بدأت علاقة أوفقير بحكام الجزائر قبل استقلالها، تحديدا عندما بدأ «أب المخابرات الجزائرية» كما يسمى، عبد الحفيظ بوصوف، في تشكيل النواة الأولى لأول جهاز مخابرات جزائري في مدينة وجدة، تحت اسم «وزارة التسليح والاتصالات العامة» (المالغ)، التي كان كل عناصرها من المغاربة الذين سيصبحون في ما بعد الحكام الحقيقيين للجزائر، بالنظر إلى المناصب العسكرية والأمنية والسياسية التي ستناط بهم بعد استقلال البلاد.
لعب أوفقير دورا محوريا في تأسيس هذا الجهاز الجزائري، بعد أن قام بتأطير «بوصوف» ومساعدته في مهمته، وقدم له كل ما يلزم من الخدمات التقنية بأمر من الملك محمد الخامس، الذي بذل كل ما في وسعه لتشجيع الثورة الجزائرية.
والمالغ هي اختصار لوزارة التسليح والاتصالات العامة التي أحدثتها الحكومة الجزائرية المؤقتة سنة 1958، وترأسها عبد الحفيظ بوصوف، واستمر عملها إلى غاية استقلال البلاد سنة 1962، كان دورها بارزا في تسليح الثوار لمحاربة الاستعمار الفرنسي، وتعتبر أول جهاز مخابرات جزائري كلف بمهمة الاستطلاع العسكري والتسليح والتنسيق بين قادة الولايات العسكريين.
كانت لـ «المالغ» عدة فروع داخل وخارج الجزائر، من بينها فرع بمدينة وجدة، احتضن مدرسة لتدريب أطرها (l’école des cadres) بعد أن تبرعت عائلتان مغربيتان بمنزلهما لهذا الغرض، وهما عائلة بوعبد الله وعائلة بن يخلف، كما أنشأ الجهاز بوجدة مديرية للإشارة والشفرات (DTN)، بإشراف مباشر من أوفقير، كانت مهمتها التنصت والإرسال اللاسلكي باستعمال الشيفرة للاتصال بوحدات جيش التحرير الوطني بالولايات الجزائرية. وكان هذا الجهاز يعتبر الأكثر نفوذا في الجزائر على الإطلاق للعبه دور الاستخبارات العامة واستعماله كشرطة سياسية.
وكان أوفقير يسهل عملية تجنيد المغاربة في صفوف جيش التحرير الجزائري، وكذلك هروب الجزائريين من صفوف الجيش الفرنسي وإدماجهم في صفوف الثورة الجزائرية. ويرتبط أوفقير ارتباطا وثيقا بخيارات «بوصوف»، فضلا عن تدريب عناصر «جماعة وجدة» والإشراف عليهم مثل عبد العزيز بوتفليقة (الرئيس الجزائري الحالي) وقاصدي مرباح (مهندس المخابرات الجزائرية) ونور الدين الزرهوني (وزير الداخلية السابق) وهواري بومدين، الذي سيصبح رئيسا ثانيا للجزائر (اتخذ أكثر القرارات المناوئة للمغرب وحاول الانتقام لموت أوفقير)، وغيرهم كثير.
وكثير من المجندين أيضا أبناء رفاقه العسكريين الذين قاتلوا إلى جانبه في صفوف الجيش الفرنسي مثل والد علي تونسي، مدير الأمن الوطني في الجزائر من 1995 إلى غاية اغتياله يوم 25 فبراير 2010، والذي ينحدر من نواحي مكناس.
يشار إلى أن «جماعة وجدة» هم نخبة من الشخصيات الجزائرية (ضباط عسكريون وسياسيون)، أغلبهم ولدوا وترعرعوا في مدينة وجدة المغربية، نشطوا خلال الفترة بين (1954 و1962)، وعندما حصلت الجزائر على استقلالها، وجدوا أنفسهم يتحكمون في كل شيء ويبسطون سيطرتهم على كل مفاصل الدولة إلى اليوم.
الأيام.