عن [عبد الله بن عمْرو بن العاص] رضي الله عنهما؛ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: [أربع مَن كنّ فيه كان منافقا خالصا؛ ومن كانت فيه خصلةٌ منهنّ، كانت فيه خِصلة من النفاق، حتى يدعها؛ إذا ائتُمِن خان؛ وإذا حدّث كذب؛ وإذا عاهد غدر؛ وإذا خاصم فجر.]: رواه [البخاري ومسلم].. وأنا أسأل القارئ الكريم: [ألا توجد هذه الخصال الأربع في حزب (العدالة والتنمية)، وفي زعمائه؟ ألم يَأتمنْه المغاربةُ فخانهم، وصار ينفّذ تعاليمَ مؤسسة نقدية، وضرب أرزاقهم، ونسف بالزيادات في الأسعار أقواتَهم، وكل مرة يرفع من مبالغ الاقتطاعات من أجورهم، وإذا أضربوا ضربهم، حتى لإنّ [بنكيران] افتخر خلال تجمُّع بطنجة أنه حدّ من الإضرابات الاحتجاجية بمنعه حرية الإضراب، وهو من ثوابت الحرية والديموقراطية، ومن الأمور التي مارسها الحزب في المعارضة، ثم أصبحت ذنبا عندما وصل إلى سدة الحكم في البلاد، بواسطة أصوات العباد، الذين صدقوه فخانهم؛ فما أجرى الله خيرا على أيديهم؛ بل أصيبت البلادُ بكوارثَ ارتبطتْ في الأذهان من جفاف، وجرائمَ نكراء، وحرْق مواطنين لأجسادهم، وثوران فتـنٍ في الحسيمة، وجرادة، ومناطق أخرى تعاني الإهمال، والجوع، والمرض، والفاقة؛ فيما هم، يزيدون في بذخ أتباعهم، وأوثانهم في البرلمان، والحكومة، ومجالس الجهات، التي استحالت إلى ضيعات مِلْكًا لهم، يعيثون فيها فسادا، ويهدّدون ثوابت، ودعائم الاستقرار، وهي المعيشة والخبز اليومي، أليستْ هذه خيانةً بكل ما تعنيه الكلمةُ من معنًى؟
أمّا الكذب؛ فهو ماثِلٌ في أعمالهم، وأقوالهم؛ ألم تتذكّر بماذا حدّثوا يوم كانوا يراودون الناسَ عن أنفسهم، موظّفين الدّينَ لاستمالة البسطاء الذين حوّلوهم إلى أسماك، يملؤون بها صناديقهم، ثم لـمّا وصلوا، من كل شيء تنصّلوا، تماما كما يتنصّل الشيطان إذ قال للإنسان اُكفرْ، فلمّا كفر، قال إني بريء منك.. ألم يدّعوا [الدعوة إلى الله] في حديثهم، حتى بكوا من على المنصّات، وما كانت دموعهم من خشية الله، وإنما كانت دموع تماسيح، وعواء ذئاب، وسط الغاب؛ وتلكم خصلة الكذّاب، لا شك في ذلك.. لقد عاهدوا، وفي عهودهم أزبدوا، ولكنْ لما تمكّنوا من بقرة الأمّة الحلوب، حلبوا وأزبدوا، فكان على الشعب إطعام البقرة، فيما هم قبضوا على ضِرعها، فما تركوا ضرعا لمحتلِب؛ صار يشتكي الفقر غادينا ورائحُنا، ونحن نمشي في أرض من الذهب..
وماذا عن غدْرهم؟ لقد غدروا بنا، واستباحوا أرزاقنا، وامتدّت أيديهم إلى جيوبنا، وصاروا جباةً لا حماةً لحقوقنا، وضربوا تقاعُدَ بؤساء قضوا عمرا في خدمة الوطن، فبخسوهم حقّهم، وأضافوه إلى تقاعد برلماني، لا هو بخادمٍ للوطن، ولا هو بمدافع عن حوزة، وكرامة، إنما كان في قبة البرلمان مجرد كذّاب، ومُبير، مثله مثل الوزير؛ ومع ذلك ظفر بتقاعد وفير، هيهات أن يناله من قضى عمرا في عمل عسير، بسبب سياسة الغادرين، وتدبير الخدّاعين، الذين أظهروا إسلاما كاذبا، ووطنية زائفة ليحرزوا بهما امتيازات كانت لهم ظلما وسحتا؛ فلعنهم الله، وذمّهم، وربط فترتهم بمآسٍ، وكوارثَ، ومظالمَ، فتوعّدهم سبحانه وتعالى بأليم العذاب، لكنّهم لبطنتهم، وعدم فطنتهم، لم ينتبهوا لما وعدهم به عزّ وجلّ من مذلّة في الدنيا، وقد رأوا في السلطة رأيَ الخاسرين؛ وفي الآخرة عن غيِّهم، ونفاقهم سوف يسألون؛ ولن يغني عنهم مالٌ سرقوه، وثروة نهبوها، ودموع غلابة سكبوها، وعرقُ مسحوق احتسوه بمكرٍ إصلاحات كذبًا ادّعوها؛ فتبّا لهم، وتبّا لما كسبوه!
لقد خاصموا الشعب، فأشقوه بالغش، والمكر، والخداع، وتواطؤوا عليه مع أبناك أجنبية، واستعانوا بأهل الكفر على شعب الإيمان، وتلكم خصال الأذلاّء، السفهاء، ظواهرهم جميلة بسَمن أبدانهم، ونظافة ثيابهم، وحلاوة حديثهم في التجمعات، وخُطبِهم من على المنابر، وبواطنُهم قبيحة بسائر الأمراض النفسية؛ قال تعالى: [وإذا رأيتَهم تُعجبك أجسامُهم، وإن يقولوا تَسمعْ لقولِهم كأنّهم خشُبٌ مسَنَّدة، يحسبون كلَّ صيحة عليهم هُمُ العدوّ؛ فاحذرْهم قاتَلَهمُ الله أنّى يؤفَكون] صدق الله العظيم. وقال في حقهم جلّ جلالُه: [إذا لقوا الّذين آمنوا قالوا آمنّا؛ وإذا خلوْا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم، إنّما نحن مستهزئون]. صدق الله العظيم. ألم يقولوا للشعب إنّا معك؟ ألم يقولوا للشّيوعيين، وأعداء الملكية إنّا معكم، إنّما نحن مستهزئون؟ ألا ترى أن الله سبحانه وتعالى ذلّهم، وفضحهم، وكشف للمَلَإ عوراتهم، وبث البغضاء والعداوةَ بينهم، ودبّت الفتنةُ في حزبهم، وخيّبهم، وما أجرى خيرًا على أيديهم، فصاروا خدَمًا، وحشمًا، وعملاءَ لأسيادهم، من بنوك أجنبية، توظّفهم ضد الأمّة، وتذِلّهم وهم لا يشعرون؛ فحبطت أعمالُهم، وسفِّهت أقوالُهم، يأكلون في بطونهم نارًا، أعاذنا الله من صفات الأشرار، وبئْسَ القرار.. لكم يومٌ يا ظلمة!