة من انتهاء سنة على ميلاد الحكومة، التي يترأسها سعد الدين العثماني، وقعت الأطراف الستة المشكلة لها على ميثاق الأغلبية، الذي كان مكتملا قبيل رحيل بنكيران، وبعد عزله رفض التوقيع عليه بصفة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية مكلفا نائبه سليمان العمراني بهذه المهمة، وهو الشيء الذي رفضه باقي قادة الأحزاب السياسية، وبعد إخراجه للوجود تبين أنه مجرد كلام إنشائي لا علاقة له بمفهوم الميثاق.
الميثاق أداة ناظمة للعمل وهو بمثابة الدستور الذي يؤطر عمل المجموعة الموقعة على الميثاق. وبالتالي يكون دقيقا متضمنا لعناوين كبرى يتم من خلالها استنباط قواعد الشغل وتدبير الخلافات ويعود إليها المتخاصمون لحل المشاكل بينهم، وتبقى هذه الوثيقة بلا قيمة إذا لم تكن بصيغة تُستخرج منها بنود وقوانين.
ميثاق الأغلبية لا قيمة له لأنه مجرد رسالة مفروضة من أحزاب الأغلبية على الشريك الرئيسي أي حزب العدالة والتنمية. لقد نسيت الأحزاب شيئا اسمه الميثاق ولم تنتفض إلا بعد تصريحات عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعزول والأمين العام السابق لحزب البيجيدي، التي هاجم فيها عزيز أخنوش، رئيس التجمع، وإدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي.
لما خرج الميثاق تبين أن صياغته تمت من طرف خبراء في إنشاء الكلام وليس من طرف خبراء قانون وسياسة، وكل ما تضمنه تمنيات قابلة للتنفيذ وممكنة التجاوز، مادام أنه لا يوجد ما يلزم أطرف العملية بالالتزام به، فهم في حل من أمرهم.
من أغرب المواثيق التي صدرت في العالم هو ميثاق الأغلبية. تكونت الأغلبية وتصافحت وأخذت الصور لزعمائها وهم ضاحكون مستبشرون بعدد المقاعد التي سيحصلون عليها، وتم توزيع الحكومة إلى أربعين وزارة حتى يضمن كل حزب عددا مهما من الوزارات وعددا مهما من الدواوين، وتم تعيين الحكومة كما تم تنصيبها من قبل البرلمان بغرفتيه، وحاولت معالجة ملفات ضخمة وفشلت إلى أن تدخل الملك مثل ملف الحسيمة، وتم عزل وزراء نتيجة تفريطهم في مسؤولياتهم، وتم تعيين وزراء جدد وتمت المصادقة على قانون المالية الثاني في عهدها، وبعدها جاء من يقول أين ميثاق الأغلبية؟
إذن هي حكومة دون رخصة سياقة أو دون قواعد سلوك وسير. بمعنى هي حكومة السيبة بكل ما تعني الكلمة من معنى. بعد مرور كل هذا الوقت تذكرت حكومتنا أنها لا تتوفر على ضوابط للعمل وآليات لتدبير الاختلاف.
كان مفروضا أن يتم التوقيع على ميثاق الأغلبية بمجرد تكوينها. ولا نعرف كيف استطاعت الأغلبية التفاهم على تشكيل حكومة دون وجود آليات. ولو تم بحث الأدوات مسبقا لما تأخر ميلاد الحكومة وقتا طويلا.
اليوم بعد أن وُلد الميثاق وعاد الزعماء لأخذ صورة شبيهة بالأولى تأكدنا أنه ليس بميثاق ولكن مجرد وثيقة تحاول ردع الزعيم المعزول الذي يسيء لحزبه قبل غيره.