لعل الإشراف المباشر لجلالة الملك بأكادير على إطلاق التنزيل الجهوي لمخطط التسريع الصناعي لجهة سوس ــ ماسة وما صاحبه من توقيع لبروتوكول واتفاقيات خاصة به، يؤكد على تكريس الإرادة الملكية السامية للمفهوم الحقيقي للجهوية المتقدمة، حيث الإلحاح الملكي على إعطاء كل منطقة من مناطق المملكة حقها اللازم من التنمية الاجتماعية، عبر دعامات قوية ومتينة أساسها التنمية الصناعية أولا.
من المنطقي أن إطلاق التنزيل الجهوي لمخطط التسريع الصناعي 2014 ــ 2020 لجهة سوس ــ ماسة، شأنه شأن التنزيلين اللذين أشرف عليهما كذلك، في وقت سابق، جلالة الملك في الدار البيضاء وطنجة، تبقى أوراشا ضخمة ستؤسس للمغرب الجديد الذي أطلق جلالته العنان لبنائه عبر العديد من المحاور التنموية، ومن بينها الجهوية المتقدمة التي تعتمد على مخطط التسريع الصناعي والتنمية الاجتماعية، وهي جهوية ستوفر أكبر عدد ممكن من فرص التشغيل الجهوي وتتيح استقرار الرأسمال اللا مادي الذي عماده الفرد والأسرة بالعمل على استقرار الكفاءات، قبل أن تتيح استقرار الثروات المادية لكل جهة على حدة وبالتالي تحقيق الاكتفاء الذاتي لهذه الجهة أو تلك انطلاقا من ثرواتها ومؤهلاتها وكفاءاتها.
لا شك أن جهة سوس ماسة بعاصمتها أكادير ظلت منذ سنوات وما تزال إلى اليوم قطبا اقتصاديا وتنمويا متعدد الروافد، لكنه ظل في نفس الوقت يحتاج إلى تنزيل لمخططات وبرامج هادفة اهتدى إليها المغرب الجديد في إطار الجهوية المتجددة والتنمية البشرية بكل أنواعها اللتين تقومان على الفرد وكفاءته وعلى تنوع الثروة المحلية وحُسن استغلالها. فبالإضافة إلى كون الجهة وجهة سياحية تستأثر باهتمام وفود كل دول المعمور، فإنها استرعت منذئذ اهتماما كبيرا بالبنية التحتية والسياحية اللائقة، كما أنها منطقة فلاحية بامتياز تنوعت فيها المنتوجات الفلاحية وتطورت بارتباطها الوثيق بالصناعات الغذائية وبالتصدير على الخصوص.
إذا كان مخطط التسريع الصناعي لجهة سوس ماسة الغنية أصلا بثرواتها سيقوم على المنجزات الهائلة والمشاريع المهيكلة الجارية في كل الجهات تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة، سيمكنها، حسب خصوصياتها، كباقي جهات المملكة، من استقطاب الأنشطة المنتجة وخلق الثروة المادية وتقريبها من المواطنين في الآفاق القريبة، فإن المشروع الصناعي لهذه الجهة، إن كان يؤشر لانطلاق التنزيل الجهوي للاستراتيجية الصناعية الوطنية، فإنه يندرج ضمن الرؤية الملكية الهادفة، عبر تنزيل مسلسل الجهوية المتقدمة، الهادف إلى تنمية ترابية منصفة، متوازنة، مندمجة وملائمة لخصوصيات كل جهة، كما يهدف إلى جعل الجهة قطبا اقتصاديا قادرا على خلق الشغل وتثمين مواردها ودعم قطاعاتها المنتجة لضمان تنمية مندمجة في خدمة المواطن.
ويكفي قولا إنه من إيجابيات هذا التنزيل والتسريع الصناعي أنه سيؤدي إلى بروز قطب اقتصادي تنافسي بواسطة رافعات محددة وملائمة، ذلك أن هذا المشروع الصناعي الطموح يتطلع إلى خلق 24 ألف منصب شغل جديد، بشراكة مع الفيدراليات المهنية التي سيتم توفير أولاها من خلال المشاريع الموقعة من طرف مستثمرين خواص. كما أنه من أجل تحقيق هذا الهدف فإن المبادرة الصناعية الخاصة بجهة سوس ماسة تسعى إلى تعزيز القطاعات الصناعية الموجودة مع تطوير، وبطريقة تفاعلية وفعالة مجالات جديدة، وذلك في احترام تام للمعايير البيئية والتوجه السياحي للجهة.
أما في مجال الصناعة الغذائية التي تبقى الجهة مهدا لها في الأساس، فإن الجهة سيتم تدعيمها بمنصة حقيقية فعالة لتحويل المنتوجات الفلاحية، الموجهة سواء للسوق الوطنية أو لإفريقيا حيث الدول الشريكة التي تتهافت عليها كل الأسواق الدولية بجعل المغرب بوابة إليها، عبر إرساء شراكة قوية بين وزارتي الفلاحة والصناعة لفائدة الفاعلين، من خلال برنامج مشترك للمواكبة، ينخرط فيه صندوق التنمية الصناعية، وصندوق التنمية الفلاحية، وفاعلون آخرون.