انتهت الدورة البرلمانية ومعها سيذهب البرلمانيون في عطلة مفتوحة لمدة شهرين، والواقع يفرض أن يظل هؤلاء يشتغلون إلى حين افتتاح الدورة الربيعية، لان عملا كثيرا ينبغي أن يتم إنجازه بين الدورتين، ويتلقى البرلمانيون تعويضا، تحول بقدرة قادر إلى راتب يترتب عنه تقاعدا مريحا واستثنائيا في الحقيقة، ومقابل هذا التعويض عليهم القيام بأشغال كثيرة، بين الدورتين، سواء من خلال الأسئلة الكتابية التي هي من أدوات مراقبة العمل الحكومي، أو من خلال اشتغال اللجن البرلمانية، ناهيك عن النشاط الموازي للبرلمان، الذي لا نراه في الواقع.
البرلماني الذي يطالب بكثير من التعويضات ناهيك عن التعويض الأصلي الذي أصبح راتبا، ومنها بونات المازوت والمبيت في فنادق الرباط والبطاقة المجانية للقطار في الدرجة الأولى، يعني مراكمة تعويض عن تعويضات أخرى، ناهيك عن وجود برلمانيين يراكمون أكثر من تعويض من أكثر من مؤسسة حتى فاقت تعويضات بعضهم رواتب الوزراء، هذا البرلماني لا يسأل نفسه عن قيمة العمل الذي يؤديه.
في النظر والقانون يعتبر البرلمان أهم مؤسسة في البلاد باعتباره هو المؤسسة الذي تنبثق عنها الحكومة، وهو المؤسسة التي تصدر عنها التشريعات والقوانين، وهي المؤسسة التي تقوم بمراقبة عمل الحكومة وصرف الميزانيات بل البرلمان هو الذي يصادق على الميزانية العامة ويمكن أن يسقط الحكومة إذا زاغت عن الطريق وهو الذي ينصبها، ومن له حق الأعلى له حق الأدنى، بمعنى من ينصب يعزل أيضا.
هذه السلطات الكبيرة التي تمتلكها المؤسسة التشريعية تجعل منها أهم مؤسسة في البلاد، لكن لا ننسى أن أهمية المؤسسات تأتي من عناصر متعددة، منها قيمتها الدستورية وقيمتها القانونية وأدوات اشتغالها، لكن أهم من ذلك هو الموارد البشرية، التي هي المحدد الرئيسي لأي عمل ناجح، وبالتالي يبقى برلماننا فريد من نوعه من حيث تدني مستواه في هذا المستوى بالضبط.
برلمانيون همهم الوحيد الدفاع عن التشريعات التي تضمن مصالحهم. الدفاع عن تقاعد أجمعت "الأمة" على أنه ريع غير مستحق لأنه لا يمكن ترتيب تقاعد على تعويضات ولأن العمل البرلماني عمل نضالي تطوعي وليس حرفة يقتات منها الإنسان. يدافعون عن تقاعدهم حتى لا يمس ويشرعون لضرب تقاعد الموظفين.
برلمانيون يدافعون فقط عن التعويضات والامتيازات والجمع بين التعويضات والامتيازات. لكن يتم تمرير قوانين كبيرة تهم 35 مليون مغربي بثلاث أصوات مقابل صوتين. فهل يعقل أن قانون محاربة العنف ضد النساء، الذي يهم كل المغاربة نساء ورجالا، يصوت عليه ثلاثة برلمانيين في لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين؟ ألهذا الحد وصل الاستخفاف بالمؤسسة التشريعية؟ هل نزلنا من السيرك على حد قول المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني إلى الملهاة؟
في دول عربية أقل منا شأنا بل مدرمة بالحرب مثل العراق تم فرض شهادة جامعية للترشح للبرلمان المقبل. فهل سنعيد النظر في مؤسستنا التشريعية؟
Annahar almaghribiya