صدم الرأي العام بشكل عام وصدمت الأحزاب السياسية بشكل خاص لقرار تعيين الملك لصديقه فؤاد عالي الهمة مستشارا بالديوان الملكي. الصحف الدولية ركزت كثيرا على تعيين من يصفونه ب"عدو الإسلاميين".
الهمة أقام الدنيا وشغل الناس منذ إصدار القصر الملكي سنة 2007 لبيان يقول فيه إن الملك قبل استقالته من منصبه كوزير منتدب للداخلية. البعض اعتبر تعيينه "استفزازا" للشارع الذي يغلي. هذا الأمر فيه مبالغة، لأن من يتحكم في الشارع حاليا لم يصوت على الدستور ويعتبره "ممنوحا"
إن الهمة كان يخطط لمشروع سياسي، تضافرت عوامل كثيرة داخلية وخارجية على الحد من مفعوله. ربما خطأه الوحيد أنه لم يأخذ مسافة كافية بين خروجه من وزارة الداخلية وبين دخوله الميدان السياسي. ربما للهمة بعض الحسنات على الحقل السياسي، فلأول مرة يتم التحالف بشكل طبيعي، حكومة محافظة (البي جي دي والاستقلال والحركة) ومعارضة فيها نفحة تقدمية (الاتحاد الاشتراكي والاحرار والأصالة والمعاصرة).
هذا ما كان ليتم لولا الولادة غير الطبيعية لحزب "البام". لكن من السذاجة تحميل رجل مآسي ما عشناه ونعيشه، من السذاجة الاعتقاد أن كل كبواتنا في السياسة والاقتصاد والإعلام بسبب فؤاد عالي الهمة.
قد يكون ساهم بدور في ذلك لكن المشكلة ليست مشكلة أشخاص، عمرو أو زيد أو علي، فالمشكلة مشكلة نظام أنتج أمس إدريس واليوم علي وغدا يونس أو خالد. لن يكون للهمة دور بمؤسسة قوية للوزير الأول وبأحزاب ليست بحاجة إلى آلة التحكم عن بعد.
لا يجب أن نعلق كل إخفاقاتنا على شماعة رجل واحد، قد يكون توقيت تعيينه "غير مناسب سياسيا" لكن للملك الحق في تعيين من يريده مستشارا في ديوانه، وللمجتمع القدرة على إنتاج مضادات كل من يريد أن يعيدنا إلى الوراء وأن يعرقل المسلسل الديموقراطي سواء باسم الدين أو باسم أي شيء آخر.