من حق والد ناصر الزفزافي، متزعم ما يسمى حراك الريف، أن يذهب ليس فقط إلى الاتحاد الأوروبي للتعبير عن رأيه ولكن فليذهب إلى الثلث الخالي من الدنيا وكل مكان لا يستطيع الإنسان الوصول إليه، لكن عليه أن يعرف كيف يدافع عما يعتبره حقا لابنه وبأية طريقة وفي أي مكان؟ هل الأمكنة التي يذهب إليها بالخارج موافقة للمنطق والعقل؟
لدى المغاربة مرجعية في المطالبة بالاحتماء بالأجنبي تتعلق بالجيلالي الزرهوني، المعروف شعبيا وتاريخيا ببوحمارة، الذي استنجد ببريطانيا من أجل أن تقدم له الحماية، وأصبح أي سلوك نحو الاستعانة بالخارج من أجل تحقيق أي مطلب يوسم بأنه سلوك بوحمارة، وهو سلوك يتبناه كثيرون، وخصوصا من السياسيين، الذين يرتبطون بجهات أجنبية وظهرت بشكل جلي خلال فترة الربيع العربي المتوحش، حيث برز أنصار الدولة الراعية للربيع العربي وأنصار الأردوغانية وعبيد أمريكا، من اليمين واليسار والإسلاميين.
ما معنى الذهاب إلى الاتحاد الأوروبي للدفاع عن معتقل؟ من أوحى لوالد الزفزافي بهذه الفكرة؟ من يريد استغلاله سياسيا؟
لا يوجد معنى لهذا التوجه بشكل نهائي ومطلق، لأن ناصر الزفزافي مواطن مغربي ويحاكم في محكمة مغربية، فما شأن الاتحاد الأوروبي بهذه القضية؟ فهل ستتدخل بلدان العالم في كل من قام بالفوضى وأحرق السيارات وخرب الممتلكات وتطالب بإطلاق سراحه؟
من أوحى لوالد ناصر الزفزافي بهذه الفكرة واحد من اثنين: غبي أو مرتزق، ونحن نرجح الثاني. لأن الدفاع عن ناصر يكون هنا والآن في المغرب لا خارجه، وداخل أروقة المحكمة لا في الإعلام.
هناك أشخاص يضحكون على الناس، ويصورون أن البرلمان الأوربي مهتم بقضية الزفزافي أو غيره، ومن يعرف كيف تشتغل المؤسسة التشريعية في الاتحاد يظهر له أن الأمر مجرد بروباغندا خاوية فقط، حيث من حق أي برلماني أوروبي أن يأتي بأي شخص من العالم ليتحدث أمام مجموعة من البرلمانيين لكن دون أي قرار.
كان على والد الزفزافي أن يعرف أن ابنه هو الآن قيد المحاكمة، فلا هو بريء ولا هو مدان ولكنه متهم، وقد تظهر براءته. فكان عليه أن يبحث عن الوسائل القانونية رفقة دفاعه من أجل استصدار حكم البراءة، لكن المحامين أنفسهم يفرون من الحقيقة ولا يريدون مواجهة الحجة بالحجة، ولا يريدون الخروج من الشكل إلى مناقشة المضمون حتى بعد أن طوت المحكمة قصة الدفوعات الشكلية.
المعتقلون في حراك الريف متهمون بالفوضى والتخريب وربط اتصالات أثناء الاحتجاجات الهدف منها زعزعة الاستقرار، وبعيدا عن تعقيدات القانون فالواقع يعبر عن الحال بأحسن طريقة، فقد تم إحراق عمارة لرجال الأمن ويوجد العديد منهم في حالة إعاقة دائمة، وهي كلها مسؤوليات جنائية، قد يكون المعتقلون متورطون فيها أو متورطون في إخراج الناس دون القدرة على التحكم فيهم. على والد الزفزافي أن يبحث عن طريقة لتخليص ولده من المكالمات الهاتفية المتعددة مع عناصر مختلفة ومضمونها الدعوة للفوضى والتخريب.
أما غير ذلك فإن المغرب بلد مستقل لن يقبل أن يتدخل فيه أحد ولن يرهن سيادته مقابل أي شيء مهما كان.
Annahar almaghribiya