يقال إن فن السياسة هو المهارة في المناورة، ولكن الكبار آمنوا بأن السياسة أخلاق، أما البعض فقد اعتبر هؤلاء سذجا. أليس خيرا أن تكون ساذجا من أن تكون بلا صدق مع الذات، في الشدائد والمسرات، وفي الرزايا والمغانم.
ولكن في الحياة، السياسة وسيلة وليست غاية، هي جزء لتدبير عجلة عمر الإنسان وليست عمرا قد يكون الإنسان قد ضيعه هباء. إن الإنسان أولا وقبل كل شيء اختيار، ولهذا عندما وجدت القوانين والسلط لم توجد لتكون وصية على هذا الاختيار، ولكن لتكون منظمة له بين مجموعة كان قدرها العيش المشترك. والاختيار في النهاية هو الحرية، ما تعتبره طريقا مستقيما امش فيه واترك للآخرين حقهم في السير نحو قدرهم.
وإذا كانت الحكومة مسؤولة بمفهوم الآية الكريمة: "أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"، فهي لم تكن مجبرة على تحمل هذه المسؤولية، بل هي التي اختارت، وعرضت نفسها على الناس في الانتخابات، وتعاقدت معهم على أن يسلموها زمام تنظيم السير لا أن يضبطوا اختيارات الأفراد. هذا هو جوهر الحكم الديموقراطي، وهذا هو أساس احترام التعاقد الأصلي الذي هو أولا رعاية الحرية وحمايتها والتوافق بعد ذلك على حدود للمسؤولية.
إن المسؤول الأصلي قبل المواطن هي الحكومة التي يجب أن تساءل، هل آوت الناس؟ هل قسمت بينهم ما يملكون ماديا بالقسطاس؟هل وفت الأمانة بأن جعلت لأبنائهم مصباحا من نور يضمن العمل والمسكن والطريق بالمفهوم المادي والروحي؟
إذا لم ننطلق من هذه الأسس التي بنيت عليها كل التراكمات البشرية من أجل السعادة، فإننا سنظل في دائرة أخرى تنتمي إلى عصور أخرى، عصور ما قبل القيم، أي عندما تتحول هذه القيم ويصبح القوي صالحا والضعيف طالحا، ويصبح القادر فاضلا ويصبح العفيف مغفلا والمتحايل مستقيما.
كل ما يحدث اليوم ليس في المغرب فقط يدعو إلى الرهبة، بل دعني أقول إلى الرعب. فبعض الحكام الذين كان التعاقد يفرض عليهم صون اختيار الناس أصبحوا يضربون بهؤلاء من شاءوا ومتى شاءوا اللهم إلا من رحم ربّك. فعلى رأس أكبر دولة في العالم مثلا اليوم رجل أبله وتاجر في القضايا التي عاشت أجيال منا تعتبرها رمزاً لوجودها. اليوم تكاد تحس أن الظلم أصبح قيمة معتبرة، وأن الصدق خطر على معتنقه. اليوم حتى التواطؤ أصبح رخيصاً بعدما كان في زمن مضى جريمة لابد لها من أجهزة كبرى لإخفائها. وأتوقع غدا أن يصبح بعض الزعماء في هذا العالم وخصوصا في المشرق هم الذين يتباهون بالخيانة. هم الذين يشتمون شعوبهم لأنهم يحسون أن الله لم يكن كريما معهم بأن أعطاهم مواطنين ليسوا في مستواهم . شيء ما ليس على ما يرام بالتأكيد، وشيء ما سيحصل رهيب.
وسط هذه الفوضى غير الخلاقة تماما، حيث الكلمة العليا للشعبوية في الغرب وللحماقة في الشرق، ولانكسار أحلام أو أوهام السنين، كان لابد للمغرب أن يتأثر، فهو في ملتقى كل الطرق، وبالتالي حصلت فيه الكثير من الدورات في وقت وجيز، وما الاحتجاجات أو الاعتقالات أو الانتصارات أو الانكسارات أو المنجزات ، حزبية كانت أو حكومية، إلا تمظهر من هذه التمظهرات ونحن في مرحلة تحول لا أحد يمكن أن يتكهن على أي مرسى سترسو، ولذلك فالكل حذر، والكل ينتظر.
وفي أجواء مثل هذه، حيثاللااستقرار -ليس بالمفهوم الأمني بالطبع -ترتفع أسهم الطفيليات، في جل المجالات، ويتسيَّد الجهل على جل المستويات، ويتحقق بالملموس ما كان يقوله السي محمد جسوس من أن كل واحد من هؤلاء يصبح: "سليطين فكويطين"، ويكثر المفتون في ما لا يعرفون ويصبح للدولة التي هي للجميع بعض من الذين يدعون الحديث باسمها وهي لم تفوضهم أصلا، ويختلط الحابل بالنابل. وينتقل هذا ليصل إلى المجتمع نفسه المفروض أن تكون عنده مناعة، إلا أن الأمر هنا ينقصه عنصر كالأوكسجين بالنسبة للجسم، وهو التعليم أو لنقل التربية، فمرحبا بالفوضى.
وها نحن نرى أن كل شيء يتحرك وقليل منتج، وحتى المنتج المبهر بالكاد يكون له أثر، ومع كل هذه الجلبة لا أحد يحس أن رجليه ثابتتان في الأرض، هي نخبة مستفيدة ولكن خائفة، أو عامة ليس لها ما تخسر ولكن يائسة يأس الذي طال صبره، هي أيام عصيبة ولكنها رتيبة رغم أن العصيب يجب أن يكون متحركا.
إن الفهم المتعسف لما يجري ببلادنا على أنه بين الأخيار والأشرار، بين من هم ضد الوطن ومن هم معه، ومن هم مع الثوابت ومن هم ضدها، من هم خونة ومن هم وطنيون، ما هو إلا قضية متجاوزة يشهد عليها النزهاء وبعض من مازالوا أحياء ممن عاشوا سنوات الجمر، ويشهد عليها من يواريهم التراب. هذه قضية انتهت. إنها ذريعة للبعض في هذه الظروف التي يمكن أن نسميها باللااستقرار الوجداني لاهتبال الفرص، وبها يخوضون معارك صغيرة تتراكم فتصبح كبيرة ويسيئون للجميع بما في ذلك الثوابت ليحصلوا على المقابل فوق ضحايا الهشاشة والخصاص، أفلا تستيقظ السي عبد الرحيم بوعبيد ونحن نحتفل بذكراك لترى ما يجري وأنت الذي قلت ورجل لك هنا ورجل لك عند ربك: "ما أسديناه من أجل الوطن ليس هو الكمال، ولكن هذا الذي أسديناه خرج من صميم الفؤاد، طاهرا، نقيا"؟
كثيرون من أمثال السي عبد الرحيم أغلبهم منزوون في بيوتهم أو دفعوا للانزواء. وسأختم بملاحظة دقيقة للرحالة الألماني جيرار رولف، الذي جاء إلى المغرب قبل الاستعمار، أوردها أستاذنا الطيب بوتبوقالت في الدراسة الرصينة التي ينشرها على صفحات "الأيام"، يقول رولف:
"المغرب هو ذلك البلد حيث الأشياء التي لا تسير على ما يرام يمكن أن تبقى على حالها السيء لزمن أطول".
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها
1- اليك هنا كيف يكون الصراع المقدس فهل تعلمون بما هو هنا وماجرى بين الازهر وتونس بالامس
الماستر1
هذا هو سبب الجدل الازهرى االفايسبوكى فقد كان الامر صدمه ورعب فعلى بالازهر وبكل الدول العربيه والاسلاميه
انه من خلال التعليق والرد على رئيس رابطة العالم الاسلامى فهاهو الازهر يتخبط ويعلن حذف تونس من لائحة الاونطه الازهريه فلا احد كيف لجامعه سخيفه مثل الازهر ان تحذف دوله من لائحة االدول العربيه او الاسلاميه ولااحد يعلم حيث يبدو ان تلك اللائحه هى السبوره باحد فصول الازهر
فتفضلو مالذى اصاب الازهر بالرعب والان فهمت كثرة الرسائل من الزعامات ومن العراق ومصر وغيرهم فهمت الموقف فهاهو المقتبس بينما الموضوع هو هنا بالصفحه والرد على المدعو محمد العيسى الوزير السابق ومدير رابطة العالم الاسلامى والموضوع هو الهولوكوست ماحدا بنائب الرئيس الامريكى السيد
مايك بنس لارسال رسالته عن الهولوكوست
هاهو المقتبس
مفهوم
اى نعم
مافى لعب هنا بالصراع الاممى لابوك لابو من جابك انت ولحيتك لابو ستين كلب
فلما تقول رابطة العالم الاسلامى هذا يعنى خضوع الدول الاسلاميه لما سيصدر من عندى من تشريعات تتقيد بها تلك الدول فوق دساتيرها لان تلك التشريعات الالهيه الساميه هى احكام وليست قوانين فالله عزوجل يحكم ولايقنن والقانون مع اهمية وجوده الا انه لايجب ان يتصادم هنا اى قانون دستورى كان مع تلك الحاكميه الالهيه الساميه
والعلماء عندك المتقيدين بكتاب الله وسنة رسوله والسلف الصالح هم يتابعون ويدققون تلك الامور التى اطرحها ويقدمونها للعالم الاسلامى ليحكمو بها والا على ايش هذى الرابطه موجوده وكل شوى طالعين لنا خولات بقنوات فضائيات الحكومات لاالجزيره ولاجرارين لبنان بالميادين وا لام م من خنيث مبلول من اسفله مثل ابو زكريا وطقته وبيعمل لنا فيها صاحب اية ا لا مابن الشرموطه ومعه غسان بن جدو واتحاد جرارين وعلماء المسلمين قال
لامش فاضين لالك ولالهالخولات فالامر صراع اممى كبير وليس كما يصوره شراميط الجزيره والميادين وغيرهم بانها لعبة الامم
عسى علم
انتهى الاقتباس
من هنا ارتعدت مصر واصيب الازهر بالصدمه والرعب قبل الدول العظمى فحاولو يلعبو لعبة حذف تونس من لائحة الاونطه الازهريه التى هى مجرد سبوره ولذلك افضل لهم ان يشتغلو رقاصات ويتركو الازهر والدين لاهله
فانظرو بالرابط لتتعرفو على حقيقة الصراع الذى يخفيه الطواغيت ومعهم ادعياء الدين المتلاعبين بالفتاوى وبالتشريعات انهم الطواغيت ومعهم الالعن وهم ادعياء الدلين يتلاعبون بالتشريع والقانون والتقنين
ولاصوت يعلو صوت المعركه والمواجهه والنزال وليخسىء الطغاة وادعياء الدين ولاعبى الفتاوى المجرمين بلا اخوانجيه بلا سلفنجيه بلا ازهرجيه بلا اتحاد خولات المسلمين بلا كلام فاضى
انتهى مع التحيه
حرر بتاريخه
الرياض
تعليق من الرمز الاممى الكبير الماستر سيادة امين السر السيد