مر اليوم على أول خروج للحراك الشبابي يوم 20 فبراير حوالي سبع سنوات، وهي زمن كبير في العرف السياسي، وقعت فيه أشياء كثيرة، وتم خلاله الاستجابة لمطالب الشارع والتجاوب السريع للمؤسسة الملكية معها، غير أن هذا التجاوب لم يلق تجاوبا من قبل الفاعل السياسي، سواء المشارك في العملية السياسية أو الرافض لها، وإذا كان هناك أي انتهاك للدستور وتنزيله على أرض الواقع فهو يعود إلى المعني بذلك، وهم الفاعلون السياسيون الذين اهتموا بالقوانين، التي تمنحهم فرصة للتغلغل والتمكين، أكثر من القوانين التنظيمية التي بدونها يبقى الدستور عالقا في الأوراق.
لقد تآمر على الدستور طرفان، مشاركون في العملية السياسية، الذين يعرفون جيدا أن تنزيل دستور 2011 ضرب لمصالحهم، وسد الباب أمام تغولهم وتغلغلهم في الإدارات ومن ثم التمكين، وطرف آخر يصور المغرب على أنه ظلام دامس دون أن يرى بصيص النور، لأنه لا يمكن أن يتحرك في أفق جلب الدعم من الخارج.
حركة 20 فبراير كانت حراكا شبابيا في الزمان والمكان، وهي اليوم من التاريخ الذي مضى ولن يعود، وأي حراك يقع في المستقبل لا علاقة له بـ20 فبراير، ولكنه حراك جديد، لأن الحركة ليست تنظيما ولا حزبا ولا منظمة ولا جمعية، ولكن واقع الحال يقول إنها خروج شبابي للشارع للمطالبة بالعديد من الأمور، لكن من قادوها وتزعموها ذهبوا إلى حال سبيلهم بحثا عن فرص أخرى ولم يعودوا حتى في سن الخروج، حيث ظهر شباب آخر بمطالب أخرى.
حركة تنتمي إلى الماضي بمعنى ماتت. وبما أن أحزابنا وتنظيماتنا الإسلامية والليبرالية واليسارية لها سلفية فإنها تتمسك بالتاريخ بدل التفكير في المستقبل من خلال الجغرافية وأرقامها الموجودة حاليا ومعطياتها الآنية وظرفها وشرطها الموضوعي.
كل الذين ينادون اليوم بإحياء حركة 20 فبراير هم أحزاب وتنظيمات فشلت في النظر للمستقبل وبالتالي تعود بعينها نحو الماضي بمن فيها من يزعم أنه تقدمي يؤمن بأن حركة التاريخ لا تتوقف عند لحظة معينة. لماذا يريدون إحياء الموتى؟ لأنه ليس لديهم تصور للمستقبل، وهذا تحدٍّ نطرحه دائما وسنبقى نطرحه إلى أن يقوم أحد برفع التحدي: هل بمستطاع حزب سياسي اليوم أن يقول لنا ما هو المغرب في المستقبل؟ الأحزاب الموجودة في الحكومة تدبر اليوم باليوم كما يقال مثل شركة مناولة، والتي توجد في المعارضة، المؤسسية وغير المؤسسية، ترفع الشعارات الكبيرة والطنانة ومنها من كذبه التاريخ يوم إدارة الحكومة.
فهذه الأحزاب والتنظيمات والجمعيات، التي تحاول إخراج الحركة من قبرها، لا تفعل ذلك حبا في الشباب، لأنها لما تولت الحكومة تنكرت للشباب ومطالبهم وحققت مطامحها، ولكن تريد إحياءها لأنها أولا فشلت في خلق نموذج جدي للسلطة وثانيا لأنها تريد ممارسة مزيد من الضغط قصد الحصول على مزيد من المكاسب ثم تعيد الحركة إلى ضريحها التاريخي.
Annahar almaghribiya