أجرى موقع هاف بوست عربي حوارا مع حسن أوريد، مؤرخ المملكة السابق، وخلع الموقع عليه ألقابا كثيرة، مثل المفكر والسياسي المغربي البارز، والحقيقة أن حسن أوريد يبقى كاتبا ولم يكن سياسيا لا بارزا ولا غير بارز كما لا يوجد ضمن خارطة الفكر العربي والمغربي، وصفة مفكر تقتضي إبداعا جديدا على مستوى الأفكار بعد نقد ونقض ما هو موجود، كما تفترض التوفر على نسق خاص بمفاهيم مركزية وفرعية.
طرح الموقع سؤالا على أوريد جاء فيه "باعتبار أنك في هذه الفترة اخترت الأدب كوسيلة للتعبير عن آرائك، يمكن أن ننطلق في حوارنا من روايتك "الأجمة"، التي اعتبرها البعض انعكاساً لوضع معيَّن عاشه أوريد حينما كان في القصر، ووجَّهت من خلالها انتقادات للجيش ولليساريين وحتى الإسلاميين؟"، وفي جوابه قال "كنت أتوقع أن يكون لهذه الرواية صدى، ولم يكن لها ذلك، مع أنني أعتبرها من أعمق الأعمال التي كتبتها، كتبتها في سياق معين بعد إيقاف مسلسل الانتخابات بالجزائر في 1992 وما آلت إليه الأمور في ذلك البلد".
يعتقد حسن أوريد أن مجرد اشتغاله على مضمون مثير يمكن أن يحقق للرواية مبيعات كبيرة أو تفاعلا مهما من قبل القراء، ناسيا أن الرواية هي أولا اقتراحات جمالية ومعمار يقدمه الكاتب من أجل الإمتاع والمؤانسة، فقد تكون القصة جميلة لكن طريقة الحكي تجعلك تنام قبل أن ينهي محدثك ربع كلامه. فتصنيف عمل كتابي على أنه رواية لا يمنحها هذه الصفة في غياب دور نشر وازنة وذات مصداقية وتتوفر على لجن للقراءة، حتى تميز القصة عن الرواية وتميزها عن النص، الذي ليس كما يعتقد البعض الكتابة دون قيد ولكنه كتابة بقواعد واضحة وميثاق بين الكاتب والقارئ.
في الحوار المذكور قال حسن أوريد "غادرت القصر لأني لم أوافق على خيارات أصحاب القرار". فهل فعلا غادر حسن أوريد القصر وقدم استقالته؟ الصيغة الواردة في بلاغ الديوان الملكي أثناء إعفائه من مهمة "مؤرخ المملكة" لا تختلف عن الصيغة الرسمية المعروفة عند إقالة أي عضو من الحكومة أو من إدارة مؤسسات عمومية وهي كالتالي "تم إعفاء فلان بطلب منه"، وهذه الصيغة وردت في إقالة وزراء تم طردهم لارتكابهم أخطاء خلال ممارسة مهامهم.
أوريد كان في المربع القريب من الملك منذ كان وليا للعهد وأصبح ناطقا رسميا باسم القصر الملكي مباشرة بعد تولي الملك العرش، لكنه لم يدل سوى بتصريح واحد طوال هذه المدة، وتحدثت مصادر مأذونة عن إبعاده بصفة والي إلى مكناس قبل استقدامه إلى الرباط بمهمة شكلية، وظفها أحيانا كصفة أي حول مؤرخ المملكة إلى مؤرخ.
وقال أوريد، خلال الحوار، إن حزب العدالة والتنمية خذل حراك التغيير في المغرب. من طبع الكاتب حتى لو لم يكن مفكرا أن يعترف بأنه أخطأ التقديرات في السابق. لم يتحدث أوريد عن خطئه في تقدير مسار العدالة والتنمية حيث قال عنه في كتابه الإسلام السياسي في المغرب بأنه شي مختلف. هذا الشيء المختلف أصبح اليوم مثل الاتحاد الاشتراكي ومثل أحزاب الحركة الوطنية. وليس من العيب التراجع عن الأفكار السابقة ولكن من العيب تمريرها على القارئ دون الإشارة إلى التراجع.