المختار لغزيوي
فجأة - وبسبب صحافي سابق لاداعي لذكر إسمه- وجدتني منظما للحفلات من وإلى تل أبيب، دون أن أعرف كيف ومتى ولماذا ولا من قرر لي هذا التحول من الحرفة الوحيدة التي ابتلاني الإله بها أي الصحافة، إلى مهنة تنظيم الرحلات وإلى أين؟ إلى إسرائيل « حتة واحدة » مثلما يقول المصريون..
العبد لله لم يسبق له أن نظم رحلة إلى منابع أم الربيع أو إلى يفرن لمشاهدة الأسد الشهير واللعب مع القردة في الثلوج، لذلك فوجئت بحجم الكذبة، ووجدتني أقول لنفسي إن الصحافي السابق في هاته النقطة بالتحديد تجاوز كل حدود الاختلاف المقبول الذي يجعله مرة يسمني ب « الممخزن » ومرة ب « الصحافي الرسمي » ومرة ب « صوت الدولة العميقة » بناء على قراءات متناقضة بيني وبينه للواقع المغربي على امتداد سنوات وليس اليوم فقط، لكي يدخل مراحل الاختلاق المجاني والكذب المفضوح، والفانتازم الذي يدل على مشكل واحد ووحيد لدى هذا الشخص هو أنه فقد فعلا كل اتزان نفسي، وأصبحت سلامته العقلية موضع تساؤل فعلي مثلما يقول مقربون منه منذ وقت غير طويل
هنا وعندما يتعلق الأمر بشخص مشكوك في سلامته العقلية، يكون السؤال المطروح عليك بعد أن يسيء لك هو التالي: « ماذا ستفعل معه؟ وما الذي ستقوم به؟ كيف ستتصرف؟»
في اللحظة الأولى لتلقي كذبة الصحافي السابق - شافاه الله - كان رد فعلي هو أنه إذا كان مجنونا بشكل رسمي فعليه باللجوء إلى المستشفى لمعالجة نفسه، أو على أسرته أو ماتبقى من أسرته القيام بذلك. أما إذا كان يلعب لعبة « هبل تربح » فإن لدينا قضاءا في هذا البلد عليه أن يحمي سمعة مواطنيه من التشهير المجاني ومن الكذب المفضوح، لذلك لامفر من الدعوى القضائية.
رد الفعل الأولي هذا كان ساخنا وفي غير محله، لأننا عندما راجعنا محامينا واكتشفنا المصاريف التي سندفعها لكي نرفع دعوانا ضد الصحافي السابق انتبهنا إلى أنه لايستحق أن يصرف عليه درهم واحد، وأنه من الأفضل الاحتفاظ بمال المؤسسة في المؤسسة وللمؤسسة، عوض صرف مليم واحد على شخص مشكوك في سلامته العقلية، قد تلتقي بأمثاله اليوم بطوله، وقد يسبونك في الشارع وقد يضربونك، ولا تستطيع أن تعاملهم بالمثل بل تكتفي بالدعاء لهم بالشفاء، وتحمد الله أنه لم يبتلك بما ابتلاهم به وتمضي..
لذلك قررنا أن نترك للصحافي السابق إياه هواية النباح الأحمق هاته التي يتخصص فيها منذ زمن طويل، خصوصا بعد أن استفحلت حالته العقلية مؤخرا، وأن نحتفظ بملاليمنا القليلة في جيوبنا لأن صحافيي هذه المؤسسة أحق بها من الضياع في ردهات المحاكم ومصاريف التقاضي وما إليه مما يعرفه المواطن المغربي البسيط ويحفظ تفاصيله عن ظهر قلب.
طبعا كذبة الصحافي السابق تفتح أعيننا على أنه في مجال الأخبار الزائفة، انتقلنا اليوم من مرحلة إلقائها عبر مواقع التواصل الاجتماعي من طرف مجهولين، والرهان على استغباء الناس، إلى مرحلة تكلف أشخاص معروفين أو كانوا معروفين سابقا بالمهمة وبأسمائهم الحقيقية وبأوجههم المكشوفة عبر مواقع بعينها أو عبر صفحاتهم التواصلية بالقيام بهذا الأمر ونشر الأخبار الزائفة دون أي خجل أو حياء.
والغريب هو أن لدى هذه العصابة بالتحديد ارتباطا محددا ببعضها يعود إلى نهاية تسعينيات القرن الماضي يوم كانت تعتقد نفسها صانعة الصحافة الوحيدة في البلد، قبل أن تنتهي مهمتها ويلقى بها في مزابل التاريخ، ويفرض الشتات على أسمائها، فمنهم من قضى نحبه مهنيا وأعلن الإفلاس لكي لايؤدي ضرائبه، ومنهم من هجر المهنة وأصبح متخصصا في التنقيط للمغرب في حقوق الإنسان، ومنهم من غير كتف البندقية عشرات المرات وكل مرة بأجر بمجرد أن ينتهي إلا ويعود إلى الابتزاز، ومنهم من لم يصدق ماوقع له من تغيرات الحال والأحوال ففقد عقله وصار مثل « المجذوب » يمشي في الأسواق ويسب الناس بالأكاذيب التي لاتدخل العقل، ومنهم من ينتظر..
في كل الحالات لم نكن ننتظر دليلا آخر على أن عددا كبيرا من الموتورين والحمقى قد تسلل إلى هاته الحرفة يصفي فيها وعبرها مشاكله مع الزمن، ولم نكن ننتظر كذبة الصحافي السابق الجديدة لكي ندعو ربنا بحسن الخاتمة، وألا يدور بنا الزمان ذات يوم دورته الخائنة هاته، فنلفي الناس قربنا كلما تحدثنا إلا وحركوا الرؤوس يمنة ويسرة وقالوا « الله يستر » ومضوا لحال سبيلهم يشتغلون.
إطمئن أيها الصحافي السابق لن نحاسبك بما فعلت، بل سندعو لك بالشفاء، وسنترك لك المجال أن تقول لاحقا إننا ننظم الرحلات إلى المريخ وزحل، ونخبرك أنه قد وقع الاختيار عليك لكي تكون المرة المقبلة ضمن اللائحة الشرفية للراكبين معنا في الصاروخ المنطلق إلى هناك… لذلك اشتر خوذة واقية واستعد للانطلاق نحو الفضاء..
ملحوظة لها علاقة بماسبق:
لابد من كلمة عن الذين ذهبوا إلى إسرائيل، وإن كانوا قد زاروها بشكل شخصي ولم ترسلهم مؤسساتهم، إلا أن حق التنقل يبقى حقا فرديا ملزما وجب احترامه، ووجب عدم الانصياع وراء عملية الترهيب التي تعرض لها من ذهبوا إلى هناك بناء على قناعات شخصية يجب أن نتعلم أن نحترمها وإن أزعجت آراءنا ولم تكن موافقة لهوانا
بيننا وبين الحرية الحقيقية، وتقبل الاختلاف مسافات طويلة سيقطعها هذا العقل الجماعي النائم ذات استيقاظ نتمني ألا يكون متأخرا وبعد فوات الأوان.
في انتظار ذلك كل التضامن مع كل ضحايا الإرهاب الفكري والمزايدات الفارغة باسم الشعارات.