ليس من باب الغرابة أن يتضامن عبد العالي حامي الدين، القيادي في العدالة والتنمية، المتهم بالقتل والرافض للحضور أمام القضاء، مع طارق رمضان، المفكر الإسلامي وحفيد حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين، الموقوف بفرنسا والمتهم بالاغتصاب. ليس من حقنا الحكم على الشخصين، ولا يمكن أن نقول إنها مذنبان، لكن هناك تهمة يواجهها كل واحد منهما، وللقضاء وحده الكلمة الفيصل في هذا الشأن.
لكن لماذا لا يترك هؤلاء القضاء يدقق ويحقق فيما هو منسوب لهما. اليوم ينتفض حامي الدين للدفاع عن طارق رمضان. فبالإضافة إلى التقائهما في الانتماء الإخواني واجتماعهما على كلمة "الأسلمة" وميلهما إلى المشروع القطري فيما يتعلق بما يسمى الربيع العربي، فهناك تهمة تطاردهما.
حامي الدين يعتبر ما يجري لطارق رمضان مؤامرة لأنه استطاع تسفيه أحلام الغرب وفلسفته. وهذه فرية كبيرة لأن الكثير من الفلاسفة الغربيين تصدوا للأفكار والأطروحات الغربية بالقدر الذي لا يستوعبه أمثال طارق رمضان، وتكفي إطلالة قصيرة على قرن من الإنتاج الفلسفي، ليتبين كم هو حجم الفلاسفة الذين انتصروا للقضايا الإنسانية في مواجهة الغرب. بينما يشتغل طارق رمضان على "الخفيف" ويتبنى أسلوب الدعاية أكثر من التفكير. إذن حجة المؤامرة مرفوضة.
الأمر نفسه لحامي الدين يعتبر استدعاءه من قبل القضاء للاستماع إليه مؤامرة ضد المدافعين عن الديمقراطية. وهناك مدافعون كثيرون عنها لم يمسسهم سوء، بل إن حزبه تمكن من الوصول إلى الحكومة وقيادتها. لكن الأمر يتعلق بحق. عائلة الطالب المقتول أيت الجيد ترى أن محاكمة القيادي الإسلامي بتهمة المشاركة في مشاجرة أدت إلى وفاة فيها تجن على الحقيقة. لأن الطالب الإسلامي آنذاك صرح أمام المحققين أنه يساري قح.
لغة المؤامرة هي التي تكلم بها عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، الذي قال إن استدعاء حامي الدين هو مؤامرة من إحدى الجهات، التي تستهدف تيار الولاية الثالثة بينما الأمر هو قضائي صرف.
إذن اجتمع حامي الدين وطارق رمضان في تهمتين غير سياسيتين. والتهمة غير السياسية تنزل بصاحبها، لهذا يسعى للدفاع عن حفيد البنا حتى يسقط فكرة المؤامرة على تهمته أيضا.
وللأسف الشديد انخرط في الحملة أناس آخرون لم يعد لهم ما يتمسكون به للبقاء على قيد الوجود الفكري والسياسي، ناسين أن في فرنسا قضاء مستقل، قد يرتكب أخطاء مثله مثل غيره لكنه ليس من النوع الذي يقبل المؤامرة، بدليل أن شخصا كان متهما بإوياء إرهابيين ولما تبين أن نية الإخفاء غير موجودة تم إطلاق سراحه.
التهمة جاهزة عند الإسلام السياسي ومن يواليه اليوم. اعتبار اعتقال طارق رمضان مؤامرة اتهام للقضاء الفرنسي بتلقي التعليمات. اعتبار استدعاء حامي الدين مؤامرة اتهام للقضاء المغربي بتلقي التعليمات.
القصة هو أن الإخوان المسلمين تربوا على فكر المؤامرة واعتبار أنفسهم ضجية بل لا يستحييون عندما يعتبرون السجن مدرسة يوسف عليه السلام حتى لو كانت التهمة الاغتصاب أعوذ بالله.
Annahar almaghribiya