ينتاب شعور من القلق المثقفين والفنانين المصريين، ويتساءلون عما يخبئه المستقبل لهم بعد الفوز الكبير الذي حققته التيارات الاسلامية في المرحلة الاولى من الانتخابات التشريعية المصرية.
وعكست وسائل الاعلام المصرية من قنوات تلفزيونية وصحف رسمية وخاصة، مظاهر القلق هذه لدى مختلف التيارات الفكرية والفنية في مصر، وقد تنوعت الاراء بين الداعين لاعطاء التيارات الاسلامية الفرصة لاظهار برنامجها، وبين المتخوفين القلقين على مستقبل الثقافة والذين يراهنون على المستقبل للاطاحة بسيطرة هذه التيارات.
ومن ابرز الاراء التي دعت الى التروي حتى الانتهاء من مراحل الانتخابات المختلفة الفنان آسر ياسين الذي قال انه "من المبكر الان التاكيد على ان التيارات الدينية حسمت السيطرة على مصر، خصوصا ان هناك خروقات في الانتخابات اجبرت اللجنة العليا للانتخابات على اعادتها في بعض الدوائر نتيجة خروقات انتخابية قامت بها التيارات الاسلامية".
من جهته قال نقيب الفنانين اشرف عبد الغفور في تصريح لوكالة انباء الشرق الاوسط "رغم انه من المبكر الحديث قبل انتهاء مراحل الانتخابات المتعددة، الا انني اعتقد ان الاسلاميين لن يتعاملوا مع الفن برجعية، ولم يصدر عنهم ما يشير الى انهم سيعادون الفن والفنانين" داعيا إلى عدم اتخاذ أحكام مسبقة.
واكد عبد الغفور ايضا ان على الفنانين "الحفاظ على مكاسبهم والتمسك بحرية الرأي والتعبير".
من جهته يخالف الروائي بهاء طاهر عبد الغفور قائلا ان "احد ممثلي التيارات الدينية المتشددة اهان ادب نجيب محفوظ ووصفه باوصاف غير لائقة على الاطلاق ما اثار العديد من المخاوف لدى طبقة عريضة من المصريين وليس لدى المثقفين وحدهم".
واضاف عبد الغفور ان هذا المسؤول الاسلامي الذي لم يكشف عن اسمه "وصف الحضارة المصرية القديمة بأنها حضارة عفنة ما يعد امرا غير مقبول، فضلا عن دعواته للقضاء على التماثيل وتغطيتها وهدم بعضها".
وتابع عبد الغفور في تصريحاته لوكالة الشرق الاوسط ان "من يتبنى ويدعو لهذه الافكار المتشددة والمتطرفة يريد بكل تأكيد ان يقضي على كل اوجه الحضارة المصرية القديمة والحديثة".
واعتبر ان "هذا التوجه مرفوض تماما ويتعين على كل من يحب مصر التصدي لهذه الدعوات والافكار من خلال المناقشة والحوار وليس عن طريق العنف خاصة من قبل المثقفين لانهم ضمير الأمة، والامة التي لا تستعين بمثقفيها امة بلا ضمير ينبهها ويستوقفها اذا ما اخطأت ويراجعها اذا ما وقعت في المحظور".
واضاف عبد الغفور انه رغم صعود التيارات الدينية في المرحلة الاولى من الانتخابات فان "مصر غير قابلة اطلاقا لان تتحول الى دولة دينية وينبغي على هذه التيارات الا تعتبر نفسها القوة الوحيدة، ويجب على اصحاب هذه التيارات الدينية الا يخونوا غيرهم ويكفروا كل من يخالفهم".
من جهته دعا رئيس البيت الفني للمسرح التابع لوزراة الثقافة سيد محمد علي في لقاء مع وكالة انباء الشرق الاوسط الى "اعطاء الاسلاميين فرصة لتطبيق رؤيتهم قبل ان نحاسبهم والا نزرع الصدمات والفزاعات منذ البداية وان اخطأوا فميدان التحرير موجود، وليس من حقنا مصادرة حق الاسلاميين في تطبيق تجربتهم خصوصا وان الشعب وعى حقوقه واي حاكم سيستبد سيقتلعه ميدان التحرير".
واضاف انه "تحدث مع كثير من السلفيين عن رايهم في المسرح ووجدهم مقدرين لقيمته ويؤمنون بان المسرح يجب ان يقدم قيمة فنية وهو ما نتفق جميعا عليه وكونهم ضد مسرح العري والاسفاف فهذا لا ينتقص منهم".
وقال سيد محمد علي ايضا ان لدى الاخوان المسلمين "مسرحا يقدم عروضا مميزة وجيدة جدا وهم بصفة عامة ليسوا ضد المسرح الهادف".
يشار الى ان سيد محمد علي كان ادلى قبل بضعة شهور فور تسلمه رئاسة البيت الفني للمسرح بتصريحات اعتبرت مشابهة لرؤية الاسلاميين للمسرح ما دفع العاملين في المسرح الى مطالبة وزير الثقافة في حينه عماد ابو غازي باقالته.
واعتبر مدير دار الكتب القومية زين عبد الهادي ان "التنوع الثقافي الذي تشهده الساحة السياسية حاليا هو في صالح المجتمع المصري ولا توجد اية قوة تستطيع ان تصادر آراء المثقفين الذين واجهوا عبر تاريخهم العديد من التحديات".
واضاف "ان المجتمع المصري وسطي بطبعه ولا يقبل التشدد الديني او السياسي وهو الذي سيحافظ على قوامه وتماسكه ضد اي تيارات متطرفة او متشددة فاذا اغضبت أعمال الأديب الكبير نجيب محفوظ تلك التيارات المتشددة وتمكنوا مثلا من مصادرة كافة الاعمال المطبوعة ورقيا فكيف لهم ان يمنعوها في ظل التقدم المتلاحق لتكنولوجيا المعلومات والانترنت فضلا عن دور التكنولوجيا الحديثة في نشر كافة أوجه الإبداع".
ومع ان محمد الصاوي مدير وصاحب المؤسسة الثقافية الاهلية ساقية الصاوي يؤكد على رفض التطرف فانه دعا المثقفين الى "التوصل مع ممثلي التيارات الاسلامية الى صيغة تفاهم مشتركة رغم المخاوف التي ادى اليها صعود هذا التيار التي لا تؤرق فقط المجتمع الثقافي بل تسبب قلقا لمختلف الفئات والمهن".