بقلم: محمد البريني
مهما كانت التشكيلة التي سوف يبني بها عبد الاله بنكيران، رئيس الحكومة المعين، حكومته، فإن الصورة التي سوف يصبح عليها المشهد السياسي المغربي ستكون مغايرة لما كان عليه الأمر في السنوات الماضية. إن قرار الاتحاد الاشتراكي انتزاع نفسه من المشروع الحكومي للعدالة والتنمية، وقبول حزب الاستقلال المشاركة فيه، هما القراران اللذان فتحا الطريق لانبثاق هذه الصورة الجديدة. سوف يجد حزب الاستقلال نفسه في مواجهة الاتحاد الاشتراكي، حليفه خلال فترات، وخصمه خلال فترات أخرى. وسوف تتواصل المواجهة بين حزب الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية. وهكذا فمن المرجح أن يعرف المناخ السياسي حيوية جديدة، تكسر النمطية والروتين والتمييع، وتحرض كل طرف في المعادلة السياسية على التفكير والبحث الجدي في الحجج التي عليه الدفع بها في ممارسة دوره؛ سيكون على الحكومة إتقان ملفاتها، وصياغة قراراتها بعناية لأنها تعلم أن أمامها معارضة قوية بتجربتها وأطرها. وستكون المعارضة مطالبة بممارسة رقابتها بأسلوب الجدية بعيدا عن الشعبوية والارتجال والخطاب المبني على الشتم، وببناء مواقفها ومبادراتها على أسس مدروسة بعناية إذا أرادت إقناع الرأي العام بمصداقيتها، والتحضير للتداول على السلطة.
صحيح أن نجاح التعاون والتنسيق داخل كل طرف من أطراف المعادلة (الحكومة والمعارضة) ضروري، وأنه يقتضي، قبل ذلك، القيام بمراجعة عدد من القناعات داخل الأطراف السياسية تجاه بعضها البعض. وأولى هذه المراجعات التخلص من بعض الصفات التي كانت تلصق بهذا الحزب أو ذاك، والتي كانت مشروعة في زمن مضى. لقد انتجت الانتخابات التشريعية الأخيرة خريطة سياسية لا أحد من حقه التشكيك في مشروعية أي طرف من أطرافها، ما دام الجميع يعترف بمصداقيتها ونزاهتها. لم يعد مقبولا، مثلا، نعت هذا الحزب بأنه حزب إداري، وذاك بأنه «وافد جديد»…الناخبون هم من يمنحون المشروعية لأي حزب، وهم من ينزعونها عنه.
إذا اتخذت الأحداث السياسية، مستقبلا، هذا المنحى، فلا شك أن طريقة تدبير الشأن العام سوف تتغير نحو التحسن، وسوف تنتقل الممارسة السياسية من الهواية والتمييع إلى المهنية والوضوح، وإلى بداية مرحلة التصحيح، واكتساب المصداقية، وانعاش الجدل والنقاش الديمقراطيين، ومن ثم استرجاع ثقة المواطن في مؤسساته المنتخبة والتنفيذية، ومصالحته مع الشأن السياسي